في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في القارة الأوروبية، أطلقت بريطانيا تحذيرات متكررة من احتمال اندلاع حرب أوروبية شاملة خلال السنوات الثلاث إلى الأربع المقبلة، في ظل ما وصفته بـ"الأنشطة العدائية الروسية المتزايدة" التي تهدد أمن واستقرار أوروبا.
دعوات لرفع الجاهزية الوطنية
في تقرير نشرته الصحفية البريطانية جين ميريك على موقع "آي بيبر"، دقّ اللورد توبياس هاريس، رئيس "لجنة الاستعداد الوطنية"، ناقوس الخطر، داعيًا الحكومة البريطانية والمجتمع المدني إلى رفع مستوى الجاهزية العسكرية والمدنية لمواجهة أي صراع محتمل في أوروبا.
وأكد هاريس أن المملكة المتحدة "لا تزال غير مهيأة بالشكل الكافي" مقارنة بدول أوروبية أخرى، ليس فقط لمواجهة الحروب، بل أيضًا لمجابهة التهديدات الأخرى مثل الكوارث المناخية والهجمات على البنية التحتية الحيوية.
خطة استعداد شاملة تشمل الأسر والمدارس
أشارت ميريك إلى أن خطة الاستعداد البريطانية تتضمن:
• تخزين الإمدادات الأساسية لتأمين احتياجات الأسر لمدة 72 ساعة في حال انقطاع الكهرباء أو وقوع هجمات على البنية التحتية.
• تفعيل موقع الحكومة الإلكتروني الخاص بالطوارئ، مع إطلاق حملات توعية عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
• إدراج دروس حول الجاهزية للطوارئ ضمن المناهج الدراسية، على غرار تعليم قواعد السلامة المرورية.
تعزيز القدرات الدفاعية البريطانية
في السياق العسكري، استعرض هاريس ما ورد في "مراجعة الدفاع الإستراتيجية" التي نُشرت في يونيو الماضي، والتي تضمنت مشروع "قانون جاهزية الدفاع". يمنح هذا القانون الحكومة صلاحيات استثنائية لتعبئة قوات الاحتياط واستدعاء قطاعات صناعية لدعم المجهود الدفاعي الوطني.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية دخول البلاد في "حقبة جديدة من الجاهزية القتالية"، مشيرة إلى أكبر زيادة في الإنفاق العسكري منذ نهاية الحرب الباردة، تشمل استثمار 6 مليارات جنيه إسترليني في الذخائر، وإنشاء مصانع جديدة لتعزيز القدرات الدفاعية الذاتية.
تصاعد الأنشطة العدائية الروسية في أوروبا
تلفت ميريك إلى تصاعد الأنشطة العدائية الروسية، التي تشمل:
• هجمات إلكترونية وتخريب للبنية التحتية.
• توغلات جوية للطائرات الروسية في أجواء دول أوروبية مثل بولندا والدنمارك وإستونيا.
• حملات تضليل إعلامي ومحاولات للتأثير في السياسات الداخلية للدول الغربية.
وأكد السير كين ماكولوم، رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني "MI5"، أن موسكو تسعى إلى "إثارة الفوضى والدمار عالميًا"، مشيرًا إلى إحباط عدة محاولات تجسس ومراقبة استهدفت شخصيات تعتبرها روسيا خصومًا.
اختبار لتماسك حلف الناتو
ترى خبيرة الأمن الدولي ناتيا سيسكوريا أن روسيا تستخدم هذه التحركات لاختبار تماسك حلف الناتو، وتسعى لتوسيع نطاق الحرب خارج أوكرانيا دون الدخول في مواجهة مباشرة، بسبب ضعف جيشها حاليًا. لكنها حذّرت من أن استمرار انتهاك الأجواء الغربية قد يدفع الناتو إلى إسقاط طائرات روسية، مما قد يشعل مواجهة عسكرية مباشرة.
أوروبا على حافة صراع مفتوح
يخلص الخبراء إلى أن أوروبا تمر بمرحلة غير مسبوقة من التوتر، حيث تتقاطع الحرب الرمادية الروسية مع سباق غربي لتعزيز الدفاعات. وبينما تعمل بريطانيا على تقوية بنيتها التحتية الدفاعية والمدنية، يرى محللون أن خطر اندلاع حرب أوروبية مفتوحة لم يكن أقرب مما هو عليه اليوم منذ أكثر من ستة عقود.
