هل تتفق قسد مع دمشق؟.. خفايا التفاوض و3 سيناريوهات لشمال شرق سوريا
شهدت الساحة السورية تطورات ملحوظة في الآونة الأخيرة، فيما يتعلق بالعلاقات بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع. وتأتي هذه التطورات في ظل مساعٍ لتوحيد الفصائل المسلحة تحت مظلة جيش سوري موحد، وسط تباينات في الرؤى حول آلية وشروط هذا الانضمام.
تباين المواقف بين القيادات السياسية والعسكرية لقسد
في تصريح لصحيفة “التايمز” البريطانية، أعرب مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، عن استعداد قواته لحل نفسها والانضمام إلى جيش سوري جديد، بشرط ضمان حقوق الأكراد والأقليات الأخرى.
من جانبه، أشار الصحفي والباحث السياسي السوري، أحمد الجنيد، إلى وجود تباين في المواقف بين الجناحين السياسي والعسكري لقسد. وقال الجنيد: “هذا قد يكون مؤشراً على وجود خلاف بين الجناحين السياسي والعسكري في قسد؛ جناح مسد يميل إلى الخطاب السياسي الذي يتماشى مع الحلفاء الغربيين، بينما تجد القيادة العسكرية نفسها مضطرة للتكيف مع الحقائق الميدانية”.
شكل انضمام قسد إلى الجيش السوري
أكد مرهف أبو قصرة، وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال السورية، أنه “لن يكون من الصواب أن تحتفظ قوات سوريا الديمقراطية بتكتل خاص داخل الجيش السوري”. هذا التصريح جاء رداً على مقترح قسد بالانضمام ككتلة عسكرية واحدة، وهو ما ترفضه دمشق التي تصر على انضمام الأفراد بشكل منفصل.
وفي هذا السياق، أوضح الجنيد: “لا أعتقد أن دمشق ستتنازل عن شرطها بانضمام قسد للجيش السوري الجديد كأفراد، لكنها قد تجد بعض الحلول بحيث توزع تلك القوات لعدة ألوية وتبقي عدداً لا بأس به منهم في مناطق الجزيرة السورية”.
دوافع قسد لقبول شروط دمشق
أشاد كريم قمر، ممثل الإدارة الذاتية الكردية في فرنسا، بالتصريحات التي أدلى بها أحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة في سوريا، واصفاً إياها بالإيجابية والقابلة للبناء عليها لتحقيق تقدم في الملف السوري. هذا التفاعل الدولي، خاصة من قبل الدول الأوروبية، قد يكون دافعاً لقسد للتقارب مع دمشق.
وفي هذا الصدد، أشار أحمد الجنيد إلى أن ما صدر عن قسد هو “خطوط عامة بدون تفاصيل، ما يعني أنها لم تعلن الموافقة الكلية على كل شروط دمشق، وإنما تقدم بادرة لوضع النقاط النهائية للاتفاق بين الطرفين”.
ومن جانبه يقول، الخبير العسكري والاستراتيجي السوري، صلاح قيراطة: “دمشق تريد استعادة السيطرة السيادية، فحكومة الشرع تسعى إلى استعادة أكبر قدر من الأراضي الواقعة خارج سيطرتها، وتقويض أي مشروع انفصالي يمكن أن يؤثر على وحدة سوريا، وأي اتفاق مع قسد يجب أن يؤدي في النهاية إلى عودة مؤسسات الدولة السورية تدريجيًا إلى تلك المناطق”.
ويضيف قيراطة: “أيضًا تريد دمشق تقليل النفوذ الأمريكي شرق الفرات، لذا أي تقارب بينها وبين قسد قد يدفع واشنطن إلى إعادة تقييم وجودها العسكري، خاصة إذا قررت قسد إنهاء تحالفها مع الأمريكيين مقابل ضمانات من دمشق التي تراهن على أن الحوار مع الأكراد قد يؤدي إلى انسحاب أمريكي تدريجي”ِ.
الملف الأمني وسجناء داعش
تدير قوات التحالف الدولي، بالتعاون مع قسد، سجوناً تضم عناصر من تنظيم داعش. هناك مقترحات لتفكيك هذه السجون أو تسليمها لإدارة دمشق بمساعدة تركية. وفي هذا السياق، حذر الجنرال مظلوم عبدي من استغلال تنظيم داعش للفراغ الأمني الحالي، مشيراً إلى زيادة نشاط التنظيم في بعض المناطق السورية.
وحول هذا الموضوع، يرى أحمد الجنيد أن “ملف السجون سيكون الملف الأخير الذي سيتم حله، وغالباً ستتجه دمشق مع قسد والمجتمع الدولي لتفكيكها وتسليم السجناء لدولهم تباعاً”.
التفاوض مع قسد والتمثيل في الحكومة الانتقالية
منذ سقوط نظام الأسد، تسعى الإدارة السورية الجديدة للتفاوض مع مختلف الفصائل لتحقيق الاستقرار. وفي هذا السياق، أكد مظلوم عبدي على أهمية استمرار المفاوضات لتحديد مستقبل سوريا، مشدداً على رؤية قسد لسوريا كدولة مدنية ديمقراطية لا مركزية.
وفي هذا السياق، أوضح أحمد الجنيد أن “قسد تركز على وجود تمثيل قوي لها في إدارة بعض المناطق التي يتواجد فيها الأكراد بنسبة جيدة، تحديداً في الحسكة وجزئياً في الرقة”.
السيناريوهات المحتملة
وبعد التصريحات الإيجابية التي خرجت اليوم من الاجتماع الثلاثي بين “وقسد ومسد ومجلس الإدارة الكردية”، فإن المنطقة الشمالية الشرقية أمام عدة سيناريوهات.
يقول الدكتور صلاح قيراطة: “من سيناريوهات المنطقة المحتملة تحول التفاهمات إلى اتفاق دائم لاسيما إذا أدركت قسد أن لا خيار لها سوى التنسيق مع دمشق، فقد يتم التوصل إلى صيغة تضمن بقاء نفوذ معين للأكراد تحت سيادة الدولة السورية، مع قبولهم بدمج قواتهم ضمن الجيش السوري تدريجيًا”.
ويضيف: “مماطلة قسد لكسب الوقت إذ قد تسعى قسد فقط إلى استغلال التفاهمات لتأجيل أي مواجهة عسكرية قادمة، دون نية حقيقية في تسليم مناطقها لدمشق، في هذه الحالة، قد يضغط الجيش السوري عسكريًا لفرض أمر واقع”.
أما السيناريو الثالث حسب “قيراطة” هو “حرب استنزاف ضد قسد لاسيما إذا استمرت قسد في المماطلة، فقد تجد نفسها أمام مواجهة مفتوحة مع دمشق، خاصة إذا قررت تركيا شن هجوم متزامن من الشمال، وفي هذه الحالة، ستكون قسد بين فكي كماشة الجيش السوري والتركي، مما سيدفعها إلى تقديم تنازلات قسرية قد تكون أكثر كلفة من التفاهمات السياسية الحالية”.
وكانت الطائرات التركية استهدفت مواقع قوات قسد قرب سد تشرين وعين العرب شمال سوريا اليوم الثلاثاء، ضمن سلسلة من الاستهدافات التي تنفذها القوات التركية ضد قوات قسد شمال سوريا، حيث تصنفها بأنها منظمة ” إرهابية”.
