كشف رحمة الله نجيب، وكيل وزارة الداخلية في حكومة طالبان، أن المفاوضات بين أفغانستان وباكستان في إسطنبول انهارت بعد خلاف حاد حول طلب قدمه الوفد الباكستاني لزعيم الحركة ملا هبة الله آخوندزاده بإصدار فتوى "تحرّم" القتال ضد الحكومة الباكستانية، مؤكداً أن هذا الشرط كان العقبة الأساسية التي أفشلت المحادثات.
وقال نجيب، خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم الأربعاء في كابل، إن الوفد الباكستاني طالب طالبان بإصدار فتوى رسمية تمنع الهجمات على الأراضي الباكستانية، مشيراً إلى أن الوسطاء من تركيا وقطر دعموا هذا المقترح "لكنهم لم يكونوا على دراية كافية بحساسية القضايا الدينية والسياسية بين البلدين"، بحسب تعبيره.
وأوضح أن وفد طالبان رفض الطلب مؤكداً أن إصدار الفتاوى ليس من صلاحيات القيادة السياسية للحركة، بل هو من اختصاص دار الإفتاء الأفغانية التي "تستند في قراراتها إلى أحكام الشريعة الإسلامية ولا تقبل الإملاء من أي طرف". وأضاف: "دار الإفتاء في أفغانستان مستقلة في قراراتها، ولا يمكن لأي جهة أن تملي عليها ما يجب أن تصدره من أحكام شرعية".
وأشار نجيب إلى أن الوفد الباكستاني أبلغ بأنه سيتقدم بطلب رسمي مكتوب إلى دار الإفتاء للنظر في المسألة، وانتظار الرد على طلب الفتوى.
كما كشف نجيب أن باكستان طلبت خلال المفاوضات نقل مقاتلي حركة طالبان باكستان وعائلاتهم إلى داخل الأراضي الأفغانية، مضيفاً: "أبلغناهم أنه إذا كنتم تعتبرون هؤلاء الأشخاص جيدين وفاعلين سياسيين، فيمكننا استقبالهم في أفغانستان، أما إذا كنتم تصفونهم بالإرهابيين، فإن حجّتكم بأن كابل تدعم الإرهاب ستصبح أقوى".
وأكد أن كابل لا تحمل أي نوايا عدائية تجاه الشعب أو الحكومة الباكستانية، قائلاً: "لا نريد أن تؤثر الأوضاع الحالية على المواطنين الباكستانيين". كما أشار إلى أن مشكلة باكستان مع حركة طالبان باكستان مستمرة منذ 23 عاماً، ومشكلتها مع الانفصاليين البلوش منذ أكثر من 50 عاماً، أي قبل قيام طالبان نفسها.
وأضاف أن المفاوضات التي جرت في كل من قطر وتركيا لم تحقق أي نتائج ملموسة، لكنه شدد على أن حكومة طالبان لا تزال مستعدة لمواصلة الحوار بهدف إيجاد حل سلمي للخلافات بين الجانبين.
وكانت كابل وإسلام آباد قد بدأتا جولة جديدة من المباحثات يوم الجمعة الماضي، سعياً لتثبيت هدنة عقب اشتباكات حدودية أسفرت عن مقتل خمسة أفغان، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عنها.
ووفق مصادر دبلوماسية، فإن مفاوضات إسطنبول جاءت في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 19 أكتوبر الماضي في الدوحة، وأنهى أسبوعاً من المواجهات الدامية بين قوات البلدين. غير أن المحادثات انهارت سريعاً بعد تجدد إطلاق النار في مدينة سبين بولداك الحدودية، التي كانت إحدى أكثر المناطق تضرراً من المواجهات السابقة.