تحميل سعر البتكوين... | تحميل الدولار مقابل الليرة التركية... | تحميل الدولار مقابل الليرة السورية... | تحميل الدولار مقابل الدينار الجزائري... | تحميل الدولار مقابل الجنيه المصري... | تحميل الدولار مقابل الريال السعودي...
تحقيقات ستيباخبار سوريااقتصاد ومال

اقتصاد الظل.. قصة “شام كاش” وهل تتحول رواتب السوريين إلى وقود لطبقة جديدة من الأثرياء؟

أثار قرار وزارة المالية السورية الصادر مطلع هذا الشهر بتحويل رواتب الموظفين والمتقاعدين في الدولة عن طريق تطبيق “شام كاش” التابع ضمنياً لبنك “شام” المؤسس في إدلب، حالة من الجدل بين السوريين، ومخاوف حول إمكانية وجود تجاوزات إدارية ومدى أمن المعلومات التي سيحصل عليها التطبيق من مئات آلاف الموظفين، فمن يقف خلف هذا البنك وماذا يجري خلف الكواليس؟

 

بنك شام في إدلب

خلال سيطرة “هيئة تحرير الشام” على محافظة إدلب شمال غرب سوريا، قررت من خلال حكومة الإنقاذ التابعة لها عام 2018، تحويل شركة “الوسيط” للحوالات المالية، التي كانت تديرها، إلى بنك مالي، ويعمل البنك على استقبال الحوالات المالية الخاصة بشركة “وتد” للمحروقات التي بدورها كانت تتبع لـ”الهيئة” أيضاً، إضافة لعملية شراء العملة الأجنبية من السوق ومحاولة ضبط سوق الصرافة تحت إداراتها بالمنطقة.

مصدر اقتصادي سوري فضّل عدم ذكر اسمه، تحدث لوكالة “ستيب الإخبارية”، مشيراً إلى أن مؤسسي هذا البنك الناشئ هم “عبد الرحمن سلامة” وهو ما يوصف بأنه ظل الرئيس السوري، أحمد الشرع وذراعه الاقتصادية، والذي كان يشغل منصب “أمير” بهيئة تحرير الشام في حلب، ويملك شركة “الراقي” للإنشاءات.

ونفذت “الراقي” مشاريع استثمارية وسكنية، وقامت بأعمال خدمية، منها تعبيد وتوسعة الطرق والأبراج الكهربائية (عالية التوتر) ومدارس ومشافٍ، وكانت من بين أبرز المساهمين في القفزة الصناعية والبنيوية التي شهدتها إدلب، في السنوات الأخيرة.

وحسب وسائل إعلام سورية كانت الشركة تتهم باحتكار السوق الاستثماري في إدلب، وإقصاء المنافسين، الذين تقدموا لمشاريع مشابهة للتي تقوم بها “الراقي”، إذ استحوذت على مناقصات شق طرق وإنشاء مشاريع إعمار وسكنية تتبع لمنظمات، مثل “آفاد” التركية.

أما الشخصية الثانية بتأسيس بنك شام، حسب المصدر ذاته، هو “حازم الشرع“، وهو الشقيق الأكبر للرئيس السوري أحمد الشرع، وعمل قبل عودته لسوريا في شركات عالمية منها شركة بيبسي- جود سوريا، حيث اكتسب خبرة في مجال إدارة المبيعات والتخطيط الاستراتيجي.

 

ومن هناك، انتقل إلى مناصب عليا في قطاع السلع الاستهلاكية، حيث شغل منصب مدير الأعمال في قطاع المنتجات الاستهلاكية سريعة الدوران (FMCG).

وقاد عمليات تطوير العلامات التجارية العالمية “ريكيت بينكيزر”، “ديوراسيل”، “فيليدا”، و”بيك”، إضافة إلى مشاريع خاصة بالمنتجات الغذائية والعصائر ضمن مجموعة “KFF” في العراق.

في عام 2018، عُيّن في منصب المدير التنفيذي العام للمبيعات والتطوير في “بيبسيكو العراق”، حيث كان مسؤولًا عن إدارة العمليات التشغيلية وتحقيق نمو في المبيعات، ثم تولّى لاحقًا منصب المدير العام لمجموعة “كرونجي” بين 2019 و2022، حيث واصل تطوير استراتيجيات الأعمال في قطاع الأغذية والمشروبات.

وجرى تعيينه مؤخراً بمنصب مدير هيئة الاستثمار السورية، والتي جرى استحداثها للإشراف على كل الاستثمارات الأجنبية بالبلاد.

ويقول الخبير والمحلل الاقتصادي السوري، يونس الكريم، في حديث لوكالة “ستيب الإخبارية”: يتجه القرار نحو توسيع دور شركات الصرافة بحيث تتحول إلى كيانات تقوم بمهام تقارب تلك التي تقوم بها المصارف التقليدية. وهذا التوجه يتعارض مع قانون إحداث شركات الصرافة رقم 24 لعام 2006، الذي ينص صراحةً في المادة 9 الفقرة “ج” على أن دور هذه الشركات يقتصر على تحويل الأموال بناءً على طلب الأفراد، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى فروع بنكية. مثل هذا التحول قد يُفقد القانون معناه الأصلي، مما يفتح الباب أمام تجاوزات تؤثر سلباً على تنظيم الجهاز المالي الوطني”، مشيراً بذات الوقت إلى أن بنك شام كان شركة صرافة تعمل بإدلب وتحول لبنك لكن دون تراخيص رسمية حتى الآن.

 

ما هو أهداف القرار الجديد؟

يعتبر التحول الرقمي واحداً من الأهداف المهمة التي تحتاجها سوريا خلال المرحلة الجديدة، لا سيما أنها ستخفف ضغط الطلب على السيولة المالية، وسط نقص كبير بهذه السيولة.

يقول “الكريم”: ” تعكس المبادرة المعلنة رغبة في تخفيف الازدحام الناتج عن قيود السحب التي يفرضها مصرف سورية المركزي على المصارف التي تقوم بتوزيع الرواتب، إلا أن الفجوة في البنية التحتية بين شركات الصرافة مثل “الهرم” و”الفؤاد” وبين المصارف العامة والخاصة تثير تساؤلاً مهماً. فحينما تُعتمد شركات صرافة ذات انتشار محدود للقيام بدور حيوي في عملية توزيع الرواتب، قد تكون النتيجة مضاعفة للضغوط بدلاً من تخفيفها، مما يستدعي إعادة النظر في الأهداف الموضوعة والآليات التنفيذية لضمان تحقيق الكفاءة المنشودة”.

ويضيف: ” التحول إلى شركات الصرافة بدل المصارف إنما هي رسالة أن هناك كتلة رواتب تدفع لأناس مجهولين يتوقع أنهم أجانب، حيث أن الشركات الصرافة لا يمكن تعقبها وخاصة أن الشركة عدد موظفيها محدود، على عكس المصارف”.

 

مخاطر محتملة

ولا يخلو القرار من مخاطر على الاقتصاد السوري عموماً، في مرحلة حساسة يمر بها، لا سيما أن العقوبات الغربية لا تزال لم ترفع بعد عن البلاد، مع استمرار المطالب والحشد الدولي والإقليمي لدعم رفعها من قبل الولايات المتحدة وأوروبا.

يقول “يونس الكريم”: ” يتعارض القرار مع الإعلان الدستوري الذي نص ”على أن القوانين النافذة تبقى سارية ما لم يتم تعديلها أو إلغاؤها”، والسيادة المالية جزء من سيادة الدولة الاحتكارية وحماية البيانات وتوفير الفرص المتساوية جزء من نصوص الدستور والقانون، وإعطاء هذا الدور لشركة خاصة مخاطرة كبيرة”.

 

ويضيف: “إن خص شركتين فقط من شركات الصيرفة يشير إلى باب فساد، كل ذلك يؤدي تراجع ثقة المواطنين في المؤسسات المالية الحكومية، مما يُفضي إلى إنشاء نظام موازي يقلل من دور الدولة في تنظيم الاقتصاد. كذلك، فإن الرسالة الموجهة للمستثمرين تتعرض للتشويه، إذ تعيد هذه الإجراءات ذكريات فترات سيطرة رامي مخلوف ومهند دباغ وفراس الأخرس على الاقتصاد، مما يضعف توقعات النمو الاقتصادي والاستدامة الاستثمارية”.

كما ينبّه إلى أنه “من الناحية الدولية، قد تواجه شركة “شام كاش” قيوداً بسبب مرجعيتها إلى عقوبات بتمويل الإرهاب شأن شركة الهرم، مما قد يؤثر على الحصول على الدعم الخليجي والقطري والسعودي المخصص لدفع الرواتب. كما أن إزاحة البنوك من المشهد الاقتصادي يجعل عملية إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات أمر أكثر تعقيداً وصعوبة كون البنوك تعتبر من البنى التحتية لإعادة الإعمار وجذب الاستثمارات وتلافي قوانين تمويل الإرهاب”.

 

ويتابع: “إن التعامل بالدولار الأميركي في التطبيق الرسمي يتيح المجال أمام شركات الصرافة لاستغلال الفجوة بين الأسعار الرسمية وتلك القائمة بأسواق السوداء، ما يزيد من احتمالية تلاعبات سعر الصرف ويضع ضغوطاً إضافية على الاقتصاد الوطني”.

 

بدوره يقول الباحث بالشأن الاقتصادي السوري، ملهم الجزماتي، لـ وكالة ستيب الإخبارية”: “شام كاش “هي محفظة إلكترونية تابعة لبنك شام، وهي شركة صرافة مقرها الرئيسي كان في مناطق إدارة “حكومة الإنقاذ” بإدلب. وبذلك، لم تكن تلك الشركة ضمن الجهاز المصرفي المرتبط بمصرف سوريا المركزي خلال حكم النظام البائد، وهذا ما يثير التساؤلات حول قانونية تحويل الرواتب والأجور عبر شركة غير معروفة بالنسبة للسوريين سابقا وذات ملكية مجهولة وبدون وجود أساس قانوني لحماية المتعاملين مع هذا التطبيق”، ويتساءل “هل قامت هذه المنصة باستيفاء الشروط القانونية لمزاولة أعمال الدفع والمقاصة المالية في سوريا وأهمها إيداع وديعة في المصرف المركزي السوري لضمان حقوق أصحاب الرواتب والأجور والأرصدة المالية لديها؟”.

 

ويحذر الخبيران من أمر غاية في الخطورة وهو أنه على الرغم من أن فرض عمولة السحب بنسبة 5 بالألف قد يبدو بسيطاً على المستوى الفردي، إلا أن تراكمها على ملايين المعاملات قد يؤدي إلى تحقيق أرباح غير متناسبة لفئات محدودة.

تشير التقديرات إلى إمكانية تحقيق عوائد تزيد عن 3 ملايين دولار سنوياً لفئة صغيرة، مما يعيد إلى الأذهان آليات الإثراء غير المشروع.

وفي حال توسيع نطاق هذا النظام ليشمل رواتب العسكريين بمعدلات أعلى، فإن هذا التراكم المالي قد يتضاعف، مما يزيد من خطورة توزيع الثروة على أساس “مصالح ضيقة” بدلاً من المصلحة العامة.

إضافة أن فترة بقاء الرواتب بنظام الشركة لمدة تتراوح بين 10 و 15 يوماً قد يقضي لإنشاء طبقة تجار موالية لشركة شام، وإنهاء طبقة أخرى نتيجة توفر السيولة لديهم والتي يعاني الاقتصاد من فقدانها.

 

تطبيق شام كاش.. هل هو آمن؟

طالبت الحكومة السورية جميع الموظفين الحكوميين والمتقاعدين تنزل تطبيق “شام كاش”، على أجهزتهم المحمولة بهدف تأكيد البيانات واستلام الرواتب وإمكانية صرفها عبر شركات الصرافة المعتمدة، لكن ما هو مستوى أمانه؟

 

يقول “الجزماتي”: ” تطبيق شام كاش غير موجود في متجر غوغل ولا أبل ستور، ويتم تنزيله بطرق غير تقليدية على أجهزة الهواتف، وهذا أمر خطير وغير آمن خاصة إذا كنا نتحدث عن تطبيق يتعلق بالحوالات والعمليات المالية”.

من جانبه يشرح “الكريم” ميزات ومخاطر التطبيق، فعلاوةً على العمولة القابلة للتراكم إلى الملايين هناك نقاط أخرى.

ويقول: “يقوم البرنامج بتجميع الأموال وإعادة استخدامها خلال فترة انتظار تتراوح بين يومين وستة أيام؛ فترة كافية تتيح التحكم في السيولة وتمنح المستخدم قوة لتأثير في السوق، مما يترجم إلى أرباح ومزايا كبيرة. كما أن البيانات المتراكمة، سواء كانت ذات طابع تسويقي أو أمني أو مجتمعي، فإن هذه المعلومات المتجمعة بحد ذاتها تُشكل ثروة قيمة”.

 

ويضيف: “تُعتبر الأموال بالدولار المتجمعة ثروة حقيقية، خاصةً أنها تكوّن حلقة تشمل شركات الصرافة والحوالة، مما يجعل من المتحكم بها قوة في ضبط سيولة السوق وخلق طبقة رجال الأعمال وكسر طبقة أخرى، أيضاً يؤدي ذلك إلى تهميش الدور التقليدي للدولة وخلق نظام موازي يُضعف الهيكل الوظيفي لكل من وزارة المالية والاقتصاد”.

 

إلى جانب ذلك يشير “الجزماتي” إلى أن “الطامة الكبرى إن كان القرار يعطي الحصرية للمنصة دوناً عن المصارف والمنافذ المتاحة، فإضافة للمشاكل القانونية السالفة الذكر هناك مشكلة معرفية موجودة عند المواطنين السوريين، فنسبة كبيرة منهم يعانون من جهل تام باستخدام تطبيقات الدفع الالكترونية، فضلاً عن سوء البنية التحتية للاتصالات في سوريا التي تعاني من مشاكل كبيرة وانقطاعات طويلة ويمكن أن تسبب عائق كبير في استخدام الناس لهذه المنصة”.

 

من جهتها، قالت الباحثة والخبيرة الاقتصادية الدكتورة رشار سيروب في منشور على صفحتها في فيسبوك، إن “هناك أسئلة واستفسارات بحاجة إلى إجابة من مصرف سوريا المركزي ووزارة المالية بخصوص الإصرار على تحويل الرواتب إلى تطبيق شام كاش، مشيرة إلى أن أولى هذه الأسئلة ما هو الضامن..؟، على اعتبار أنه وفقاً للموقع الإلكتروني لتطبيق شام كاش فإن اسم البنك الضامن هو بنك الشام، والذي ما زال غير مدرج وفق المصارف العاملة تحت إشراف مصرف سوريا المركزي.

وأضافت متسائلة: “ما الغاية من تحويل رواتب جميع الموظفين والمتقاعدين المدنيين إلى تطبيق إلكتروني في الوقت الذي يوجد حساب مصرفي لغالبية الموظفين؟”.

ولفتت إلى أن الموقع الإلكتروني لتطبيق شام كاش يشير إلى أنه لا يتعامل سوى بالدولار الأميركي، متسائلة: هل وضع مصرف سوريا المركزي آليات لضمان عدم قيام شركات الصرافة بـالمضاربة على الليرة السورية والاستفادة من فرق السعر بين السعر الرسمي وسعر الصرف في السوق السوداء؟

أما تقنياً فذكر خبراء عبر منشورات عديدة على منصات التواصل الاجتماعي بعض عيوب التطبيق، ومنها أنه بعض التحديات الأمنية التي قد يواجهها تطبيق “شام كاش” تتضمن حماية البيانات الحساسة مثل كلمات المرور والمعاملات المالية. لضمان أمان المعلومات، يتم استخدام تقنيات مثل التشفير عبر SSL/TLS لحماية البيانات أثناء النقل، وكذلك التحقق متعدد العوامل (MFA) لإضافة طبقة أمان إضافية أثناء عملية تسجيل الدخول.

وإحدى النقاط البارزة هي أن التطبيق يطلب مجموعة واسعة من الأذونات، مثل الوصول إلى الكاميرا (لاستخدام ماسح الباركود)، وميزة البصمة، وأيضًا القدرة على الوصول المستمر إلى الإنترنت، مما يسمح له بالعمل في الخلفية حتى عندما لا يكون قيد الاستخدام المباشر. هذه الميزات قد تثير القلق لدى بعض المستخدمين حول حماية بياناتهم الشخصية.

عند تحليل التطبيق من الناحية التقنية، لاحظ العديد من الخبراء أنه يستخدم بورت 1433، وهو بورت خاص بـ Microsoft SQL Server للتفاعل مع قواعد البيانات. ومع أن هذا الأمر قد يبدو تقنيًا جدًا في البداية، إلا أنه يثير العديد من التساؤلات حول الأمان، خاصة عندما يتعلق الأمر بتطبيقات مصرفية ومعلومات حساسة مثل تفاصيل الحسابات والرواتب، ويحذر الخبراء من أن استخدام بورت 1433 قد يزيد من تعرض التطبيق لهجمات القوة الغاشمة التي تهدف إلى اختراق كلمات المرور أو الدخول غير المصرح به، كما أنه إذا كانت هناك ثغرات غير مكتشفة في تطبيقات SQL Server، فإن هذا قد يعرض التطبيق لمشاكل كبيرة تتعلق بأمن البيانات.

اقتصاد الظل.. قصة "شام كاش" وهل تتحول رواتب السوريين إلى وقود لطبقة جديدة من الأثرياء؟
اقتصاد الظل.. قصة “شام كاش” وهل تتحول رواتب السوريين إلى وقود لطبقة جديدة من الأثرياء؟

اقرأ أيضاً|| الخصخصة تطحن السائقين.. “ستيب” تكشف كيف بدأ “حيتان السوق” بناء إمبراطوريات “مشبوهة” في غياب القانون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى