حورات خاصة

هل تفعلها مصر وتشعل مواجهة مع إثيوبيا بأرض الصومال.. سيناريو قد “يفجّر” القرن الأفريقي

بالوقت الذي يشتعل العالم بالأزمات والحروب، فتحت إثيوبيا باباً جديداً للصراع قد يؤدي إلى انفجار منطقة القرن الأفريقي، بعد إعلان اتفاقها مع “أرض الصومال” الانفصالية بالصومال، والتي تعطيها مجالاً للوصول للبحر الأحمر لأول مرة، بينما تجد مصر ودول عربية أخرى نفسها قريبة من ملفٍ حسّاس وسط العديد من السيناريوهات المطروحة، رواها عدد من الخبراء لوكالة ستيب نيوز.

 

هل تفعلها مصر وتشعل مواجهة مع إثيوبيا بأرض الصومال
هل تفعلها مصر وتشعل مواجهة مع إثيوبيا بأرض الصومال

توترات تتصاعد قد تشعل القرن الأفريقي

 

تشهد منطقة القرن الأفريقي تصاعداً في التوترات السياسية والأمنية بين الصومال وإثيوبيا من جهة، وبين الصومال وإقليم أرض الصومال الانفصالي من جهة أخرى، بعد توقيع أديس أبابا وهرجيسا مذكرة تفاهم تمنح إثيوبيا منفذاً بحرياً في أرض الصومال مقابل الاعتراف بها كدولة مستقلة.

 

واعتبرت الحكومة الصومالية هذه الخطوة تعدياً على سيادتها ووحدتها الوطنية، واستدعت سفيرها لدى إثيوبيا وطلبت توضيحات من الحكومة الإثيوبية. وفي الوقت نفسه، اتجه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بزيارة إلى القاهرة طالباً التأييد والدعم، فيما أثار الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي خلال لقائه نقطة مهمة تتمثل بتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك للحفاظ على سيادة واستقلال الصومال، وهدد بشكل ضمني بعبارة شهيرة تداولتها وسائل إعلام قائلاً: “محدش يجرب مصر”.

 

ومن جانبه صرّح شيخ محمود لوسائل إعلام قائلاً: “لا يوجد لدينا خطط أو نية للحرب مع إثيوبيا في الوقت الحالي، ولكن إذا تغيرت الأمور سيكون لدينا رد فعل حينها”.

 

واعتبر أن مذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال “تُعد خرقاً للقانون الدولي والنظام العالمي”.

 

ويحذر المراقبون من أن الأزمة الحالية قد تؤدي إلى تفكك النظام العشائري الذي يقوم عليه كيان أرض الصومال، وإلى تدخلات خارجية من دول الجوار والقوى الكبرى، وإلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في القرن الأفريقي وإمكانية انفجارها إلى حرب إقليمية.

 

وحول الاتفاق المثير للجدل الذي أعلنت عنه أرض الصومال وإثيوبيا، يقول المحلل السياسي من إثيوبيا، موسى شيخو: “ليس خافياً مكاسب إثيوبيا -التي تختنق بازدياد مطرد في نسمة السكان وكذلك أيضاً تشهد تضايقاً من التكلفة الباهظة لميناء جيبوتي- مكاسبها من الاتفاقية التي وقعتها أخيراً مع جمهورية أرض الصومال، وتتركز هذه المكاسب في امتيازات الحصول على 20 كلم من ساحل البحر الأحمر مع قواعد عسكرية لحفظ مصالحها التجارية في البحر وتأمين الميناء نفسه”.

 

ويضيف: “كما تأمل إثيوبيا من هذه الاتفاقية منافع تجارية واقتصادية وتأتي هذه الاتفاقية مقابل حصول جمهورية أرض الصومال على الاعتراف الكامل والحصول على مقابل وصفقات في كبرى الشركات الوطنية الإثيوبية، وقد تتطور العلاقات بعد الاتفاقية إلى تعاون أمني وسياسي بشكل متقدم”.

 

أرض الصومال تريد الاستقلال 

 

أرض الصومال هي إقليم يقع في شمال الصومال، ويطل على خليج عدن. وتاريخياً، كانت أرض الصومال محمية بريطانية، ثم حصلت على استقلالها في عام 1960، واندمجت مع الصومال الإيطالية لتشكيل جمهورية الصومال. لكن، انفصلت أرض الصومال عن الصومال في عام 1991، بعد الإطاحة بالرئيس الصومالي السابق محمد سياد بري، وأعلنت عن استقلالها كدولة مستقلة.

 

إلا أنه رغم ذلك، لم تحظَ أرض الصومال بالاعتراف الدولي أو الإقليمي، ولا تزال الحكومة الصومالية تعتبرها جزءاً من أراضيها. وتشهد العلاقات بين الصومال وأرض الصومال توترات ونزاعات متكررة، خاصة في المناطق الحدودية. وقد تمت محاولات لإجراء حوار ومصالحة بين الطرفين، بوساطة من دول الجوار والمنظمات الدولية، لكن دون جدوى.

 

ومن جانبه يقول محمد تورشين الباحث المتخصص بالشؤون الأفريقية في حديث لوكالة “ستيب نيوز”: ” تسعى إثيوبيا لتحقيق فوائد كثيرة من خلال الاتفاق مع أرض الصومال أهمها بناء الميناء البحري، الذي تريد استغلاله ليس فقط لأشياء تجارية إنما أيضاً لبناء ربما قوة بحرية تهدف لحماية إمبراطورتيها التي تحلم بها، فإثيوبيا تملك موطئ قدم بحرية من خلال اتفاقيات سابقة مع جيبوتي والسودان وغيرها، إلا أنّ الأمر هذه المرة مختلف”.

 

ويرى تورشين أن إثيوبيا تريد من خلال الاتفاق “إعادة توحيد الشعب حول الحكومة الحالية من خلال إنجاز اقتصادي يعيد بالفائدة على البلاد”، لا سيما أنها تعاني من تمزق اجتماعي واقتصادي وعرقي يضرب العديد من الولايات فيها.

 

ويضيف: ” إثارة ملف أرض الصومال بهذا التوقيت سيكون له أبعاد كبيرة، رغم أن حكومة الصومال المركزية التي تصر على رفض الاتفاق ليس لها القوة الكافية لمواجهة إثيوبيا، فهي لا تملك قوة عسكرية كبيرة ولا تسيطر على كامل تراب البلاد ووضعها الاقتصادي سيء، لكنها ربما تواجه أي محاولة انفصالية بالقوة العسكرية وهو ما قد يشعل منطقة القرن الأفريقي كلها”.

 

وكان زعيم أرض الصومال موسى بيهي عبدي، رد على التهديدات المصرية، مؤكداً أنهم ماضين في بناء قاعدة لإثيوبيا هناك.

 

هل ستتدخل مصر؟

 

لم تهدأ حكومة الصومال منذ الإعلان عن الاتفاقية وبدأت تحركات سياسية ودبلوماسية تهدف لتقويضها ووضع حد للتدخل الإثيوبي، حيث طالبت الحكومة باجتماع لجامعة الدول العربية وزار الرئيس الصومالي القاهرة التي قدمت دعمها سياسياُ.

 

وأعلنت الجامعة العربية، مطلع الشهر الجاري، عن تضامنها مع الصومال في رفض وإدانة المذكرة الموقعة بين إثيوبيا وإقليم “أرض الصومال”.

 

ويقول موسى شيخو: ” أثارت هذه الاتفاقية مخاوف في الصومال فقادت الأخيرة حملة دبلوماسية مكثفة ضد الاتفاقية ولجأت إلى مصر حيث قفزت مصر إلى التهديد بسبب ما تشهده علاقاتها مع أثيوبيا من فتور بعد فشل مفاوضات سد النهضة ورأت مصر أن الاتفاقية تهدد أمنها البحري أيضاً مما ينذر بتوتر الأوضاع في القرن الأفريقي وأزمة دبلوماسية بين مصر وإثيوبيا وربما تعقيد ملف سد النهضة”.

 

ويؤكد الخبراء أن إثارة ملف أرض الصومال بهذا التوقيت والشكل ربما يصب الزيت على النار بخلافات مصر وإثيوبيا التي تعقدت مع استمرار الأخيرة بمشروع سد النهضة المثير للجدل.

 

من جانبه يرى “تورشين” أنه إذا ذهبت الأمور إلى هذا السيناريو المعقد يمكن أن تتدخل أطراف أخرى وتدعم الصومال لاستعادة أراضيه والسيادة عليها، وربما تتدخل أطراف أخرى على الجانب الآخر.

 

لكنه بالوقت عينه يقول: ” رغم أن مصر تدخلت واستقبلت الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، إلا أنها لا تملك الكثير من الأوراق والخيارات وربط الأمر بملف سد النهضة مثير للجدل وصعب، ولا يمكن أن تدفع باتجاه مواجهة عسكرية لأن الصومال وجيشها لا يملك الموارد الكافية لمواجهة إثيوبيا”.

 

ويضيف: ” ولا اعتقد أن مصر حالياً تملك الإمكانيات اللازمة للدخول بمواجهة عسكرية، لأنها محاطة بمجموعة أزمات، ولو كانت تريد مواجهة عسكرية مع إثيوبيا كانت استخدمتها بقضية سد النهضة مسبقاً”.

 

ويعتبر الخبير السياسي أن لجوء الصومال إلى مصر ما كان إلا لأنها تسعى تدويل هذا الملف، وتريد جمع التأييد العربي والدولي لها سواء بالجامعة العربية أو بالاتحاد الأفريقي أو بمجلس الأمن، مضيفاً: “أرى أن مصر يمكن أن تستفيد من هذا الملف سياسي من خلال إظهار أن إثيوبيا لا تحترم المواثيق والاتفاقيات الدولية”.

 

حركات متطرفة تتربص

 

من المعروف أن الصومال تنشط فيها جماعات متطرفة أبرزها حركة الشباب الصومالية، وتفقد الحكومة المركزية سيطرتها على نسبة كبيرة من أراضي البلاد، وربما تستغل هذه الجماعة وجماعات أخرى متطرفة توتر الأوضاع لأجل مكاسب على الأرض.

 

يقول محمد تورشين: ” ربما تتجه إثيوبيا لدعم جماعات متطرفة او جماعات سياسية معارضة للحكومة الصومالية من أجل إثارة البلبلة وإشغالها عن ملف أرض الصومال، ويمكن أن تكون من أبرز تلك الجماعات حركة الشباب الصومالي المتطرفة التابعة لتنظيم القاعدة”.

 

سيناريوهات أخرى

 

ورغم التصعيد السياسي وطرح سيناريوهات متعددة على الأرض أجمع الخبيران على رأي بأن مصر لن تتدخل عسكرياً بالوقت الراهن إلى جانب الصومال رغم إثارة بند “الدفاع العربي المشترك” الذي لم يستخدم من قبل بالدول العربية، كما يقول “تورشين”: إن حرباً لا يمكن أن تندلع لأجل أرض الصومال بالوقت الراهن، لكن السيناريو الآخر الذي يمكن انتظاره هو عمل حكومة الصومال على بناء جيش قوي وهذا يحتاج لأربع أو خمس أعوام على الأقل قبل التفكير بإمكانية توحيد تراب البلاد كله، كما أن أرض الصومال لها اتفاقيات مع دول إقليمية يمكنها التدخل بحالة وقوع حرب وهو ما قد يؤدي انفجار المنطقة كلها”.

 

ويؤيده موسى شيخو قائلاً: ” من المستبعد أن تقدم مصر على أي خطوات تصل إلى العمل العسكري نظراً لما تعيشه مصر من مشكلات داخلية وتوترات إقليمية بسبب الوضع في فلسطين، كما أن الدول الإقليمية أيضاً منشغلة بعدة صراعات مهمة وكبيرة”.

 

ومع تأكيد الخبراء أن الصدام العسكري مُستبعد على الأقل بالوقت الراهن إلا أن التحذيرات تشدد على أنه لو اشتعل سيؤدي لانفجار المنطقة، بينما يمكن لمصر استغلال القضية والربح من خلالها بتوجيه ضربات سياسية لإثيوبيا الساعية لبناء حلمها الكبير.

 

هل تفعلها مصر وتشعل مواجهة مع إثيوبيا بأرض الصومال.. خبراء يشيرون لسيناريو قد "يفجّر" القرن الأفريقي
هل تفعلها مصر وتشعل مواجهة مع إثيوبيا بأرض الصومال.. خبراء يشيرون لسيناريو قد “يفجّر” القرن الأفريقي

 

إعداد: جهاد عبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى