اخبار العالم العربيسلايد رئيسي

“شرق أوسط بِلا إيديولوجيات”.. مسار ثالث يسلكه بن سلمان بعد لقاءه بايدن

حمل الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته للسعودية قبل أيام، تصورات خاطئة بشأن ما تريده دول الخليج العربي على المستويين الإقليمي والدولي، فـ بايدن الذي عاد إلى بلاده خالي الوفاض، عكس ما كان يتمناه، غفل عن أن السياسات الأمريكية في المنطقة، منذ حرب العراق، دفعت بدول الخليج إلى محاولة ضبط علاقاتها مع الولايات المتحدة عبر السعي إلى سياسات بديلة لا تتوافق بالضرورة مع سياسة واشنطن في الشرق الأوسط.

بايدن يعود خالي الوفاض

وقدم بايدن الذي بدأ أول جولة له بالشرق الأوسط منذ توليه الرئاسة، رؤيته واستراتيجيته لدور الولايات المتحدة، خلال قمة جدة، وتعهد ألا تترك أمريكا الشرق الأوسط بفراغ تسعى روسيا والصين إلى سدّه، غير أن الرد الصيني جاء مباشرة عقب خطاب بايدن، واعتبر أن دول المنطقة هي ذات سيادة وحرة التصرف باختيار حلفائها.

وعن ناتو الشرق الأوسط، أعلنت الإمارات العربية أن لا مصلحة لها في الانضمام إلى تحالف مناهض لإيران، وقال أنور قرقاش، مستشار رئيس الإمارات العربية، “نحن منفتحون على التعاون، لكن ليس التعاون الذي يستهدف أي دولة أخرى في المنطقة، مضيفاً أن الإمارات بصدد إرسال سفير إلى طهران. وهو المزاج السائد أيضاً في الرياض التي تفضل الحلول الدبلوماسية بدلاً من الاستفزازات المزعزعة للاستقرار، وهو ما تختلف فيه دول الخليج مع إسرائيل وأمريكا.

وفي هذا الصدد، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة فلوريدا الأطلسية، روبرت رابيل والمحامي فرانسوا علم، إلى أن القمة التي عقدت في جدة، كان يأمل فيها بعض القادة المشاركون بتحسين علاقاتهم مع الولايات المتحدة، لكن هذا لا يعني الدخول معها في تحالف ضد روسيا والصين أو إخراجهما من الشرق الأوسط، كما أوردت صحيفة “ناشونال إنترست”.

اقرأ أيضاً: السعودية توجه صفعة لبايدن و”تحرك القرن” ليس من روسيا

في ظل هذه الخلفية، لم تلق الدعوات الأمريكية للمجتمع الدولي من أجل معاقبة روسيا إثر غزوها أوكرانيا أذاناً صاغية، بما فيها داخل العالم العربي.

موقف من الحرب الروسية

ومنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، سار القادة العرب بحذر على حبل مشدود بين الدول الأطلسية من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، بحسب الصحيفة، التي تشير إلى أن بن سلمان يحاول توجيه العالم العربي ويستعيد الوحدة العربية والنفوذ الدولي بشكل مستقل عن تحالفات القوى العظمى.

ويقول الكاتبان “نادراً ما حظي زعيم عربي بدعم مصر كأكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، ودعم المملكة الأردنية الهاشمية بثقلها السياسي والديني والعراق الذي مثل مركز حكم العباسيين. توصل القادة العرب الملتفون حول ولي العهد إلى تفاهم أساسه أن وحدتهم ونهضتهم لا يمكن تحقيقهما إلا من الاستقرار والازدهار. هم يوافقون بالكامل على نظرة محمد بن سلمان بأن أزمة أوكرانيا قدمت فرصة للعالم العربي لا لإعادة إحياء الأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط وحسب بل أيضاً كمكسب للتموضع في منتصف خط الصدع العالمي الذي يضع العالم الغربي في مواجهة روسيا والصين. لقد فات واشنطن كيف أن سياستها الأوكرانية ساعدت في صياغة نظام عالمي جديد”.

عالم من 3 معسكرات

ومن وجهة نظر شرق أوسطية، تابع الكاتبان، تؤدي أزمة أوكرانيا إلى تأسيس عالم من ثلاثة معسكرات: واحد غربي بقيادة الولايات المتحدة وثانٍ غير غربي بقيادة روسيا والصين وثالث غير منحاز.

في المعسكر الوسط، يجد العالم العربي نفسه قريباً من الولايات المتحدة لكنه غير مستعد ليكون جزءاً من تحالف يستهدف روسيا والصين أو يخرجهما من الشرق الأوسط. من ناحية ثانية، يحافظ العالم العربي على تعاونه وتجارته مع روسيا والصين ويعززهما، لكنه لا يدعم سياساتهما الانتقامية. يترتب على ذلك أنه بمقدار ما يقلق القادة العرب من سلوك إيران الإقليمي العدواني وبنائها العسكري، بما فيه برنامجها النووي، يقلقون أيضاً من احتمال نشوب حرب إقليمية كارثية. هم يحبون أن يكونوا جزءاً من تحالف إقليمي رادع لإيران لا جزءاً من محور معاد لإيران ويستهدف طهران. يودون أن يوازنوا علاقاتهم من دون إغراق المنطقة في حرب كارثية.

شرق أوسط جديد

في هذا الصدد، يوضح الأكاديمي السعودي، تركي الحمد، ما وصفه بـ “الشرق الأوسط الجديد” الذي يسعى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لجعله حقيقة.

وقال الحمد في تغريدة له على تويتر، “شرق أوسط جديد.. هذه هي اللافتة التي يرفعها محمد بن سلمان تحديداً، عنواناً للمرحلة القادمة من تاريخ هذه المنطقة، فماذا يعني هذا المصطلح؟ في تقديري المتواضع، فإن ذلك يعني بشكل رئيسي، دون إهمال تفاصيل كثيرة، ثلاثة أمور محورية ومفصلية، هي، أولا: شرق أوسط خال من الايديولوجيات”.

وأضاف الأكاديمي السعودي، “وبالتالي خال من الصراعات العبثية التي لا مبرر لها في نهاية المطاف، والتي هي في النهاية مجرد كلمات تتلاعب بوجدان جماهير تأسرها الكلمات، وتهيجها الخطابات.. ثانياً: الاقتصاد هو المدخل الحقيقي للتغيير، وليس السياسة المحملة بأثقال ايديولوجية، فهو البنية التحتية لأي تغيير ذي غايات مستقبلية”.

مواضيع ذات صلة: بن سلمان صدم بايدن..مرحباً بـ”قبضة” ووداعاً “بلا نفط”، والسعودية “المنبوذة” حلم تل أبيب

 

وتابع الحمد، “ثالثاً: تحويل خريطة هذه المنطقة من اللون الأصفر الجاف إلى اللون الأخضر الريان، وهو أمر أصبح قابلاً للتحقيق مع تكنولوجيا العصر. قد يكون الأمر صعباً ولكنه ليس مستحيلاً، فمن استطاع بهذه التقنية سبر أعماق الكون، ليس عاجزاً بها ومعها تغيير بيئة كوكب يكاد لا يذكر على خريطة هذا الكون”، على حد قوله.

"شرق أوسط بِلا إيديولوجيات".. مسار ثالث يسلكه بن سلمان بعد لقاءه بايدن
“شرق أوسط بِلا إيديولوجيات”.. مسار ثالث يسلكه بن سلمان بعد لقاءه بايدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى