الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث في بودكاست بريطاني شهير عن تفاصيل حياته وطموحه
في مقابلة مع البودكاست السياسي البريطاني الشهير The Rest Is Politics، أجرى الصحفي والسياسي البريطاني أليستر كامبل حديثًا موسعًا مع الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي انتقل من مقاتل وسجين سابق إلى قيادة البلاد. وتحدث الشرع بصراحة عن رحلته السياسية، ورؤيته لمستقبل سوريا، وتحديات بناء دولة جديدة بعد سقوط النظام السابق.
زيارة السعودية: أبعاد شخصية وسياسية
افتتح الشرع حديثه عن زيارته الأخيرة إلى السعودية، موضحًا أن لها بعدين، الأول شخصي كونه وُلد هناك، والثاني سياسي، حيث أراد أن تكون أول زيارة رسمية له إلى دولة عربية كبرى. وأكد أن دعوة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان جاءت بشكل عاجل، وأنه لبى الدعوة فورًا، نظرًا لأهمية المملكة في المنطقة.
من السجن إلى الرئاسة: رحلة غير متوقعة
عند سؤاله عن شعوره وهو يجلس في القصر الرئاسي الذي كان يشغله الأسد، قال الشرع: “لقد كنت مقاتلًا، لكن ليس لأنني رغبتُ في القتال. واليوم أنا رئيس، ولكن ليس لأنني رغبتُ في أن أكون رئيسًا. السوريون عانوا من قمع استمر لعقود، والنظام السابق رفض جميع الحلول السياسية. لم يكن أمامنا خيار سوى إسقاطه.”
تحدث الشرع عن طفولته التي تأثرت باضطرابات المنطقة، حيث انتقلت عائلته بين السعودية وسوريا والعراق. كما كشف عن الخلفية السياسية لعائلته، حيث كان والده من الشخصيات البارزة في ربيع دمشق، لكنه أكد أن غياب الخبرة السياسية لدى عامة الشعب ساهم في فشل تلك المرحلة الإصلاحية.
وأكد أن لديه زوجة واحدة وثلاث أطفال، وكان حريصاً على ألا يظهروت بسبب الوضع الأمني.
سنوات الاعتقال في السجون العراقية
خلال الحوار، تطرق الشرع إلى الفترة التي قضاها في السجون العراقية، بدءًا من سجن أبو غريب مرورًا بسجن بوكا وكوبر والتاجي. وأوضح أنه خلال هذه الفترة تعرّف على شخصيات سياسية مختلفة، مما ساهم في تطوره الفكري، لكنه أكد أنه لم يكن جزءًا من الصراع الطائفي الذي اجتاح العراق.
وعندما أشار كامبل إلى أنهما كانا في العراق عام 2003 على طرفي نقيض – هو كجزء من الاحتلال الأمريكي البريطاني، والشرع كمقاتل ضده – أجاب الرئيس السوري بأنه مستعد لمناقشة هذا الملف باستفاضة، لكن موقعه الحالي كرئيس يجعله حذرًا في تصريحاته تجنبًا لإلحاق الضرر بسوريا.
إدارة سوريا بعد إسقاط النظام
تحدث الشرع عن الأولويات التي وضعها فور دخوله دمشق، مشيرًا إلى أن تثبيت الحكومة كان الخطوة الأولى لمنع انهيار مؤسسات الدولة. وشرح خطته لعقد مؤتمر للحوار الوطني وإعلان دستور جديد، مع تشكيل برلمان مؤقت يتولى الإشراف على المرحلة الانتقالية.
وأكد أنه لم يكن مفاجَأً بالتحديات التي واجهها، حيث كانت حكومته في إدلب مهيأة مسبقًا لإدارة شؤون الدولة. وأضاف: “كنت على يقين بأننا سندخل دمشق وحلب، ولم يكن هذا تفاؤلًا مفرطًا بل استنادًا إلى معطيات حقيقية عن انهيار النظام السابق.”
العلاقات الدولية والموقف من ترامب
عند سؤاله عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال الشرع إنه يراقب سياسته الحالية التي تركز على الشأن الداخلي، لكنه انتقد موقفه بشأن محاولات تهجير الفلسطينيين والعقوبات المفروضة على سوريا.
وأكد أن العقوبات لم تعد مبررة بعد سقوط النظام السابق، مشددًا على الحاجة إلى إلغائها لدعم الاستقرار والتنمية.
إعادة بناء الاقتصاد والجيش
فيما يتعلق بالاقتصاد، أشار الشرع إلى دراسته تجارب دول مثل سنغافورة والبرازيل والسعودية، لكنه أكد أن سوريا بحاجة إلى نموذج اقتصادي خاص بها.
كما أوضح أن الجيش الجديد يعتمد على التجنيد الطوعي، مع انضمام ضباط منشقين عن النظام السابق إلى وزارة الدفاع الجديدة.
التحديات الأمنية والسنوات السرية
تحدث الشرع عن الحياة السرية التي عاشها لمدة 20 عامًا، مؤكدًا أنه لم يكن معزولًا عن الناس، بل كان يشارك في الاجتماعات اليومية والعمل السياسي في إدلب. كما أوضح أنه رغم وجود مكافأة مالية على رأسه، لم يكن ذلك عائقًا أمام بناء علاقات مع مختلف الفئات.
وختم الشرع حديثه بالتأكيد على التزامه بالسلام والاستقرار في سوريا، معتبرًا أن الإرادة والعمل الجاد يمكن أن يعيدا بناء البلاد وجعلها قصة نجاح إقليمية.
