مع اقتراب الموعد النهائي لخطة ترامب للسلام في غزة (5 أكتوبر 2025، الساعة 6 مساءً بتوقيت واشنطن)، تتصاعد التوترات حول رد حماس على الخطة المكونة من 20 نقطة، والتي تتضمن وقف إطلاق نار فوري، تبادل الرهائن (48 رهينة إسرائيليًا، منهم 20 على قيد الحياة، مقابل مئات السجناء الفلسطينيين)، إعادة بناء غزة تحت إشراف لجنة دولية بقيادة ترامب، وإنهاء سيطرة حماس العسكرية والسياسية. جددت حماس مطالبتها بجدول زمني واضح لانسحاب القوات الإسرائيلية وتوضيحات حول قوة حفظ السلام الدولية، مشيرة إلى صعوبة إطلاق سراح جميع الرهائن خلال 72 ساعة بسبب فقدان الاتصال مع جماعات مسلحة أخرى تحتجز بعضهم. الانقسامات بين قادة حماس تعقد الرد الرسمي، مما يزيد احتمال الرفض أو التأخير. هذا الوضع يبدو مثاليًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للأسباب التالية:
أولاً: غطاء لمواصلة الحرب
رفض حماس يمنح نتنياهو مبرراً لمواصلة العمليات العسكرية بقوة، بدعم أمريكي مباشر. ترامب حذّر من "الجحيم" في حال الرفض، بينما قال نتنياهو في مؤتمر صحفي مشترك يوم 29 سبتمبر:
"إذا رفضت حماس، سنكمل المهمة بالطريقة السهلة أو الصعبة".
الرفض يصوّر حماس على أنها "المعطّل الوحيد للسلام"، خصوصاً مع دعم دول عربية كبرى مثل مصر وقطر والإمارات للخطة. هذا يخفف الضغط عن إسرائيل التي تواجه انتقادات بسبب الخسائر المدنية (أكثر من 66 ألف قتيل وفق وزارة الصحة في غزة).
ثانياً: تعزيز مكانته الداخلية
على الصعيد الداخلي، يعزز الرفض صورة نتنياهو كـ"القائد القوي"، خصوصاً في ظل تحديات قانونية وانتخابية.
الخطة تمنح إسرائيل "حزاماً أمنياً" مؤقتاً وتؤجل أي دور للسلطة الفلسطينية. أما رفض حماس، فيمنح نتنياهو شرعية لمواصلة السيطرة العسكرية دون تقديم تنازلات، وهو ما يرضي قاعدته اليمينية.
كما أن مشروع "غزة الجديدة" لإعادة الإعمار يمكن أن يُنسب كإنجاز شخصي له إذا تم بعد "تطهير" القطاع من حماس.
ثالثاً: تعزيز التحالف مع ترامب
الرفض يفتح الباب أمام توثيق التحالف مع ترامب، الذي وعد بدعم عسكري وسياسي كامل لإسرائيل.
هذا يشمل تزويدها بمزيد من الأسلحة، ويمنح نتنياهو القدرة على تحقيق أهداف الحرب: استعادة الرهائن، تدمير قدرات حماس، وضمان أمن طويل الأمد، دون الالتزام بسلام دائم أو دولة فلسطينية.
رابعاً: استثمار الضغط الشعبي في غزة
في غزة، تتزايد الأصوات الشعبية المطالبة بقبول الخطة لوقف الحرب وتخفيف المعاناة الإنسانية.
بعد أكثر من عامين من الدمار وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا، يجد السكان في الخطة فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة الإعمار.
رفض حماس في ظل هذا الضغط الشعبي قد يعمّق عزلتها داخلياً، ويمنح نتنياهو أداة إضافية لتصوير الحركة كمعرقلة لتطلعات الشعب الغزّي، مبرراً استمرار العمليات باعتبارها "إنقاذاً" للقطاع من قيادة "غير مسؤولة".