دخل سكان محافظة قابس التونسية، اليوم الثلاثاء، في إضراب عام شامل شلّ مختلف مظاهر الحياة في المدينة، احتجاجًا على استمرار عمل المجمع الكيميائي الذي يتهمه الأهالي منذ عقود بأنه المصدر الرئيسي لتلوث الهواء وانتشار الأمراض بسبب الانبعاثات الغازية السامة الصادرة عنه.
وشمل الإضراب العام في قابس، الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل، معظم القطاعات الاقتصادية والتجارية والإدارية، حيث أغلقت المتاجر والمقاهي وعدد من المؤسسات الصناعية والإدارات العمومية أبوابها، فيما توقفت الدروس في المدارس والمعاهد. كما يستعد السكان لتنظيم مسيرة حاشدة مساء اليوم للمطالبة بـ تفكيك وحدات المجمع الكيميائي ونقلها بعيدًا عن المناطق السكنية، دفاعًا عن حقهم في بيئة نظيفة وآمنة.
غضب شعبي رغم وعود الحكومة
تأتي هذه الاحتجاجات في قابس رغم إعلان الحكومة التونسية مؤخرًا عن بدء تنفيذ خطة وطنية لمعالجة أزمة التلوث في قابس، تتضمن مشاريع للحد من الانبعاثات الغازية السامة وتحسين الوضع البيئي في المدينة.
لكنّ الأهالي عبّروا عن رفضهم لهذه الإجراءات، معتبرين أنها لا ترقى إلى مطلبهم الأساسي المتمثل في إيقاف نشاط المجمع الكيميائي نهائيًا ونقله إلى موقع آخر بعيد عن التجمعات السكانية.
وقال الهادي بن موسى، أحد التجار المشاركين في الإضراب، في تصريح لموقع العربية: "ما عرضته السلطات من إجراءات لن يغيّر شيئًا من الواقع، فالمطلب واضح ولا تراجع عنه: إيقاف نشاط هذه المجموعة الصناعية ونقلها بعيدًا عن المدينة".
معضلة اقتصادية وبيئية معقدة
أمام تصاعد الغضب الشعبي في قابس وارتفاع نسق الاحتجاجات، تواجه السلطات التونسية معادلة صعبة بين الاستجابة للمطالب البيئية من جهة، والحفاظ على الركيزة الصناعية الحيوية من جهة أخرى، إذ يُعد المجمع الكيميائي من أبرز المشغلين في الجنوب التونسي، ويوفّر آلاف مواطن الشغل ويساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسمدة إلى جانب عوائد مالية مهمة من تصدير الفوسفات.
ورغم البعد الاقتصادي للمجمع، يؤكد سكان قابس أن الصحة والبيئة لا تُقدّران بثمن، وأن استمرار نشاط المجمع في قلب المدينة يشكّل خطرًا دائمًا على حياتهم، مطالبين بقرار حكومي حاسم ينهي هذه الأزمة البيئية التي طالت لعقود.
اقرأ أيضاً|| تونس.. احتجاجات تتوسع بسبب تلوث بيئي والرئاسة تبحث عن "حلول غير تقليدية"
