بيتكوين: 113,910.84 الدولار/ليرة تركية: 41.59 الدولار/ليرة سورية: 12,905.90 الدولار/دينار جزائري: 129.66 الدولار/جنيه مصري: 48.14 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الامارات
الامارات
فلسطين
فلسطين
حوارات خاصة

مظاهرات في سوريا تهاجم دولاً عربية.. حرية رأي أم أجندات خفية؟

مظاهرات في سوريا تهاجم دولاً عربية.. حرية رأي أم أجندات خفية؟

أثارت المظاهرات والوقفات التي خرجت مؤخرًا في سوريا ورفعت شعارات ضد بعض الدول العربية موجة جدل داخلي وخارجي، بين من اعتبرها تعبيرًا عن هامش حرية رأي بدأ يظهر في البلاد، ومن قرأ فيها محاولات منظمة لتخريب سياسة "تصفير المشاكل" التي تنتهجها الحكومة السورية الانتقالية في علاقاتها الخارجية، وهذا المشهد فتح الباب واسعًا أمام تساؤلات حول دوافع هذه التظاهرات، والجهات التي قد تقف وراءها، ومدى تأثيرها على صورة سوريا وهي تعيد بناء علاقاتها مع محيطها العربي بعد سنوات من القطيعة.

دلالات خروج مظاهرات تهاجم دولاً عربية

رغم أن سوريا تعيش مرحلة سياسية دقيقة تسعى خلالها إلى ترميم علاقاتها مع الدول العربية، برزت هذه المظاهرات كعامل صادم للمتابعين، إذ بدت وكأنها تتحرك بعكس اتجاه الدولة التي تؤكد على خيار الانفتاح وتصفير الخلافات، لا سيما أنها هاجمت دولاً احتضنت آلاف السوريين خلال سنوات الحرب، وبعضها مجّد جهات خارجية وقفت ضد إرادة الشعب السوري، مثل ما رفع بشعارات خلال مظاهرة في الحميدية بدمشق تساند مواقف "جماعة الحوثي" في اليمن، ومن هنا يثور التساؤل: هل هي تعبير عفوي عن رأي شعبي، أم أنها جزء من أجندات أعمق تستهدف ضرب المسار السياسي الخارجي؟

الصحفي السوري فارس المغربي قال: "ما نراه اليوم ليس انعكاسًا لسياسات الدولة، بل هو محاولة واضحة من جماعات معروفة مثل الإخوان المسلمين لاستغلال الشارع السوري. الدولة بقيادة الرئيس أحمد الشرع قالتها مرارًا: سوريا ليست امتدادًا للإخوان ولن تكون منصة لأجنداتهم، وتم التعامل معهم سابقًا بوضوح وإغلاق مكاتبهم ومنع نشاطهم في الداخل السوري. ما يحدث الآن هو تخريب ممنهج وتشويه لصورة الدولة أمام أشقائها العرب".

أما الكاتب والباحث السياسي فراس علاوي يرى أن هذه المظاهرات "ليست مدعومة بشكل مباشر من الحكومة، بل تستغل حالة الهشاشة الأمنية والإدارية وربما هشاشة السيطرة في بعض المناطق". 

ويضيف أن "البعض يخرج تحت ذريعة الحريات، لكن الهدف الحقيقي قد يكون إرسال رسائل أخرى تخدم أجندات مختلفة"، مشددًا على أن "خلفها جهات إقليمية ومحلية، إضافة إلى أدوات داخلية تتحكم بها هذه الأجندات".

التظاهر السلمي بين الحرية والحاجة لقانون ناظم

مع تزايد مظاهر التعبير الشعبي، يطرح السؤال حول حدود حرية التظاهر، خاصة عندما تتداخل مع قضايا خارجية قد تؤثر في صورة سوريا وعلاقاتها الدبلوماسية. فهل يكفي التمسك بمبدأ حرية الرأي؟ أم أن الأمر يستلزم وضع أطر قانونية واضحة لضبط الممارسات ومنع انزلاقها نحو مسارات تهدد المصلحة الوطنية؟

المغربي قال: "الحق في التظاهر السلمي مكفول، لكن من دون تنظيم قانوني واضح يصبح بابًا للفوضى، خاصة عندما تُرفع شعارات لا تمثل الدولة ولا شعبها، لذلك يجب أن يكون هناك ترخيص واضح ومراقبة دقيقة لما يُرفع من شعارات حتى لا يتم استغلال أي تحرك شعبي ضد مصالح سوريا وعلاقاتها".

من جانبه يؤكد علاوي أن "حق التظاهر السلمي لا ينعكس سلبًا بحد ذاته، لكننا بحاجة إلى رقابة منظمة على هذه المظاهرات"، ويوضح أن المطلوب هو "الرقابة وليس المنع، بحيث لا يُسمح بتجاوزات قد تضع الدولة السورية في مواقف محرجة أمام دول أخرى أو تفتح الباب أمام مشاكل دبلوماسية".

ويضيف: "نحن نحتاج لقانون تظاهر، وهذا أمر مؤكد. قانون يضبط عملية التظاهر ولا يمنعها، يضمن أن تكون ضمن النطاق المسموح به والذي لا يضر بمصالح الدولة. فليس من المبرر أن تنطلق مظاهرة في بلد ما لشتم أو انتقاد بلد آخر، فهذا يجب أن يكون أمرًا غير مسموح به قانونيًا".

استغلال التظاهرات كأداة سياسية ناعمة

كثيرًا ما تتحول المظاهرات إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية، حيث تستخدمها بعض الأطراف كوسيلة "ناعمة" لإيصال رسائل أو عرقلة مسارات سياسية لا تخدم مصالحها، وفي الحالة السورية، يبرز التساؤل حول الجهات التي تقف خلف هذه التحركات، سواء تنظيمات عابرة للحدود أو قوى إقليمية لها حساباتها الخاصة.

المغربي أكد أن "الإخوان المسلمين تحديدًا يحاولون استثمار أي تجمع أو اعتصام لتوجيه رسائل سياسية تخدم أجنداتهم الخارجية". 

وأضاف: "ما حدث أمام سفارة الإمارات أو في المظاهرات الأخيرة التي هاجمت مصر ودعمت الحوثي ليس بريئًا، بل هو تحرك مقصود لضرب سياسة الدولة في إعادة العلاقات وتصفير المشاكل مع الأشقاء العرب".

وبحسب علاوي، فإن "أطرافًا إقليمية، وغالبًا إيران وأدواتها، إضافة إلى أطراف محلية معادية للحكومة أو حتى غير راضية عن بعض توجهاتها، قد تكون داعمة لهذه المظاهرات أو على الأقل راضية عنها". 

ويشير إلى أن "بعض الجهات داخلية قد لا تتفق بشكل كامل مع سياسات الحكومة، وبالتالي ترى في هذه التحركات وسيلة للتعبير عن موقفها".

البعد الإقليمي للتظاهرات ضد دول عربية تستضيف سوريين

البعد الأكثر حساسية في هذه المظاهرات أنها استهدفت دولًا تحتضن ملايين السوريين، أو دولًا تواجه اتهامات بدعم جماعات مسلحة انخرطت في الصراع السوري، وهذا الأمر يطرح معضلة مزدوجة: فمن جهة يمكن النظر إليه كتعاطف شعبي مع قضايا إقليمية، ومن جهة أخرى قد يُقرأ كمحاولة مدروسة لتخريب مسار التقارب السوري العربي.

المغربي حسم موقفه بوضوح واعتبر أنه "لا يمكن قراءة هذه التحركات بحسن نية أبدًا"، وقال: "هذه أجندة معدّة وممولة هدفها ضرب التقارب السوري العربي وتشويه المشهد في الداخل". 

وأضاف: "الشعب السوري أوضح موقفه منذ البداية مع قيادته، والرئيس الشرع أكد مرارًا أن سوريا لن تكون ساحة للإخوان أو لأي تنظيم عابر للحدود، وأن التعامل معهم في الماضي والحاضر واضح وصارم".

ويتابع علاوي موضحًا: "بالتأكيد هناك من يحاول تخريب علاقة الحكومة السورية مع الدول الإقليمية والعربية. وهذا أمر يجب مواجهته أولًا عبر خطاب إعلامي قوي وواضح من الدولة، لأن الخطاب الحالي ما يزال ضعيفًا وغير قادر على إيصال الرسائل المطلوبة".

ويختم بالقول: "الحل لا يكمن فقط في الإعلام، بل أيضًا في سن قوانين منظمة مثل قانون التظاهر، إضافة إلى تفعيل قانون الجرائم الإلكترونية، بحيث لا يُسمح بالاعتداء على دول أخرى انطلاقًا من السياسة أو الجغرافيا السورية".

وتبرز هذه المظاهرات بينما تحاول الحكومة السورية الانتقالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع إعادة ترتيب بيتها الداخلي وترميم علاقاتها العربية، كاختبار مزدوج، فهي اختبار لقدرة الدولة على ضبط الحراك الشعبي ضمن أطر قانونية، واختبار لمدى مناعة الساحة الداخلية أمام محاولات الاختراق الإقليمي والتنظيمي، والتوازن بين حرية التعبير وصيانة المصالح الوطنية يظل معادلة دقيقة، خصوصًا في لحظة سياسية تسعى دمشق فيها لتصفير مشاكلها والانفتاح على محيطها العربي.

 

المقال التالي المقال السابق