مقال رأي

الدولة الوحيدة التي فازت في الحرب السورية وخطتها القادمة لأجل بشار الأسد

لقد لاعبت الكل ولعبت بالكل ولازالت أمريكا من إطار الصراع كما أرادت، وعليه فهي كانت ولازالت تستنزف كل المتدخلين في سوريل، وليس هذا فقط، فلم يتدخل أي فريق لدعم أي من طرفي الصراع “السوري – السوري” إلا بضوء أخضر “أمريكي – إسرائيلي”. 

وأحياناً بطلب منهما كلاً أو فرادى، وهذا ينطبق على الجماعات وكذا على الدول، ولعلّ من أبرز الدول التي تورطت في سوريا بناءً على طلب واضح وصريح هي “روسيا الاتحادية”. 

أما دخول إيران على خط الأزمة السورية في البدايات، إنما كان بسبب دورها الوظيفي في المنطقة، ولعله جزء من تصدير “ثورتها” الذي اقتضى أن يأخذ النزاع السوري شكل صراع “طائفي”، وهنا بعض من الأبعاد الذي بنيت عليه نظرية “الشرق الأوسط الكبير”. 

معاينة مربع 3

أمريكا خادعت ونافقت في الملف السوري، منذ عهد “أوباما” الذي طالما قال إن الأسد فقد الشرعية، وأن أيامه باتت معدودة، وكان هذا على العلن، لكن المؤشرات وكذا النتائج أن إدارته هي من أدار عملية حرق سوريا مع الإبقاء على صنيعتهم فيها “بشار” بشخصه نهاية و”أسرته المغتصبة” بداية. 

عهد “ترامب” انتهى وهو يقول مطمئناً “بشار” شاداً على يديه في ما يقوم به من تدمير بلده وقتل أهلها وتهجير أكثرهم على أساس “إقصائي” سافر. 

نعم النصف الثاني من إدارة ترامب كان التعاطي خلاله مع الملف السوري من خلال عنوان عريض وهو “أن الإدارة الأمريكية ليست معنية بإزاحة الأسد، بل بتوجيه سلوكه”، أما إدارة “بايدن” التي تبدو مرتبكة وهي عملياً ليست كذلك، فهي امتداد لمرحلة “أوباما” من جهة، وتتقاطع بذات الوقت مع إدارة “ترامب” لجهة الإبقاء على الاسد، لكن مع تعديل سلوكه. 

لكن؛ الآن وبعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان يبرز سؤال عريض فيما يتعلق بالقضية السورية وهو “هل ستكون البلد التالي الذي يشهد انسحاب الجيش الأميركي منه؟”.

قبل الخوض بالإجابة على هذا السؤال ماتمكنت لشيء من هذا سبيلاً، لا بد من التذكير بما هو واضح وهو التغاضي الأمريكي عن مساعي بعض الدول العربية لإحياء علاقاتها مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد بدلاً من منعها من القيام بذلك، هذا التغاضي يدلل على الموقف الأمريكي من ملف القضية السورية عموماً، والإبقاء على الأسد عميلاً بشكل خاص.

والواضح هنا وكنتيجة لتراجع اهتمام واشنطن بفرض عزلة على سوريا، شجع ويشجع الأنظمة  العربية على استئناف التواصل مع النظام السوري لإخراج البلد من عزلته الدبلوماسية.

وقد رأينا كيف أن بعض دول الخليج العربي عززت تواصلها مع الحكومة السورية خلال الفترة القريبة الماضية، وإن كان هذا بدرجات متفاوتة، لكن يقيني يتجه أنه ولا دولة أعادت علاقاتها مع سوريا أو تتأهب لذلك دون استمزاج رأي الإدارة الأمريكية، وأن ضوءاً أخضراً ولو كان خافتاً هو من دفع هذا البلد لإعادة العلاقات وهو من سيدفع ذاك، ولا أستبعد يوماً أن تعود دمشق لإشغال مقعدها في الجامعة العربية في ظل أنظمة عربية كلها وظيفية. 

معلوم هنا أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كان قد أعلن انتصار بلاده على تنظيم الدولة الإسلامية في شهر كانون الأول من العام ٢٠١٨، في وقتها  أعلنت الولايات المتحدة أن تدخلها في سوريا كان بهدف القضاء عليه.

وعليه؛ فبالمقارنة بين أفغانستان وسوريا لجهة الوجود الأمريكي العسكري، وبالنظر إلى سياسة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن تجاه أفغانستان والتي تستند إلى إعلان مماثل لذلك الذي أعلنه ترامب بأن مهمة أميركا قد أنجزت من المرجح أن نرى خروجاً للقوات الأمريكية من سوريا التي لا توجد فيها مصالح حيوية للولايات المتحدة. 

لكن لن يكون هذا إلا بعد التأمين على “الأسد” كسليل “للعائلة المغتصبة” من خلال إعادة علاقات الدول العربية مع “نظامه” وضمان العودة للجامعة العربية، وكمؤشر لذلك أدعوكم للنظر إلى مايجري بمحافظة درعا في المنطقة الجنوبية، التي كنت قد قلت سابقاً بأن حالها لن يكون بأفضل من حال سابقاتها من مناطق خفض التصعيد، وأن إرادة “أسرئيلية” هي من ستحدد إلى من ستؤول إليه الأمور هناك.

قالب مقال رأي 1

اقرأ المزيد|| مشروع حل لسوريا توافق عليه الأطراف المتصارعة لأول مرة.. طرح بالجنوب ووافق عليه الأكراد وأيده بشار الأسد.. هل ستقسم سوريا أم نشهد نظام حكم جديد غير مسبوق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى