أخبار العالم العربي

حملات مقاطعة البضائع التركية في عدة دول عربية.. كيف ستؤثر على الاقتصاد التركي

أطلق ناشطون سعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة مقاطعة البضائع التركية، على مدار الأيام الماضية، ما ينذر بخسائر اقتصادية على الجانب التركي، إذ يعتبر السوق السعودي أحد أهم المنافذ التجارية للبضائع التركية.

مقاطعة البضائع التركية في السعودية

ووجدت المقاطعة للبضائع التركية قبولاً واسعاً في السعودية، بعد أيام قليلة من إطلاقها، بل إنها وجدت لها صدى في دول أخرى على خلاف مع أنقرة مثل أرمينيا واليونان.

وتتردد هذه الدعوات باستمرار خلال العامين الماضيين، بعد التجاذبات السياسية بين البلدين التي تصاعدت في السنوات الأخيرة، خاصة بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بولاية اسطنبول في أكتوبر 2018.

وأشار سعوديون إلى أن الدعوات انطلقت للرد على “تصرفات تركيا المعادية لبلدنا والتي تستهدف القيادة والشعب” على حد سواء.

ووفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، فإن منتجات التبغ تتصدر قائمة ما تستورده الرياض من أنقره بقيمة تصل لـ 907 مليون ريال سعودي (حوالي 241,826,335.40 مليون دولار)، فيما يأتي السجاد ثانياً، والأجهزة والمعدات الكهربائية ثالثاً في أرقام تعود لعام 2018.

وكان عجلان العجلان وهو رئيس الغرفة التجارية في العاصمة الرياض أيضاً، أطلق دعوات لمقاطعة تركيا اقتصادياً عبر حسابه في تويتر.

 

وانضم لهذه الدعوات الأمير السعودي، “عبد الرحمن بن مساعد” الذي تعرض لهجوم من الإعلام التركي بسبب تأييده لهذه الحملات.

وقال عبدالرحمن بن مساعد في تغريدات على تويتر: “رغم تأييدي الكبير لها، إلا أنها حملة شعبية، بدأت من سعوديين محبين لوطنهم وأيدتهم فيها، الحملة نتيجة فبدلا من الهجوم علي انظروا للسبب، وهو سياسات رئيسكم وإساءاته”.

وانخفض حجم التبادل التجاري بين السعودية وتركيا في السنوات الماضية من 5.59 مليار دولار في 2015، إلى 4.96 مليار دولار في 2018، وفقاً لبيانات رسمية صادرة عن وزارة الخارجية التركية.

 

وهناك أكثر من 200 شركة تركية تعمل في السعودية، كما تعد الرياض الدولة الخليجية الثانية بعد قطر، والدولة السابعة في العالم على صعيد حجم الأعمال التي ينفذها المقاولون الأتراك فيها.

وتزايدت دعوات المقاطعة التركية في وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية، حيث بات وسم “#حمله_مقاطعه_المنتجات_التركيه” إضافة إلى وسم ” #الحمله_الشعبيه_لمقاطعه_تركيا” قائمة أعلى الوسوم رواجاً في منصة تويتر، خلال اليومين الماضيين، مع مشاركة آلاف المغردين من السعودية والإمارات أيضاً.

وكان الكاتب والمحلل السياسي الإماراتي، جاسم خلفان، من أول الداعين لمقاطعة البضائع التركية داخل الإمارات، حيث أكد وجود مقاطعة شعبية في دول الخليج وأنها بدأت تأخذ نفس المنحى السعودي.

وقال خلفان إن “المقاطعة السعودية هي مقاطعة شعبية، وإن كان هناك توجيهات غير معلنة بإيقاف استيراد البضائع التركية. وهناك مقاطعة شعبية قد بدأت أيضاً في دول الخليج الأخرى”.

وتُعتبر الإمارات من أكبر مستوردي البضائع التركية في منطقة الخليج، حيث وصل حجم البضائع التركية المستوردة 3.1 مليار دولار، وهنا يعقب خلفان قائلاً إن هذا التبادل التجاري ليس للاستهلاك وإنما للتصدير.

وأوضح المحلل السياسي أن “الإمارات لا تستورد لتستهلك، فهي تستورد وتعيد التصدير، فالأمر مجرد تجارة وليس استيراد من أجل الاستهلاك الشعبي، وأغلب هذا يمر في المناطق الحرة حيث يذهب إلى الدول الأخرى”.

وأضاف خلفان أن عملية المقاطعة أمر يتعلق بالوعي الشعبي بشكل أساسي، قبل أن يكون قراراً صادراً عن جهة حكومية.

اعتبارات سياسية

ومن جانبه رأى مدير مركز الإنذار مبكر للدراسات الإستراتيجية بأبو ظبي، أحمد الباز، أن فكرة مقاطعة المنتجات بشكل عام ليست من ضمن الأدوات التي تلجأ لها الدبلوماسية الإماراتية.

وأوضح الباز أنه “يجب الإشارة إلى أننا في الحالة السعودية بصدد الحديث عن مقاطعة غير رسمية، لكن على أي حال، فإن الإمارات لا تلجأ للمقاطعة، لاعتبارات مرتبطة بالمسؤولية الدبلوماسية، وانطلاقاً من كون الإمارات عموماً ودبي خصوصاً عبارة عن ممر تجاري ومنطقة ترانزيت للمنتجات والتجار، سواء في جبل علي أو مطار دبي”.

وتابع الباز قائلا : “وفي ظل تضرر سلاسل الإمداد العالمية جراء أزمة كورونا، فإن مقاطعة منتجات إحدى الدول لغرض إدارة نزاع في العلاقات الدولية يمكن إدارته بأدوات أخرى لا تبدو خيارا مقبولا. كما أنه لا يمكن القول بوجود حملة مقاطعة رسمية لتنضم لها الإمارات، وبالتالي فإننا لسنا بصدد الحديث عن اختلاف في الأدوات داخل التحالف السعودي الإماراتي المصري”.

الموقف التركي من مقاطعة البضائع

ومن جهتها لم تصدر تركيا تعليقاً بحجم الخسائر جراء المقاطعة السعودية، أو حتى المتوقعة مستقبلاً، إلا أن بعض الشخصيات قد عبرت عن تململها إزاء الوضع، وكان آخر هؤلاء، النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، محمد غوزلمانصور.

وقد علق غوزلمانصور على المقاطعة ببيان رسمي صادر عن الحزب جاء فيه، “نحن في تركيا نعيش في أزمة اقتصادية بالإضافة إلى التداعيات السلبية للوباء، لذلك نحن في تركيا لا نملك رفاهية خسارة أي سوق لا السوق السعودي، ولا الدول الشرق أوسطية”.

إقرأ أيضاً : مقاطعة البضائع التركية تلقى رواجاً في إقليم كردستان العراق

المقاطعة المصرية للبضائع التركية

وفيما يخص مصر، فيرى المستشار الاقتصادي المصري، الدكتور وائل النحاس، أن العلاقات الاقتصادية بين تركيا ومصر متشابكة بحيث يصعب تنفيذ مقاطعة بشكل رسمي.

وقال النحاس “هناك تبادل تجاري بين الطرفين يصل إلى خمسة مليار دولار، كما أنه كان هناك هروب لرؤوس أموال من تركيا إلى مصر منذ سنوات، حتى فتحت سلاسل ملابس ومنتجات غذائية شهيرة في مصر”.

ورغم التوتر في العلاقات السياسية بين القاهرة وأنقرة على خلفية ملفات عديدة، فإن مصر قد وقعت اتفاقية مع تركيا لإزالة الجمارك من على السيارات التركية التي تدخل إلى مصر.

عزل السياسة عن الاقتصاد

لكن رغم المقاطعة الشعبية السعودية، فإن الباحث في الشأن التركي، صلاح لبيب، يرى أن كل من الإمارات، ومصر، والسعودية، والبحرين، تعزل التحركات الاقتصادية عن التحركات السياسية بشكل نسبي.

ويقول لبيب :”تقديري أنه في حال ما كانت المقاطعة شعبية مدفوعة من جهات رسمية، فإن معنى ذلك أن هناك مساعي للضغط على تركيا في ملفات، في مقابل ضغط تركي، وتبدو هذه التحركات السعودية ردا على تحركات تركية في الملف اليمني، خصوصا إذا تأكدت معلومات عن حضور تركي بتوفير منصات ضد حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والتحالف العربي”.

وكانت تقارير إعلامية تحدثت على مدى الشهور الماضية، عن محاولات تركية لإيجاد موطئ قدم في اليمن، على غرار ما فعلته في ليبيا، من خلال استغلال أحد طرفي الصراع.

وفي نهاية مارس 2015، بدأ تحالف عربي تقوده السعودية بالتدخل في اليمن دعماً لقوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. وتمكنت القوات الحكومية بدعم من التحالف، من استعادة السيطرة على عدة مناطق، فيما ظلت العاصمة صنعاء تحت سيطرة المتمردين الحوثيين.

وأردف لبيب قائلا :”نلاحظ أيضا أن هناك تحركات في عدد من الدول العربية القريبة من القاهرة والرياض، في محاولة لتقليص وجود الاقتصادي التركي فيها، مثل الأردن والمغرب، ولكن كل ذلك لم يتحول لقطيعة اقتصادية نظراً للطبيعة المتشابكة”.

وكانت الحكومة المغربية قد فرضت منذ أيام أيضاً مزيداً من القيود على المنتجات المصنعة في تركيا لمدة 5 سنوات، لترتفع الرسوم الجمركية على المنسوجات التي تحمل أختاماً تركية بنسبة 90 بالمئة، كما فرضت الرباط قرارات صارمة على سلسلة من المتاجر التركية في المغرب، وحذرت من إغلاقها حال عدم الالتزام بتلك بالقرارات التي تتخذها لتشجيع الصناعة المغربية.

ويذكر أن تركيا في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان حاولت التوسع بشكل فظ، فارضةً القوة العسكرية، والقوة الاقتصادية على دول كثيرة، مجاورة وصديقة أو حتى معادية، مما أدى لصدور ردود أفعال حازمة من العديد من الدول، وحتى من الشعوب ضد السياسة التركية.

إقرأ أيضاً : السلطات المغربية تصدر قرارات صارمة تخص تركيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى