حورات خاصة

أردوغان إلى بغداد وعينه على كردستان.. مياه وقواعد عسكرية وبوابة جديدة نحو العرب

تترقب الأوساط السياسية والحكومية في العراق، زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المحتملة خلال الأيام القادمة، لحسم ملفات مهمة وحساسة بين البلدين لعلّ أبرزها ملفي المياه والاقتصاد.

وكشف بيان للحكومة العراقية، الأسبوع الفائت، عن زيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة بغداد، لعقد مباحثات مع المسؤولين العراقيين، دون كشف أي تفاصيل عنها وعن موعدها الرسمي.

حول هذه الزيارة، يقول الباحث في الشأن العراقي كفاح محمود لوكالة ستيب الإخبارية: “الرئيس التركي يزور بغداد لكي يواجه سلة مكتنزة بالعتب عليه وعلى دولته وخاصةً في موضوع المياه والقواعد العسكرية في إقليم كردستان”.

ويضيف: “العراق وإقليم كردستان كانا السبب في عدم انهيار دولته اقتصادياً، حيث تجاوزت تجارته مع العراق وكردستان أكثر من عشرين مليار دولار ناهيك عن أن أكبر مشتريي العقار التركي هم من العراقيين وأكبر عدد سياح هم أيضاً من العراقيين”.

ويرى محمود أن أردوغان يواجه تحدياً كبيراً، مضيفاً “حججه في تواجد عناصر حزب العمال لن تقنع العراقيين كثيراً”.

وبحسب الباحث السياسي فإن من أهم الملفات التي سيتم مناقشتها في بغداد هي: المياه والقواعد التركية وحزب العمال الكردستاني.

وفيما يتعلق بأهمية هذه الزيارة بالنسبة لإقليم كردستان، يقول محمود: “لا شك أن الصراع بين العسكر التركي وعناصر العماليين يقلق إقليم كردستان ويترك آثاراً قاتمة على وضع الأهالي خاصةً وأن هذا الصراع يجري على أراضي إقليم كردستان، حيث تمَّ تهجير سكان أكثر من 500 قرية في محافظة دهوك وزاخو ومنع الحكومة الإقليمية بتطوير تلك المناطق بسبب وجود عناصر حزب العمال هناك، ناهيك عن أن صراعهما – أي تركيا ومعارضيها في شنكال- أدى إلى عدم عودة أكثر من ربع مليون نازح إلى مدينتهم وقراهم”.

ويزيد: “يتأمل الكثير من الأهالي في هذه المناطق زيارة الرئيس أردوغان فرصةً لحل تلك الإشكاليات”.

وتسبب وجود عناصر حزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة “منظمة إرهابية” في الأراضي العراقية، في العديد من الأزمات السياسية بين البلدين، كان آخرها العام الماضي عندما اتهمت بغداد القوات التركية بقصف منتجع سياحي في دهوك والتسبب في قتل عدد من المواطنين وهو ما نفته أنقرة.

“تصفير المشاكل”

من جهته، يقول الباحث في الشأن السياسي والاقتصادي نبيل جبار التميمي لوكالة ستيب الإخبارية، إن زيارة أردوغان إلى بغداد “تهدف إلى تصفير المشاكل”.

ولفت إلى أن “مشروع طريق التنمية الرابط بين البصرة على الخليج العربي والأراضي التركية سيكون متصدراً للاهتمام، لأنه سيفيد الأتراك بالدرجة الأولى”.

“زيارة تاريخية”

بدوره، يقول الباحث في الشأن التركي محمد زاهد لوكالة ستيب الإخبارية، إن زيارة أردوغان المحتملة إلى العراق التي لم تتأكد حتى الآن عبر المصادر التركية “مهمة لأسباب كثيرة جداً، فآخر زيارة للرئيس التركي إلى العراق كانت عام 2011، ومنذ ذلك التاريخ لم يشهد العراق زيارة هكذه”.

ويزيد: “هذه الزيارة بهذا الشكل ستحمل الطابع التاريخي؛ إذ تخللت هذه الفترة الزمنية توترات متباينة”.

ويتابع: “بطبيعة الحال كان هناك لقاءات وتبادل زيارات بين مسؤولي البلدين، لكن من المؤكد أن زيارة السيد أردوغان تحمل الكثير من الدلائل التاريخية”.

وبحسب الباحث السياسي فإن “هناك ملفات مشتركة وخلافات بين الطرفين تحتاج إلى وضع لمسات و حل في هذا السياق على رأسها مسألة المياه؛ فالمسألة بالنسبة للعراق ليست الحصة المائية المخصصة له لأن الأجوبة التقليدية المتعارف عليها خلال السنوات الماضية في مثل هذه الأمور هي التأكيد التركي على أن الحصة العراقية تستوفى وأن هناك إشكالية عبر الممر السوري وهناك إشكاليات مشابهة في هذا السياق من الطرف العراقي وأن عدم استخدام الماء بطريقة جيدة وصحيحة وعدم وجود عدد كافي من السدود داخل العراق هي التي تتسبب في وفرة المياه في نهري الدجلة والفرات”.

ويضيف: “بعيداً عن هذه الأجوبة التقليدية أو المبررات إلا أن هذه المسألة بالنسبة للعراق أصبحت تهديداً للأمن الغذائي والبيئي، لأن ضحالة الماء أصبحت ظاهرة لا يمكن السكوت عليها من أي مسؤول عراقي وكذلك هناك غضب كبير بين الشعب العراقي. طبعاً هذا الغضب إعلامياً يتوجه إلى الطرف التركي ولكن من المؤكد أن الطرف الإيراني ليس بعيداً عن هذا المشهد.

كل ما يُقال عن تركيا أنا في رأيي ينطبق على إيران وأكثر بالنسبة للحصص المائية التي يجب أن تُعطى للعراق من قبل إيران وهذا الموضوع للأسف لا يتم تغطيته إعلامياً”.

يعتقد الباحث السياسي أن موضوع التنسيق الأمني “سيتعاظم من خلال هذه الزيارة لا سيما موضوع مكافحة الإرهاب وموضوع التنسيق الأكبر فيما يتعلق بحزب العمال الكردستاني، وخاصةً أن بغداد وأنقرة متفقتين أكثر من أي وقتٍ آخر في إطار التحرك المشترك فيما يتعلق بموضوع الإشكاليات الحدودية بين الطرفين.

وشهدنا في الزيارة السابقة للسيد السوداني إلى أنقرة تفاهمات في هذا السياق. أنا أعتقد أنها ستمضي قدماً إلى الأمام”.

ويواصل كلامه: “المقاربة الأمنية العراقية الجديدة وكذلك تواجد الحكومة المركزية لأول مرة خلال السنوات الماضية في مناطق كردستان العراق وعلى خط الحدود التركية السورية لا شك أنه سيؤدي لا محالة إلى مزيد من التعاون التركي العراقي فيما يتعلق بالإشكاليات الحدودية لئلا يحصل أي تجاوزات كما كانت تحصل في سنوات العشرين الماضية”.

ويرى زاهد أن موضوع إعادة تفعيل خط جيهان النفطي سيكون حديثاً مهماً خلال الزيارة المحتملة، قائلاً: “كلنا نعرف الإشكاليات التي حدثت بسبب تصدير النفط والغاز خلال السنوات الماضية بين تركيا وكردستان العراق ونتائج المحكمة التي حصلت وأيضاً التفاهمات الأخيرة التي حصلت بين بغداد وأنقرة في هذا الخصوص وبين أنقرة وأربيل وبين أربيل وبغداد أيضاً في هذا الخصوص، وبالتالي إعادة ربما توزيع الحصص والأرباح وكذلك تفعيل هذا الخط بشكل أكبر مما كانت عليه الأمور خلال السنوات الماضية بحيث أن الجميع يستفيد من هذا الممر بشكل أفضل ويعود بالنفع على كل الأطراف”.

الباحث السياسي يعتقد أن الأمر الأخير والعنوان الأبرز في هذه الزيارة سيكون الشراكات الاقتصادية، قائلاً: “العراق بشكل عام يعد أكبر شريك اقتصادي لتركيا في العالم العربي أولاً وهو أكبر شريك اقتصادي بعد ألمانيا ثانياً وحجم التبادل التجاري كبير للغاية ولا شك أن مضاعفة هذه الأرقام أمر ممكن”.

ويردف: “من المؤكد أن هذه الزيارة سوف تأتي بتفعيل الكثير من بنود الاتفاقيات التي وقعت ربما في عام 2008 و2009، إلا أنها لم ترَ النور بسبب عدم الاستقرار الأمني والسياسي داخل العراق، وبالتالي نحن أمام استحقاقات عراقية ولا شك أن تركيا ستساهم وستكون شريكاً في هذا الأمر بشكل كبير”.

التبادل الاقتصادي وتطوير الشراكة أمر مهم بالنسبة للبلدين وللزعيمين؛ فالسوداني بحاجة إلى قصة نجاح والسيد أردوغان أيضاً بحاجة مستعجلة إلى قصة من هذا النوع ليرى انعكاسات هذا التعاون على المشهد الاقتصادي الذي يعاني من أزمات بشكل واقعي وحقيقي في المشهد التركي. لا شك أن العراق والتعاون معه وترتيب الأوراق معه سيساهم بشكل فاعل في التعافي الاقتصادي الذي ترجوه أنقرة من هذه الزيارة، وفقاً للباحث السياسي.

وفي مارس/ آذار الماضي، أجرى رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني، زيارة رسمية إلى العاصمة التركية أنقرة، على رأس وفد وزاري وأمني كبير، بحث خلالها عدّة ملفات أبرزها الأمن والحدود والمياه والطاقة وتوسيع نطاق التجارة بين البلدين.

طريق التنمية

فيما يتعلق بطريق التنمية، يقول الباحث السياسي التركي: “لم يتم الحديث عن هذا الموضوع كثيراً لكن هذا الطريق وبمشاركات إقليمية لا شك أنه سيغير مسار العلاقات التجارية بين تركيا والعالم العربي”.

ويضيف: “بدايةً يمكن أن نقول إن بوابة تركيا إلى العالم العربي خلال ربما المئة عام الماضية كانت البوابة السورية لكن عندما نتحدث الآن عن طريق التنمية سنتحدث عن البوابة التي ستكون بالنسبة لتركيا ممراً للعالم العربي، وبالتالي نحن نتحدث أولاً عن مسار اقتصادي لا شك أنه سيعود بالنفع الكبير لكلا الطرفين وأيضاً نتحدث عن سرعة لوصول الخطوط التجارية ببعضها بين تركيا ومنطقة الخليج العربي التي تعتبر أهم سوق ومنطقة عربية حيوية في الوقت الراهن، وبالتالي عندما نتحدث عن دول كبيرة مثل مصر وغيرها نحن نتحدث عن الطريق البحري المباشر بين مرسين ومصر، ولكن عندما نتحدث عن دول الخليج فنحن نتكلم عن مسافات كبيرة لكن عن طريق تدشين طريق التنمية هذه الأمور ستكون أفضل لكل الأطراف المعنية”.

ستيب: سامية لاوند

أردوغان إلى بغداد وعينه على كردستان.. مياه وقواعد عسكرية وبوابة جديدة نحو العرب
أردوغان إلى بغداد وعينه على كردستان.. مياه وقواعد عسكرية وبوابة جديدة نحو العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى