نفى وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار صحة المزاعم التي تحدثت عن قيام بلاده بنقل عناصر أرضية نادرة إلى الولايات المتحدة، مؤكداً أن الاتفاق القائم بين الجانبين يقتصر على التعاون في مجال الطاقة النووية، وليس له علاقة بالمعادن النادرة.
وجاءت تصريحات الوزير رداً على ما أدلى به السفير الأمريكي في أنقرة توماس باراك أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، حين وصف الاحتياطيات التركية من تلك المعادن بأنها "فرصة استراتيجية للولايات المتحدة".
قال بيرقدار، في تصريحات نقلتها صحيفة "تركيا" المحلية، إن بلاده اكتشفت احتياطيات ضخمة من العناصر الأرضية النادرة، تُقدر بنحو 694 مليون طن في منطقة بيليكوفا التابعة لمحافظة إسكي شهير، مشيراً إلى أن هذه الكميات تضع تركيا ضمن أكبر خمس دول في العالم في هذا المجال.
وأضاف الوزير: “لقد اكتشفنا 694 مليون طن من العناصر الأرضية النادرة في منطقة 'بيليكوفا'. وبهذا الكم، ستدخل بلادنا قائمة الدول الخمس الأولى على مستوى العالم في هذا المجال. نحن نعمل بنشاط على هذا الملف وننوي إنشاء مصنع تجريبي.”
وأكد بيرقدار أن تركيا تسير بخطى متقدمة نحو تطوير صناعاتها الوطنية المرتبطة بالمعادن الإستراتيجية، في إطار خطة تنويع الموارد وتعزيز الاكتفاء الذاتي في قطاع الطاقة والمعادن.
نفي قاطع للادعاءات
وسارع الوزير إلى دحض الادعاءات الأمريكية التي تشير إلى بيع أو نقل عناصر نادرة إلى واشنطن، قائلاً بوضوح: “لم نزود الولايات المتحدة بأي عناصر أرضية نادرة. لقد أبرمنا اتفاقاً يتعلق بالطاقة النووية. لو كان الأمر يتعلق بالعناصر الأرضية النادرة، لكنا أعلنا ذلك علناً. لا يوجد هنا ما يدعو للقلق أو الخوف.”
وشدد بيرقدار على أن بلاده تتعامل بشفافية كاملة في ملفات الطاقة والتعدين، وأن أي تعاون مع واشنطن سيكون ضمن اتفاقيات رسمية معلنة، بعيداً عن التكهنات الإعلامية أو التصريحات السياسية غير الدقيقة.
تصريحات السفير الأمريكي
وكان السفير الأمريكي في أنقرة توماس باراك قد أثار الجدل عندما قال خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأمريكي إن "الاحتياطيات التركية من العناصر الأرضية النادرة تمثل فرصة استراتيجية للولايات المتحدة"، في إشارة إلى إمكانية التعاون بين البلدين في هذا المجال الحيوي الذي يشهد تنافساً عالمياً متزايداً.
إلا أن التصريحات فُسّرت في بعض وسائل الإعلام الغربية على أنها تأكيد ضمني لوجود اتفاق فعلي بين أنقرة وواشنطن حول نقل أو تصدير المعادن النادرة، وهو ما نفته وزارة الطاقة التركية بشكل حاسم.
أهمية "بيليكوفا" في سوق المعادن العالمية
تُعد منطقة بيليكوفا واحدة من أغنى المناطق في العالم بالعناصر الأرضية النادرة، إذ تحتل المرتبة الثانية عالمياً من حيث حجم الاحتياطيات بعد الصين، التي تُقدّر احتياطياتها بنحو 800 مليون طن.
ويمثل هذا الاكتشاف التركي تحولاً استراتيجياً في سوق المعادن العالمية، حيث تستخدم تلك العناصر بشكل واسع في صناعات التكنولوجيا المتقدمة، والبطاريات، والطاقة المتجددة، والدفاع.
وتسعى أنقرة من خلال تطوير مناجمها ومصانعها التجريبية إلى تعزيز موقعها كمصدر رئيسي للمواد الخام عالية القيمة، في ظل التوجه العالمي لتقليل الاعتماد على الصين في هذا القطاع الحيوي.
ويأتي اكتشاف "بيليكوفا" في وقت تسعى فيه الحكومة التركية إلى توسيع استثماراتها في الطاقة النووية والمتجددة، ما يجعل من الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة جزءاً من رؤية أوسع لتحقيق الاستقلال الطاقي بحلول العقد المقبل.
وبينما تستعد تركيا لافتتاح أول مصنع تجريبي للعناصر الأرضية النادرة، تترقب الأسواق العالمية كيف ستنعكس هذه التطورات على خريطة إنتاج المعادن الحرجة التي تشكل العمود الفقري لصناعات المستقبل.
