دخل موظفو البنوك والمؤسسات المالية في تونس، اليوم الاثنين، في إضراب عام يستمر يومين بدعوة من الجامعة العامة للبنوك والمؤسسات المالية التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، احتجاجاً على تعطل المفاوضات الاجتماعية ورفض أصحاب البنوك الاستجابة لمطالبهم المتعلقة بالزيادات في الأجور وتحسين ظروف العمل.
وأفاد بيان نقابي بأن نسبة المشاركة في الإضراب بلغت مستويات "مرتفعة جداً"، حيث قدّر الاتحاد العام التونسي للشغل نسبة الاستجابة بنحو 90% في مختلف المدن، ما أدى إلى توقف شبه كلي في الخدمات البنكية بجميع الفروع والمؤسسات المالية في البلاد.
توقف المعاملات واكتظاظ أمام الشبابيك الآلية
أدى الإضراب إلى تعطيل عمليات السحب والإيداع وتعاملات الشركات والأفراد، في وقت شهدت فيه الشبابيك الآلية للبنوك اكتظاظاً ملحوظاً، باعتبارها الوسيلة الوحيدة لتوفير السيولة النقدية خلال فترة الإضراب.
وتزامن التحرك النقابي مع مواعيد صرف أجور العاملين في القطاع الخاص وتسديد الفواتير الشهرية، ما فاقم من تذمر المواطنين الذين رأوا أن الإضراب أثر بشكل مباشر على حياتهم اليومية والتزاماتهم المالية.
تفاعل شعبي واسع وانقسام في المواقف
وأثار الإضراب جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي بين من اعتبر أن موظفي البنوك من "أعلى الفئات أجراً في البلاد" وأن تحركاتهم "غير مبررة في الظرف الاقتصادي الحالي"، وبين من أبدى تضامنه مع المضربين، مؤكداً أن لهم "الحق في الدفاع عن حقوقهم المادية والمعنوية" في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.
تحذيرات المركزي من تعطيل الخدمات
وكان البنك المركزي التونسي قد وجّه قبل أيام مذكرة داخلية إلى المؤسسات البنكية، دعا فيها إلى اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان استمرارية الخدمات الأساسية خلال الإضراب، ولا سيما ما يتعلق بتزويد الشبابيك الآلية بالنقد وتأمين التحويلات الضرورية.
ويأتي هذا التحرك في ظل توتر اجتماعي متزايد داخل القطاعات المالية والاقتصادية، حيث يطالب موظفو البنوك بإبرام اتفاقية جديدة تتضمن تعديلات على سلم الأجور والتعويضات، في وقت تواجه فيه البلاد صعوبات مالية حادة وتراجعاً في مؤشرات الاستثمار والنمو.
ويرى مراقبون أن الإضراب يعكس تصاعد الأزمة الاجتماعية في تونس وتزايد الهوة بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة من جهة، واتحاد أصحاب البنوك من جهة أخرى، وسط مخاوف من امتداد الاحتجاجات إلى قطاعات اقتصادية أخرى خلال الأسابيع المقبلة.