حورات خاصة

هل ستتخذ إثيوبيا قرار الحرب مع اشتداد الصراع على الحدود مع السودان.. ولِمَ زار السيسي الخرطوم؟

بعد سنوات من العلاقات المتقطعة، شهدت الفترة الأخيرة تقارباً كبيراً بين كلّ من مصر و السودان، لأسبابٍ يتعلق بعضها بالحاجة إلى التنسيق لمواجهة التحديات المشتركة، مثل أزمة سد النهضة وأخرى تتعلق بتكتيكات سياسية، ولعلَّ ما زاد التقارب هي زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، السبت الفائت إلى الخرطوم.

في حين، تدهورت العلاقات الدبلوماسية بين الخرطوم وأديس أبابا، خاصةً بعد التحركات العسكرية الإثيوبية في منطقة الفشقة الواقعة داخل الحدود الدولية للسودان، منذ أواخر 2020، رغم مساعي التهدئة.

وقبل ذلك، يمثل سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا منذ عام 2011 على النيل الأزرق، أبرز روافد نهر النيل، توتراً مع الخرطوم الذي ترى فيه تهديداً للأمن المائي الخاص بها.

دلالات التوقيت وأهم الرسائل التي حملتها زيارة السيسي إلى السّودان والمشكلة الحدودية بين السودان وإثيوبيا، أهمية الفشقة المتنازع عليها والتعاون العسكري بين القاهرة والخرطوم، للوقوف على كلّ هذه الأسئلة حاورت وكالة “ستيب الإخبارية” الخبير في الشؤون العربية والأفريقية والمستشار السابق في الجامعة العربية، الدكتور حامد فارس.

هل ستتخذ إثيوبيا قرار الحرب مع اشتداد الصراع على الحدود مع السودان.. ولِمَ زار السيسي الخرطوم
هل ستتخذ إثيوبيا قرار الحرب مع اشتداد الصراع على الحدود مع السودان.. ولِمَ زار السيسي الخرطوم؟

دلالات زيارة السيسي إلى السودان

يقول الدكتور حامد فارس، حول زيارة السيسي إلى السودان: “هذه الزيارة تأتي في توقيت دقيق وحساس في ظلّ تعمق أزمة سد النهضة على المستوى السياسي وانعدام الرؤية في العمل على حل يضمن حقوق الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، اتفاقاً مع مبدأ لا ضرر ولا ضرار، وبالتالي هذه الزيارة شكلت ضغطاً دبلوماسياً على إثيوبيا حول أزمة سد النهضة، فضلاً عن بحث ما تشهده الحدود السودانية الإثيوبية”.

ويُضيف: “وتمّ التأكيد خلال هذه الزيارة على رفض البلدين لسياسة الأمر الواقع التي تنتهجها إثيوبيا في قضية سد النهضة، والتأكيد على ضرورة العودة إلى المفاوضات بين الدول الثلاث، بوساطة رباعية تضمُّ الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، في ظلّ تعنت إثيوبي وإصرار على اتخاذ قرارات أحادية الجانب في ملء وتشغيل السد دون تنسيق مع كل من مصر والسودان”.

السيسي يزور السودان
صورة متداولة.. لقاء السيسي بالنائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أوّل محمد حمدان دقلو في السودان

ويتابع القول: “وبالتالي فإن نتائج هذه الزيارة ستنعكس إيجابياً على الكثير من الملفات، لأنها اخترقت ملفات شائكة رغم قصر مدتها وأظهرت تنسيق عالي بين البلدين الشقيقين وتطابق في الرؤى، وأيضاً هناك مكاسب اقتصادية في الكثير من المجالات على رأسها مشروعات استراتيجية كالربط الكهربائي والسكة الحديدية والبنية التحتية ومجالات الإنتاج الزراعي والحيواني وغيرها من المجالات التي تعود بالنفع على البلدين الشقيقين”.

اشتداد الصراع بين السودان وإثيوبيا

وفيما يخصّ المشكلة الحدودية بين السودان وإثيوبيا، يقول الخبير في الشؤون العربية والأفريقية: “في الفتره الأخيرة تصاعد التوتر الحدودي بين السودان وإثيوبيا بصورة غير مسبوقة حول منطقة الفشقة الحدودية المتنازع عليها بين البلدين. وعلى الرغم من تأكيد حكومتي البلدين من خلال عدّة تصريحات عدم عزمهما للدخول في حرب إلا أن الواقع على الأرض يعطي احتمالية اشتداد الصراع بينهما”.

ويتابع: “أكثر من قرن من النزاع الحدودي بين البلدين على الرغم من وجود اتفاقية عام 1902، التي تنظم الحدود بين مصر والسّودان وإثيوبيا، والتي تتضمن اقتطاع إقليم بني شنقول من السودان لصالح إثيوبيا مقابل عدم إنشاء أي سدود على نهر النيل، وهذا ما خالفته أديس أبابا بإقامتها سد النهضة”.

وأردف القول: “الأمور كانت مستقرة بين السودان وإثيوبيا حتى عام 2018، أثناء تولي جبهة تحرير شعب تيغراي السلطة في إثيوبيا، ولكن بعد إزاحتها عن السلطة ومجيء آبي أحمد لسِّدة السلطة في إثيوبيا، أرى أن هذا الصراع يؤدي إلى المزيد من الانقسام والتوتر بين البلدين، لا سيّما أنه ينظر للتحالف المصري السوداني على أنه ضده وأيضاً إجراء الانتخابات في مايو القادم من الممكن أن يدفع باتخاذ قرار الحرب لكي ينعكس إيجابياً على حظوظه الانتخابية”.

أهمية الفشقة المتنازع عليها

وتعليقاً على أهمية منطقة الفشقة، قال الخبير السياسي: “هذه المنطقة تقع على الحدود السودانية الإثيوبية، وتتميز أراضيها بخصوبتها الزراعية اللافتة، والتي تتعدى 600,000 فدان، ولعلَّ هذا هو السبب الأبرز في الخلاف بين الدولتين، حيث تظهر مجموعات من داخل إثيوبيا من حينٍ لآخر للقيام بعمليات نهب، والاسم الأبرز في هذه المجموعات هي عصابات الشفتا، حيث تقوم هذه العصابات بشكل ممنهج بسرقة الكثير من مواشي المواطنين السودانيين ودخلوا في اشتباكات كثيرة مع الجيش السوداني بهدف نهب ثروات السّودان ومحاولة السيطرة على هذه المنطقة ضاربين بكل الاتفاقيات الدولية عرض الحائط”.

ويواصل حديثه: “هناك اتفاقيات تعاون عسكري بين مصر والسّودان يغطي كافة المجالات سواء في التدريب وتأمين الحدود، وتمّ توقيعها في الاجتماع السابع للجنة العسكرية المشتركة وأثناء زيارة رئيس الأركان المصري الفريق محمد فريد إلى السّودان، وهذا الاتفاق يأتي في ظروف متوترة من ناحية البلدين مع إثيوبيا بسبب الإخفاق في التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة، فضلاً عن وجود حشود عسكرية على الحدود الإثيوبية السودانية لخلافهما على ترسيم الحدود بينهما”.

التحالف المصري السوداني ليس موجهاً ضد أحد

فارس يؤكد أن هذا التحالف ليس موجهاً ضد أحد، ولكن “القاهرة تسعى لترسيخ الروابط والعلاقات مع الخرطوم في كافة المجالات، خصوصاً العسكرية والأمنية والتضامن كنهج استراتيجي تفرضه الظروف الإقليمية والدولية لأن البلدان يواجهان تحديات وتهديدات مشتركة تواجه أمنهما القومي، ولأنه يصعب على دولة واحدة بناء قدرات عسكرية وتأمين البحر الأحمر الذي يستوعب 60 في المئة من حجم التجارة العالمية، بالإضافة إلى كونه مدخلاً للإرهاب والعنف وتهديداً للمنطقة برمتها”.

وختم الدكتور حامد فارس الخبير في الشؤون العربية والأفريقية حديثه لوكالة “ستيب الإخبارية”، قائلاً: “كذلك فأنه لا بدَّ من التعاون والتنسيق فيما يجري في الشقيقة ليبيا لوجود عناصر مسلحة وميليشيات تتعدل 25,000 مسلح تهدد الأمن القومي العربي، وبالتالي فإن السودان هي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري والعربي، وكان لا بدّ من التنسيق العسكري والأمني والاقتصادي في كافة المجالات لتحقيق توافق في الرؤى بين مصر والسّودان”.

حاورته: سامية لاوند

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى