على وقع المعارك الدامية المتواصلة في السودان، كشفت مصادر إعلامية أن مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أبلغ مجموعة من الصحفيين بأن الولايات المتحدة قدمت مقترحاً لهدنة إنسانية في البلاد، في محاولة جديدة لوقف النزيف المستمر منذ أكثر من عام ونصف.
وقال بولس إن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع رحبا مبدئياً بالمبادرة الأميركية، موضحاً أنهما "يدرسان حالياً بنود الهدنة من النواحي الفنية واللوجستية، بما في ذلك آليات المراقبة والتنفيذ".
وأضاف المستشار الأميركي أن "هناك أملاً حقيقياً في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار"، لكنه نفى وجود أي تفاوض مباشر أو غير مباشر بين الطرفين، مؤكداً أن الإدارة الأميركية تتواصل مع كل جانب على حدة بهدف التمهيد لتفاهم ميداني يتيح وصول المساعدات الإنسانية ووقف العمليات العسكرية مؤقتاً.
نزوح واسع في شمال كردفان بعد سقوط الفاشر
وفي موازاة التحركات الدبلوماسية، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن أكثر من 36 ألف سوداني نزحوا من بلدات وقرى في ولاية شمال كردفان خلال الأسبوع الأخير من أكتوبر، إثر اتساع رقعة القتال بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور المجاورة.
وجاء في بيان المنظمة، الصادر ليل الأحد، أن نحو 36,825 شخصاً فرّوا من خمس بلدات وقرى بين 26 و31 أكتوبر، نتيجة تصاعد المواجهات المسلحة، مشيرةً إلى أن الوضع الإنساني في المنطقة "آخذ في التدهور مع استمرار حركة النزوح الجماعي ونقص الإمدادات الغذائية والطبية".
صراع على مدينة الأبيض الاستراتيجية
ووفق تقارير ميدانية، امتدت المواجهات خلال الأسابيع الأخيرة من دارفور إلى ولايات كردفان المجاورة، حيث يسعى كل من الجيش وقوات الدعم السريع للسيطرة على مدينة الأُبيّض، عاصمة ولاية شمال كردفان، التي تُعد مركزاً لوجستياً حيوياً يربط بين دارفور والخرطوم وتضم مطاراً استراتيجياً.
ويحشد الطرفان تعزيزات عسكرية كبيرة في محيط المدينة، في وقت تتحدث فيه منظمات الإغاثة عن تفاقم الأوضاع الإنسانية مع تزايد أعداد الفارين من المناطق المتنازع عليها.
تعثر الوساطات واستمرار المأساة الإنسانية
ويأتي المقترح الأميركي الجديد بعد فشل جولات متعددة من الوساطات الإقليمية والدولية، أبرزها محادثات جدة التي رعتها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة سابقاً، ولم تسفر عن وقف مستدام لإطلاق النار.
ويُذكر أن الحرب بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، اندلعت في أبريل 2023، وأسفرت حتى الآن عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 10 ملايين شخص داخل السودان وخارجه، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
ومع استمرار المعارك في دارفور وكردفان وتدهور الخدمات الأساسية في معظم الولايات، تزداد الضغوط الدولية على الأطراف المتحاربة للتوصل إلى هدنة تفتح الباب أمام حل سياسي شامل، وسط مخاوف من انزلاق البلاد إلى حرب طويلة الأمد تهدد استقرار المنطقة بأكملها.
