اخبار العالمسلايد رئيسي

ضابط في الـ CIA وجاسوس لروسيا.. قصة اختراق العميل جيم نيكلسون للمخابرات الأمريكية بطريقة هوليودية

بعد الحرب العالمية الثانية بدأت الحرب الباردة بين قطبي العالم آنذاك: الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وفي صلب تلك الحرب كانت المعركة بين أجهزة مخابرات الدولتين في أشدها، وفي إطار تلك المعركة سعت كل من الدولتين لتجنيد عملاء لها، لاسيما في أجهزة استخبارات الدولة العدو، سواء في أجهزة المخابرات الأمريكية أو الروسية، أحد هؤلاء، كان جيم نيكلسون، وهو ضابط استخبارات رفيع داخل المخابرات الأمريكية لكنه كان يعمل لصالح روسيا.

من هو جيم نيكلسون

بدأت القصة في عام 1950، حيث وُلد جيم نيكلسون في 17 نوفمبر/تشرين الثاني من ذلك العام بولاية أوريغون الأمريكية، لأب يعمل ضابطاً في سلاح الجو الأمريكي، لينشأ جيم نيكلسون حياة حافلة اعتاد فيها على التنقل واحترام القيم العسكرية، لذلك التحق بمدرسة ديزرت الثانوية العسكرية في قاعدة إدواردز الجوية بكاليفورنيا، ليبدأ حياته العسكرية باكراً.

كان جيم يُوصف بأنه “الطفل المستقيم” من قِبل زملائه في المدرسة، إذ لم يكوّن معهم صداقات، وكان انطوائياً كما يذكر بعض زملائه. وفي الجامعة، ظل جيم على طبعه، إذ لم يحظَ بصداقات في جامعة أوريغون، إلا أنه تعرَّف على لورا سو كوبر التي كانت تجمعهما بعض الاهتمامات والطبائع المشتركة، مما قرَّبهما من بعضهما البعض لتصبح فيما بعدُ زوجته، كما أشارت صحيفة Los Angeles Times الأمريكية.

عندما تخرج جيم، في عام 1973، تركت لورا الدراسة ولم تكملها، لتلحق بجيم وتتزوجه، بينما كان قد التحق بالجيش وأصبح ضابطاً فيه. وبسبب كثرة تنقلات جيم من قاعدة عسكرية إلى أخرى في العديد من الولايات الأمريكية، كانت لورا مصدومة من ذلك الأمر ولم تستطع التكيف معه، في حين كان هذا الأسلوب من الحياة مألوفاً بالنسبة لجيم، الذي اعتاد على أجوائها منذ أن كان طفلاً، بسبب تنقلات والده الطيار.

اقرأ أيضاً: تسريب “أسرار مسيئة” عن نائبة بايدن.. والأخير يستشيط غضباً ويهدد بطرد جميع موظفي البيت الأبيض

في غضون ذلك، أخذ جيم يرتقي في الرتب العسكرية حتى ارتقى إلى رتبة نقيب وأصبح قائد سرية في الجيش، كما اهتم بتعلم بعض التقنيات الرقمية العسكرية، فتعلم التشفير وتدرب عليه وهو ما جعله يحظى بفرصة في المخابرات العسكرية، إذ حصل على منصب مرموق فيها.

وبحلول عام 1978، وُلد الابن الأول لجيم ولورا، ولم تستطع لورا الاستمرار في حياة التنقل تلك، ما جعلها تلح على جيم لترك وظيفته بالجيش، فاستجاب لها جيم وترك الجيش وانتقل بأسرته إلى كانساس سيتي وعمل بوظيفة عادية بعيدة كل البعد عن خبراته السابقة، كما عملت لورا في أحد البنوك، إلا أنها لم تستطع الاستمرار في تلك الوظيفة.

لم يستمر هذا الوضع كثيراً، إذ لم يطِق جيم حياته الجديدة تلك، وسرعان ما أصبح يتوق إلى العودة من جديد لعمله السابق، فتقدم إلى وكالات المخابرات المركزية (CIA) ليُقبل في أكتوبر/تشرين الأول 1980، وليبدأ تدريبه في كامب بيري في فيرجينيا، في الوقت الذي كانت فيه إدارة ريغان تضخ المليارات لوكالة المخابرات المركزية؛ لتعزيز تقدم الولايات المتحدة على الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة التي كانت قد وصلت لذروتها، ما مهَّد صعود جيم السريع في عالم الاستخبارات.

ويذكر أنه رغم انتهاء الحرب الباردة ورغم تفكك الاتحاد السوفييتي وتربُّع الولايات المتحدة على رأس النظام العالمي، فإن محاولات تجنيد العملاء داخل الولايات المتحدة وفي القلب منها وكالة المخابرات المركزية (CIA) من طرف روسيا ظلت مستمرة، بل وصلت إلى ذروتها بعد تفكك الاتحاد السوفييتي بعدة سنوات قليلة، وفي تسعينيات القرن الماضي، حين تمكنت روسيا من تجنيد جيم نيكلسون وهو من أحد كوادر وكالة المخابرات المركزية، والذي كان يعد أعلى ضابط استطاعت روسيا تجنيده في تاريخ صراعها مع الولايات المتحدة، مثل هذا الأمر ضربة مؤلمة للولايات المتحدة وأجهزة استخباراتها.

اقرأ أيضاً: بالفيديو||خلال بثٍّ مباشر.. كامالا هاريس تنفجر بوجه مذيع أمريكي بعد سؤالٍ عن بايدن

ضابط استخبارات متمرس

جاءت أول مهمة تجسس خارجية لنيكلسون في عاصمة الفلبين؛ مانيلا، حيث وُظف كضابط بوكالة المخابرات المركزية من عام 1982 إلى عام 1985 في مانيلا، وبدلاً من قبول وظيفة بمقر وكالة المخابرات المركزية في لانجلي في فيرجينيا بعد انقضاء مدته في مانيلا، ذهب نيكلسون على الفور من مانيلا إلى العاصمة التايلاندية بانكوك ليبقى فيها عامين آخرين، ومن هناك إلى عامين آخرين في طوكيو باليابان، وهكذا كان جيم منهمكاً تماماً في حياته المهنية الاستخباراتية، إذ ظل يقبل المهام الأجنبية الصعبة مهمةً تلو الأخرى، وبهذا أصبح جيم مدمناً للعمل المكثف، مما جعله يلغي كثيراً من الإجازات العائلية.

في عام 1990 جاءت أول استراحة كبيرة لنيكلسون عندما عُيِّن رئيساً لمحطة وكالة المخابرات المركزية في رومانيا، حيث وصل نيكلسون إلى بوخارست في أعقاب الثورة الرومانية في عام 1989 وسقوط نظام الدكتاتور تشاوشيسكو الشيوعي، في وقت كانت فيه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تفقد اهتمامها برومانيا التي خفضت العمليات فيها، ما أعطى لنيكلسون فرصة للراحة والاستقرار هناك.

بعد أن استقر جيم في بوخارست، قام برحلة إلى الولايات المتحدة في عام 1992 هو والأسرة، إلا أن لورا لم تستطع الرجوع إلى رومانيا حيث لم ترُق لها الحياة هناك، فذهبت للعيش مع أهلها من جديد في ولاية أوريغون بعد أن حصلت على الطلاق من جيم، في حين بقي الأطفال معه وعادوا إلى بوخارست.

وعقب عودة جيم نيكلسون إلى بوخارست عاد الاستقرار من جديد لحياة جيم، حيث عاد ليباشر عمله في رومانيا، وذلك بعد أن انهار الاتحاد السوفييتي الذي كانت رومانيا تُعتبر جزءاً منه سابقاً، إذ تواجد الجيش السوفييتي على الأراضي الرومانية لفترة طويلة بعد الحرب العالمية الثانية؛ وهو ما ساهم في قيام جمهورية رومانيا الشعبية الاشتراكية الموالية للاتحاد السوفييتي.

اقرأ أيضاً: حسناء الشاشة الأمريكية جينيفر لورنس ترقص وتركض فرحاً بالشارع بعد فوز جو بايدن – فيديو

وعلى الرغم من انهيار الاتحاد السوفييتي أيضاً، عبَّر بعض المسؤولين الأمريكيين في بوخارست عن قلقهم من أن جيم قد يكون في بيئة تسمح بتجنيده من قِبل عملاء المخابرات من بقايا الكتلة الشيوعية المتداعية، فيما أُرسلت تلك المخاوف إلى رؤساء نيكلسون في مقر وكالة المخابرات المركزية.

السنوات الأخيرة قبل اكتشافه

وفي يونيو/حزيران 1994، دخل نيكلسون إلى السفارة الروسية في كوالالمبور؛ ليحصل على أول دفعة من المال مقابل ما قدَّمه إلى الروس من معلومات، والتي كان قدرها 12 ألف دولار، بينما لم يكن أحد بالسفارة الأمريكية في كوالالمبور، أو الدائرة الاستخباراتية من زملائه يعلم ما يحدث من قبل جيم، الذي كان يُنظر إليه على أنه ضابط له مستقبل ذهبي.

وقال تحقيق الـFBI إن نيكلسون كان مسؤولاً عن منشأة لتدريب عملاء المخابرات الأمريكية في فيرجينيا خلال سنوات عمله الأخيرة بالولايات المتحدة، وهو ما منحه إمكانية الوصول إلى معلومات حساسة للغاية، من ضمنها بما الوصول إلى معلومات السيرة الذاتية والمهام لكل المسؤولين التابعين لوكالة المخابرات المركزية الذين دُرِّبوا خلال فترة عمله.

وبعد اعتراف من جيم بما فعله؛ حصل على عقوبة بالسجن لمدة 23 عاماً، في حين ذكرت لائحة اتهام جديدة ضد جيم أن الروس يعتقدون أن جيم نيكلسون قد يكون قادراً على تزويدهم بمعلومات قيمة من مكانه – أي في محبسه – وهو ما جعل السلطات الأمريكية تمنع تحدث أي شخص إلى نيكلسون إلا 6 أشخاص فقط، وصرح قاضي القضية أنه من المحتمل أن يظل جيم في الحبس الانفرادي حتى عام 2025 على الأقل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى