اخبار العالمسلايد رئيسي

تقرير أمريكي يكشف “خط أحمر” إذا تجاوزته تركيا شرق المتوسط سيودي بها إلى “حافة الهاوية”

قالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، في تقريرٍ مطول، خلال الساعات الأخيرة، إنَّ الوضع في شرق المتوسط أصبح “مركزاً للعاصفة الجيوسياسية في المنطقة المتوترة مؤخراً، وذلك في ظل المواجهة بين قوى المنطقة والغرب ضد تركيا، التي يبدو أنها لن تتراجع دون قتال، وترقص على حافة الهاوية”.

تركيا وشرق المتوسط

وأضاف التقرير الأمريكي: “في منتصف أغسطس الجاري، وقع حادث تصادم بين سفينتين حربيتين، إحداهما يونانية والأخرى تركية في شرق البحر المتوسط، ما أثار التوترات في ظل أخطر حادث بحري تشهده المنطقة منذ 20 عاما”.

وتابع: “بداية الأزمة كانت قبل الحادث بيومين، عندما أرسلت تركيا سفينة لاستكشاف الطاقة، مصحوبة بسفينة حربية للبحث عن النفط والغاز، في المياه القريبة من جزيرة كاستيلوريزو اليونانية، التي تقول أثينا إنها جزء من مياهها الإقليمية”.

وبحسب التقرير، فإن ”الأكثر خطورة هو أن الحلقة الأخيرة من التصعيد تهدد بالدخول في صراع متعدد الأطراف، في استعراض للدعم القوي لليونان ضد تركيا، إذ أرسلت فرنسا سفنا بحرية إلى المنطقة المتنازع عليها، ووعدت بالمزيد، وأعربت مصر وإسرائيل، اللتان تقومان بمناورات بحرية مستمرة مع اليونان، عن تضامنهما مع أثينا”.

مضيفاً: “في الوقت الذي دخلت فيه مصر وفرنسا بالفعل في صراع مفتوح مع تركيا في ليبيا، فإن مراقبين دوليين يخشون من أن يؤدي أي تصعيد إضافي في منطقة شرق المتوسط إلى عاصفة أوروبية متوسطية”.

النزاعات البحرية شرق المتوسط

وفق المجلة، فإن النزاعات على الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط، على مدى عهود، كانت “أمراً محلياً يقتصر على مزاعم السيادة، والمزاعم المضادة بين قبرص واليونان وتركيا، ولكن خلال السنوات الخمس الأخيرة تسببت موارد الغاز الطبيعي في المنطقة، في تحويل شرق المتوسط إلى ساحة إستراتيجية رئيسة تتلاقى فيها الخطوط الجيوسياسية الأكبر، والتي تتضمن الاتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط”.

وأردفت القول: “وقد لعبت فرنسا وإيطاليا دوراً في هذا التغيير، وهو ما وضع العلاقة المعقدة بالفعل بين تركيا والاتحاد الأوروبي في موقف أكثر عداء”.

وأوضحت أن “العنصر الذي أدى إلى تغيير قواعد اللعبة كان في أغسطس/آب عام 2015، بعد الاكتشاف الكبير للغاز الطبيعي في حقل ظهر، بوساطة شركة إيني الإيطالية، في المياه الإقليمية المصرية، وهو أكبر حقل للغاز في البحر المتوسط حتى الآن، وهو ما يعني أن المنطقة لديها احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي، بدأت إيني في تطوير خطة لتجميع الغاز القبرصي والمصري والإسرائيلي واستغلال منشآت التسييل المصرية في نقل الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا عبر المنطقة، حيث تملك الشركة الإيطالية حصة الأغلبية في واحد من أكبر حقلين للغاز لدى مصر”.

وأضافت: “رغم أن هذا أمر منطقي على الصعيد الاقتصادي، فإن هناك خللاً جيوسياسياً، نشأ نتيجة تسويق الغاز الطبيعي المسال المصري الذي جعل تركيا دون دور، وكذلك أنبوب نقل الغاز إلى أوروبا، وهو ما حطم آمال أنقرة في أن تصبح مركز الطاقة الإقليمي”.

ضربات ضد تركيا شرق المتوسط

وقالت المجلة كذلك في تقريرها: “في عام 2018 وجّهت توتال، عملاقة الطاقة الفرنسية وثالث أكبر شركة في الاتحاد الأوروبي من حيث العائدات، ضربة أخرى إلى تركيا، بعد الدخول في شراكة مع إيني، في كل عمليات تنمية الطاقة للشركة الإيطالية في قبرص، وهو ما وضع فرنسا في لُب مستنقع الطاقة في شرق المتوسط”.

وتابعت أن “تركيا أعربت عن استيائها من تلك التطورات، من خلال القيام بسلسلة محسوبة لدبلوماسية الزوارق البحرية، حيث أرسلت سفن استشكاف وحفر إلى المياه القبرصية، دون أن ترافقها سفن حربية، ولا تزال تركيا ترفض الاعتراف بالحدود البحرية القبرصية، التي تقول أنقرة إنها تمثل اعتداء على المياه الإقليمية التابعة لها”.

وأكدت أنه: ”مع كل تحرك تركي، فإن الجبهة المكونة من مصر وإسرائيل واليونان وقبرص، تكتسب دعماً عسكرياً من فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة، حيث تملك كل دولة منها استثمارات كبيرة في الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، وبالنسبة لتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، فإن دعم تلك الدول لهذه الجبهة يمثل خيانة، ويرقى إلى سياسة الاحتواء، التي ترفض التسامح معها”.

كسر العزلة الإقليمية

وبحسب “فورين بوليسي” الأمريكية، فإن “دخول ليبيا خلال العام الماضي في هذا الصراع، حيث حاولت تركيا كسر عزلتها الإقليمية، ووقعت اتفاقاً لإعادة ترسيم الحدود البحرية في نوفمبر 2019 مع حكومة الوفاق الليبية”.

مضيفةً “كان هذا الاتفاق محاولة من جانب تركيا للحصول على مكانة قانونية أكبر، في تحد لاتفاقات الحدود البحرية التي وقعتها اليونان مع كل من قبرص ومصر، والتي تعتمد عليها مشروعات الغاز الطبيعي في المنطقة، وإن اتفاق الحدود البحرية بين أنقرة وحكومة الوفاق الليبية تبعته اتفاقية أخرى للتعاون العسكري، لدعم الوفاق ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، المدعوم من مصر وفرنسا”.

ولفتت إلى أن من وجهة النظر التركية، فإن “الحدود البحرية القائمة حالياً تحرم أنقرة بطريقة غير عادلة وغير قانونية من حقوقها البحرية المشروعة، وبالتالي فإنها تعتبر تحركاتها بمثابة دفاع عن القانون الدولي”.

عدم الانجرار إلى حرب مع تركيا

وأشارت المجلة إلى أن “هناك دوافع قوية لمعظم الأطراف في المنطقة والاتحاد الأوروبي لاحتواء التصعيد الحالي وإيجاد مخرج للأزمة، ورغم دعمهما لليونان، فإن مصر وإسرائيل لا تريدان الانجرار إلى حرب مع تركيا في شرق البحر المتوسط”.

وتابعت: “أعرب الاتحاد الأوروبي عن دعمه المطلق لأعضائه اليونان وقبرص، لكن كتلة الاتحاد منقسمة حول كيفية التعامل مع الأزمة الحالية، وهناك انقسام بالتساوي بين دول الاتحاد الأوروبي المتوسطية الست، وتدعو اليونان وقبرص وفرنسا إلى اتخاذ إجراءات قوية ضد تركيا، بينما امتنعت عن ذلك إيطاليا ومالطا وإسبانيا التي تشترك جميعها في مصالح تجارية مهمة مع تركيا في وسط وغرب البحر الأبيض المتوسط”.

اقرأ أيضاً : فرقاطة يونانية تصطدم بسفينة حربية تركية شرق المتوسط.. وأردوغان يحذّر

جزيرة كريت

ووفقاً للتقرير، فإن ألمانيا، التي ترأس الاتحاد الأوروبي منذ يوليو الماضي، يمكن أن تلعب دوراً في كسر هذا الجمود، مشيرةً إلى أن برلين حريصة على إبقاء أنقرة قريبة من الاتحاد الأوروبي قدر الإمكان.

وأكد: “مع ذلك فإن تركيا ترقص على حافة الهاوية، وإذا واصلت توغلاتها، فإن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيقفان بقوة إلى جانب اليونان، والخط الأحمر الذي لا تستطيع تركيا تجاوزه هو جزيرة كريت، التي يعتقد أن مياهها الجنوبية تحتوي على كميات كبيرة من النفط أو الغاز الطبيعي”.

وأضاف: “ورغم الاعتراف الدولي بأن هذه المنطقة جزء من المياه الإقليمية اليونانية، فإن خريطة أنقرة وطرابلس تخصص المنطقة لصالح ليبيا، وإذا قامت تركيا بإرسال سفينتها للتنقيب عن الطاقة بالقرب من السواحل الجنوبية لجزيرة كريت، فإن كل الرهانات ستنتهي”.

وختمت “فورين بوليسي” تقريرها، قائلةً: “حتى الآن فإن تركيا لم تعبر هذا الخط الأحمر، ويمكن أن تستخدمه كورقة للمساومة مستقبلاً”.

اقرأ أيضاً : أردوغان يتحدى أوروبا.. ويُعلن عن “بشرى” ستدخل تركيا بمرحلة جديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى