الشأن السوري

لا تتركوا أثراً.. تقرير مروّع يوثّق “محارق الأسد” والقائمين عليها لإخفاء هوية ضحاياه

في مكان يقع بين قرية القنية ومدينة الصنمين في درعا جنوب سوريا، يُصدر ضابط لدى النظام السوري تعليماته لشخصٍ يحمل غالون البنزين لسكبه على وجه صاحب الجثة ويديه وكامل جسمه، ثم يتم بعد ذلك ركل الجثة لتسقط في الحفرة، عملية يكررها المُجنّد مع كل جثة وبنفس ترتيب الخطوات.

ما حدث في تلك المنطقة في عام 2012، يشبه ما حدث في حي التضامن الدمشقي، عندما جمع عناصر النظام السوري المدنيين بعد اعتقالهم من الحواجز الأمنية في العاصمة دمشق، وألقوا بهم داخل حفرة كبيرة قبل أن يشعلوها بالنيران لطمس الجريمة.

لا تتركوا أثراً

يكشف تحقيق جديد نشره “المركز السوري للعدالة والمساءلة” أن المخابرات العسكرية السورية والفرقة التاسعة التابعة للجيش السوري أحرقت جثث المدنيين والمنشقين وعناصر من المعارضة وغيرهم من المقاتلين الذين قتلوا في إعدامات ميدانية”.

واستند تحقيق “لا تتركوا أثراً” على مقاطع فيديو تم بثها في السنوات الأولى من الثورة السورية، عندما كان أحد رعاة الأغنام في عام 2012، متواجداً في المنطقة، حيث شاهد عناصر النظام السوري وهم يضرمون النار، وكشف عندما اقترب بعد رحيلهم، أن ما كانوا يقومون بإحراقها هي عظام بشرية.

لم يعلم حينها راعي الأغنام أن إخباره أحد عناصر المعارضة المسلحة بالواقعة، سيكون سبباً مباشراً لنصب كمين لقوات النظام السوري، حصل على إثرها أحد مقاتلي المعارضة على حاسوب، كانت مشاهد الفيديو فيه بداية لتحقيق يكشف انتهاكات فظيعة للنظام السوري.

وكشف التحقيق الطريقة الممنهجة التي وثّقت بها حكومة النظام السوري تدمير الرفات البشرية.

وقال المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة، محمد العبد الله، إن “ضباطاً رفيعي المستوى في المخابرات العسكرية السورية والجيش السوري شاركوا في التدمير غير المشروع للرفات”. وأضاف “لقد فعلوا ذلك أثناء تصويرهم من قبل ضباط في المخابرات العسكرية، مما يشير إلى أن جميع مستويات الجيش كانت على دراية بإتلاف الأدلة على الجرائم”.

ويوثق التقرير حالات أسرت فيها قوات النظام السوري غير المقاتلين. ففيما كان ينبغي اعتبار هؤلاء المدنيين أشخاصًا محميين بموجب القانون الإنساني الدولي يكشف تحقيق المركز السوري للعدالة والمساءلة أنهم تعرضوا لعمليات إعدام ميدانية، وأن جثثهم دمرت، مما قد يعوق التحقيقات الجنائية التي يمكن استخدامها في جهود المساءلة المستقبلية.

وقال المحقق الرئيسي في التقرير، “اعتمد تحقيق المركز السوري للعدالة والمساءلة على أدلة تم العثور عليها من جهاز كمبيوتر محمول حكومي يحتوي على أدلة فوتوغرافية ومقاطع مصورة، على التعذيب والقتل وجرائم ما بعد الوفاة التي ارتكبتها المخابرات العسكرية وأعضاء اللواء 34 المدرع التابع للفرقة التاسعة”.

وأضاف “بينما تم تقديم معظم هذه الأدلة مباشرة من قبل الجناة، كان المركز السوري للعدالة والمساءلة قادراً على مطابقة النتائج التي توصلنا إليها من خلال معلومات مفتوحة المصدر، ووثائق استخبارات حكومية محفوظة مسبقاً في قاعدة بيانات المركز السوري للعدالة والمساءلة”.

وعمل المركز على تحليل 13 مقطع فيديو تعود إلى العامين 2012 و2013 تظهر عمليات نقل جثث وحرقها ودفنها في حفر بمثابة مقابر جماعية في محافظة درعا.  وتظهر أربعة مقاطع عناصر من المخابرات العسكرية والفرقة التاسعة وهم يتخلصون من 15 جثة على الأقل، يرجح أنها تعود لمدنيين ومنشقين في منطقة اللجاة.

وهذه ليست أول مرة تكشف فيها جرائم ارتكبها النظام السوري، حيث أفاد تحقيق نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، عن واقعة مشابها في حي التضامن “حيث قتل النظام السوري عشرات الأشخاص ودفنهم في حفرة كبيرة” خلال عام 2013.

ويظهر في شريط مصور عنصر من قوات النظام يطلب من أشخاص عصبت أعينهم وربطت أيديهم الركض، وحين يهمون بذلك يتم اطلاق الرصاص عليهم ويقعون في حفرة تكومت فيها جثث أخرى. وبعد قتل 41 رجلاً جرى إحراق الجثث.

اقرأ أيضاً: النظام السوري يخرج عن صمته حيال “مجزرة التضامن”.. والسبب تهديد فرنسي!

"لا تتركوا أثراً".. تقرير مروّع يوثّق "محارق الأسد" والقائمين عليها لإخفاء هوية ضحاياه
“لا تتركوا أثراً”.. تقرير مروّع يوثّق “محارق الأسد” والقائمين عليها لإخفاء هوية ضحاياه “لا تتركوا أثراً”..”لا تتركوا أثراً”. لا تتركوا أثراً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى