الصحة

ارتفاع معدلات تعنيف الذات عند الأطفال بسبب الإغلاق.. قضية تواجهها دول العالم بعد جائحة كورونا

إيذاء النفس غير الانتحاري، ويُسمى اختصاراً تعنيف الذات، هو القيام بإيذاء الجسم عمدًا، مثل جرح نفسه أو حرقها، وعادةً لا يُقصَد به محاولة الانتحار، ولكنْ يُعَد هذا النوع من إيذاء النفس طريقةً مؤذية للتأقلم مع الألم العاطفي والغضب الشديد والشعور بالإحباط أو الاكتئاب.

الأكثر عرضة لمرض تعنيف الذات

معظم الأشخاص الذين يتعرضون لتعنيف الذات هم من المراهقين والشباب، وعلى الرغم من ذلك فإن أولئك الذين ينتمون إلى فئات عمرية أخرى يُؤذُون أنفسهم أيضًا، غالباً ما تبدأ الإصابات الذاتية في سن المراهقة أو في سن المراهقة المبكِّرة، أي قبل سن ال 12، عندما تكون العواطف أكثر تقلباً، ويواجه المراهقون ضغوطًا متزايدة من الأقران، والوحدة، والتعارض مع الآباء أو الشخصيات الأخرى في السلطة.

وأجرت صحيفة “الغارديان” دراسة أشارت من خلالها إلى تصاعد كبير لمشكلات نوم الأطفال وعدم انتظام وجبات الطعام بالإضافة إلى مؤشرات نفسية أخرى، تسبب بها الإغلاق المرافق لإجراءات الوقاية من انتشار فيروس كورونا.

اقرأ أيضاً: مخاطر الإقلاع عن التدخين بشكلٍ مفاجئ وطرق التخفيف من آثاره السلبية

 

تصاعد معدلات تعنيف الذات لدى الأطفال

وقالت الصحيفة إن هناك تصاعد خطير لمعدلات “تعنيف الذات” بين صفوف الأطفال في بريطانيا بما يقترب من ضعف الأعداد المسجلة خلال السنوات الست الأخيرة.

وارتفع عدد حالات “الايذاء للنفس” المسجلة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 إلى 12 عاماً من 221 حالة عام 2014 إلى 508 حالات عام 2020، بحسب إحصائية خاصة لهيئة الإذاعة البريطانية.

ويعني ذلك تسجيل 10 إصابات أسبوعياً في مستشفيات بريطانيا للفئة العمرية المذكورة ويشمل ذلك فقط الحالات التي تم الإبلاغ عنها رسمياً في المستشفيات.

ونقلت الصحيفة عن خبراء في الصحة النفسية إن إجراءات الإغلاق خلفت تداعيات كبيرة على الصحة النفسية لسكان بريطانيا عموماً وبين صفوف الأطفال بشكل خاص.

آثار جائحة كورونا

ومن جهته، قال، كيث هاوتون، أستاذ علم النفس في جامعة أوكسفورد، إن المشكلات النفسية المرتبطة بالإغلاق العام في تزايد وأنها لا تشمل صغار السن فقط بل تشمل باقي الفئات العمرية، مضيفا أن ظاهرة إيذاء الذات وتعنيفها من قبل الأطفال تستوجب التوقف لدراستها بحذر بدل حالة الإنكار.

اقرأ أيضاً: السكتة الدماغية تنهي حياة أعداد كبيرة يومياً.. أعراضها وطرق الوقاية منها

 

وأشار هاوتون إلى أن إلحاق الشخص الأذى بنفسه مرض شائع لدى البالغين لأسباب مختلفة غير أن اللافت هو تولد هذا الإحساس لدى فئة عمرية بمعدل 10 سنوات أو أقل.

وحذرت، روزامند مكنيل، معاون رئيس اتحاد التعليم الوطني في بريطانيا، من أن ارتفاع معدلات تعنيف الذات لدى الأطفال مقلق للغاية، مشيرة إلى وجود روابط مباشرة بين تصاعد الظاهرة وبين جائحة كورونا التي فاقمت بشكل عام من المشكلات النفسية.

وأضافت مكنيل أن هناك فئات تعد من بين الأكثر تعنيفاً للذات، من بينها الأطفال الفقراء وذوو البشرة السوداء والأطفال الذين يعانون أصلاً من أمراض نفسية أخرى قيد العلاج، حتى أنها لا تستبعد تسجيل أعداد أكبر مستقبلاً.

وأجرى فريق متخصص بإشراف “الغارديان” بحثاً مفصلاً للوصفات الطبية التي تم صرفها في الصيدليات والمستشفيات البريطانية قبل التوصل لإحصائيات صادمة.

لفتت نتائج البحث إلى أن الوصفات الطبية الخاصة بصرف حبوب النوم لمن هم دون 18 عاما زادت إلى نحو 186 ألف وصفة طبية أي زادت بنسبة 30 بالمئة في أوائل عام 2020 مقارنة بالفترة الزمنية ذاتها عام 2018.

استطلاع في المدارس الثانوية

وأشار استطلاع أجرته مؤسسة “بليس تو بي” الخيرية وشمل 61 مدرسة ثانوية، تضم أعماراً تتراوح بين 12 إلى 18 عاماً، إلى ارتفاع خطير في حوادث إيذاء الأطفال لأنفسهم أو ما يعرف باسم ” تعنيف الذات ” من 48 حالة إلى 85 حالة خلال شهرين فقط أي بارتفاع يزيد على 77 بالمئة، لكن الأخطر كان اكتشاف زيادة معدلات محاولات الانتحار بين الفئات العمرية ذاتها بنسبة 81 بالمئة.

وقالت المديرة التنفيذية لمؤسسة العقول اليافعة، إيما توماس، إن: “تلك المعدلات الصادمة تعد جرس إنذار إزاء حجم الضرر العميق الذي أحدثته جائحة كورونا على الصحة النفسية لليافعين”، عازيةً الأسباب الأولية للظاهرة إلى المخاوف من الفيروس نفسه ومن الانعزال الاجتماعي والقلق إزاء احتمال خسارة الممارسات اليومية بسبب الإغلاق العام.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تظهر صنفاً من الغذاء ينمي سرطان الثدي ينصح تجنبها أو التقليل منها

 

وأكدت، آن لونغفيلد، رئيسة مؤسسة الطفولة في إنجلترا، أنه أمام الارتفاع الكبير لأعداد الأطفال الذيم يميلون إلى إيذاء أنفسهم، ارتفاع الحاجة الماسة والفورية لوجود مستشار طبي في اختصاص الصحة النفسية في داخل كل مدرسة.

وأضافت لونغفيلد أن الجهود الحكومية الحالية لتدريب مختصي الصحة النفسية في المدارس لن تغطي أكثر من ربع الحاجة الفعلية لهؤلاء المستشارين خلال السنوات الثلاث المقبلة، مما يؤشر على الحاجة الفورية لمراجعة الأولويات الطبية في بريطانيا، حسب تعبيرها.

وعلينا لمواجهة تعنيف الذات أن نعرف السبب أولاً لنبدأ بعلاجه حتى نستطيع معالجة مرتكبه وتصحيح أفكاره ومعتقداته، ومشاركته فى حل مشاكله وأسباب العنف لديه، واستشارة الطبيب للحصول على العلاج الفوري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى