تتصاعد في إسرائيل خلال الأيام الأخيرة عاصفة سياسية وإعلامية حول المدعية العسكرية العامة السابقة الجنرال يفعات تومر يروشالمي، وهي المرأة الوحيدة برتبة جنرال في الجيش الإسرائيلي، بعد إقالتها من منصبها واتهامها بتسريب معلومات أمنية حساسة، أعقبها اختفاؤها المفاجئ ثم العثور عليها لاحقاً “سالمة وبصحة جيدة”، وفق ما أعلنته الشرطة.
وأثارت قضية يروشالمي انقساماً غير مسبوق داخل المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية، حيث شارك في الحملة ضدها كلٌّ من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش إيال زامير، لتتحول من أبرز شخصيات النيابة العسكرية إلى هدف لهجوم من اليمين واليسار معاً.
خلفية القضية
تبلغ يروشالمي من العمر 51 عاماً، وامتدت خدمتها العسكرية لأكثر من 23 عاماً، شغلت خلالها مناصب قضائية عليا في الجيش، وارتبط اسمها بملفات حساسة أبرزها تقديم المبررات القانونية للعمليات العسكرية في غزة والضفة الغربية.
غير أن الأزمة الأخيرة بدأت حين اتُّهمت بتسريب مقطع مصور يوثق تعذيب أسير فلسطيني في معتقل “سدي تيمان” بالنقب خلال الحرب الأخيرة على غزة، وهو المعتقل الذي أعيد فتحه بعد السابع من أكتوبر 2023 واحتُجز فيه آلاف الفلسطينيين.
وبحسب تقارير إسرائيلية، كانت يروشالمي قد أمرت بمحاكمة خمسة جنود بتهمة إساءة معاملة الأسرى في محاولة لإثبات أن إسرائيل تحاسب نفسها داخلياً لتجنب الملاحقة أمام المحكمة الجنائية الدولية، غير أن هذا القرار أثار غضب اليمين الإسرائيلي الذي نظم مظاهرات ضدها، وصلت إلى منزلها الشخصي وترافقت مع تهديدات بالقتل.
تصاعد الأزمة
تفاقمت القضية عندما سُرّب أن جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) فتح ملفاً ضدها بعد علمه بتسريب المقطع المصور، ليصدر لاحقاً قرار من رئيس الأركان إيال زامير بإعفائها من مهامها ووضعها في إجازة مفتوحة، وسط حملة سياسية وإعلامية واسعة وصفها مراقبون بأنها “تصفية حساب”.
وخلال اجتماع مجلس الوزراء الأحد، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن التسريب “ربما تسبب بأكبر ضرر دعائي لإسرائيل منذ تأسيسها”، في إشارة إلى انعكاس القضية على صورة الجيش دولياً.
اختفاء غامض
وفي تطور مفاجئ، أعلنت الشرطة الإسرائيلية الأحد أنها عثرت على يروشالمي سالمة وبصحة جيدة بعد اختفائها لساعات، من دون أن تكشف عن ملابسات اختفائها أو موقع العثور عليها، ما زاد الغموض حول القضية التي تتصدر عناوين الإعلام الإسرائيلي.
ويرى مراقبون أن ما تتعرض له يروشالمي يختصر ما وصفه الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي في صحيفة هآرتس بـ“جزاء سنمار”، قائلاً إن “المنظومة التي دافعت عنها طوال حياتها العسكرية هي نفسها التي أطاحت بها اليوم”.