أصدر الرئيس أحمد الشرع المرسوم رقم 189 لعام 2025 بإحداث «الشركة السورية للبترول SPC» كشركة عامة قابضة مملوكة بالكامل للدولة وتتخذ من دمشق مقرًا لها، وتتبع لوزارة الطاقة. ويقضي المرسوم بحلول الشركة محل المؤسسة العامة للنفط والمؤسسة العامة للتكرير والشركات التابعة لهما في جميع الحقوق والالتزامات والعقود والاتفاقيات المصادَق عليها، مع إبقاء المعاهد والمدارس الفنية تحت إشراف الوزارة.
حوكمة موحَّدة وصلاحيات تشغيلية واسعة
يهدف المرسوم إلى توحيد إدارة قطاعي النفط والغاز ورفع كفاءتهما عبر تمكين الحوكمة والشفافية وإدارة المخاطر، وجذب الاستثمارات والدخول التنافسي إلى الأسواق الإقليمية والدولية. وتُمنح الشركة صلاحيات الاستكشاف والتطوير والتسويق وإدارة وتشغيل الأصول والمنشآت ورفع تقارير دورية لوزارة الطاقة، إلى جانب تحديث الاتفاقيات والإعلان عن مناطق الاستثمار بالتنسيق مع الجهات المختصة.
إدارة وهيكل تنظيمي
تنص الأحكام على إدارة الشركة من خلال مجلس إدارة مكوّن من تسعة أعضاء برئاسة وزير الطاقة وعضوية الرئيس التنفيذي وممثلين لجهات حكومية واستثمارية وخبراء مختصين، على أن تُتخذ القرارات بأغلبية الحاضرين. ويُسمّى الرئيس التنفيذي بمرسوم، ويمثّل الشركة أمام القضاء والغير، ويشرف على العمليات الإدارية والفنية والمالية، وإعداد الموازنات والقوائم والتقارير الدورية.
الأصول والتمويل والقوة العاملة
تُسجَّل الأصول المنقولة وغير المنقولة والحقوق والالتزامات باسم الشركة بحكم المرسوم، مع استثناء ما تحتاجه الوزارة لممارسة مهامها وفق قائمة تُعَدّ وتُصدَّق أصولًا. وتشكل لجنة بقرار من الوزير لتقييم الأصول تمهيدًا لتحديد رأس المال التأسيسي خلال سنة من تاريخ تسجيل الشركة. وتتكون موارد الشركة من أرباح النشاط، والقروض الداخلية والخارجية وفق الضوابط، والمنح والمساهمات، وما تخصصه الدولة من اعتمادات، إضافة إلى الاحتياطيات. كما ينص المرسوم على نقل العاملين المحدَّدين إلى الشركة مع الحفاظ على قدمهم وحقوقهم وشروط عقودهم، وإعفاء الشركة من الضرائب والرسوم المترتبة على التأسيس.
سياسات عامة وقيود قانونية
يمنع طرح الشركة أو أي جزء منها للاكتتاب العام إلا بقانون، ويجيز إحداث فروع داخل البلاد بقرار من مجلس الإدارة وخارجها بمرسوم. كما تُكلَّف وزارة الطاقة باستكمال الصكوك اللازمة وإصدار النظام الأساسي والهيكل الوظيفي بمرسومين منفصلين، على أن يُنشر المرسوم في الجريدة الرسمية.
خلفية الحدث: لماذا الآن؟
يأتي توحيد المرجعية المؤسسية في قطاع النفط والغاز ضمن مسعى حكومي لإعادة تنظيم قطاع تضررت بنيته الإنتاجية واللوجستية خلال سنوات الحرب، وتشتّتت بين جهات متعددة بصلاحيات متداخلة. ويُتوقع أن يسهّل الكيان القابض الجديد:
تجميع القرار الاستثماري وإضفاء مسار واحد للعقود وعلاقات الشراكة.
تحسين الانضباط المالي والرقابي عبر لجان مراجعة وحوكمة وتدقيق سنوي موحَّد.
رفع الجاهزية الفنية لإعادة التأهيل والتحديث، ولاحقًا زيادة الموثوقية الإنتاجية والتسويقية.
تعزيز الجاذبية الاستثمارية أمام الشركاء المحليين والدوليين من خلال إطار قانوني وتنظيمي واضح، بما يشمل سياسات الاستدامة وتقييم الأثر البيئي.
وبينما تنتقل الأصول ويُستكمل التقييم لتحديد رأس المال خلال مهلة العام، تبدو الخطوات اللاحقة محورية، وعلى رأسها إقرار النظام الأساسي والهيكل الوظيفي، ثم إطلاق خطط تشغيلية واستثمارية تُظهر أثر التوحيد المؤسسي على كلفة الإنتاج وكفاءته وقدرة البلاد على استعادة موقعها في سلاسل التوريد الإقليمية.