أثار رجل ادعى أنه أمير سعودي ضجة واسعة في لبنان، بعدما تمكن من الاحتيال على عدد من السياسيين عبر إيهامهم بامتلاكه نفوذاً وعلاقات وثيقة بمرجعيات سعودية عليا، وتشير الروايات إلى أن الشيخ خلدون عريمط لعب دوراً محورياً في الترويج لهذا "الأمير المزعوم"، مقدماً وعوداً بترتيب مناصب وزارية ونيابية مقابل منافع مادية.
شخصية وهمية باسم "أبو عمر"
استغل عريمط فترة ابتعاد الرياض الرسمي عن الساحة اللبنانية وقلة الاتصالات المباشرة، ليزور شخصيات سياسية ويدعي رضا المملكة عنها، ثم يعرض عليها التواصل مع مسؤول سعودي مزعوم.
وكان هذا المسؤول يُعرف باسم "الأمير أبو عمر"، ليتضح لاحقاً أنه لبناني من عكار يدعى مصطفى الحسيان، يعمل في حدادة السيارات ويتقن اللهجة الخليجية.
نفوذ سياسي ومالي
تمكن "أبو عمر" من بناء شبكة واسعة من العلاقات، حيث كان يطلب من الشخصيات التي يتواصل معها الاهتمام بالشيخ خلدون عريمط، ما أدى إلى تدفق الأموال والهدايا على الأخير، وحصوله على رواتب شهرية وامتيازات أخرى.
كما لعب دوراً في التأثير على الانتخابات النيابية والبلدية، بدفع مرشحين للانسحاب أو دعم آخرين مقابل وعود بدعم سعودي، مع تركيزه على الشخصيات السنية وإن امتد تأثيره إلى طوائف أخرى.
آلية سرية للتواصل
ساهم في استمرار الخدعة لسنوات اشتراط "أبو عمر" أن تبقى آلية العمل بعيدة عن أي قناة رسمية أو إعلامية، خصوصاً السفارة السعودية في بيروت، بدعوى حساسية الموقف.
ومع عودة النشاط الرسمي السعودي، واجه "أبو عمر" أزمة، لكنه حاول تجاوزها بتحذير متصليه من التواصل مع الدبلوماسيين السعوديين، مدعياً أن مهمته أوسع.
انكشاف العملية
بدأت الشكوك تتزايد لدى بعض السياسيين بعد ملاحظتهم غياب "أبو عمر" عن المحافل الرسمية السعودية، وانكشفت الخدعة عندما تحدثت إحدى الشخصيات اللبنانية مع موفد سعودي عن هذه الشخصية، ما دفع المسؤولين السعوديين واللبنانيين إلى فتح تحقيق، وأُلقي القبض على مصطفى الحسيان عند الحدود اللبنانية، حيث أقر بأنه كان يتصرف بناءً على طلب خلدون عريمط.
نفي وتداعيات
من جهته، نفى عريمط أي تورط، مؤكداً في بيان أنه تقدم بإخبار إلى النيابة العامة ضد من ينشرون "أخباراً كاذبة" بحقه، مشدداً على أنه موجود في لبنان ولم يُستدعَ لأي تحقيق.
وأثارت القضية تساؤلات حول كيفية استمرار هذه الخدعة لسنوات دون كشف، وإمكانية وجود قنوات اتصال خفية، رغم نفي مصادر سعودية رسمية أي علاقة لها بالموضوع.
كما شكلت صدمة في وادي خالد، مسقط رأس الحسيان، حيث يعيش في فقر مدقع دون أي مظاهر ثراء، ما يثير تساؤلات حول الجهة التي استفادت فعلياً من الأموال التي جُمعت.