أثار قرار الرئيس التونسي قيس سعيد باستدعاء سفير الاتحاد الأوروبي في تونس، جيوزيبي بيرّوني، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والدبلوماسية، بعدما اعتبر أن السفير تجاوز الأعراف الدبلوماسية عبر لقاءات أجراها مع منظمات محلية خارج القنوات الرسمية.
خلفية الاستدعاء
وفق بيان الرئاسة، عبّر سعيد عن "احتجاج شديد اللهجة" على ما وصفه بـ"إخلال بضوابط العمل الدبلوماسي"، مؤكداً أن التعامل يجب أن يتم حصراً عبر المؤسسات الرسمية.
وجاء الاستدعاء بعد لقاء بيرّوني برئيس منظمة الأعراف سمير ماجول، ثم بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، حيث أشاد بدور المنظمة الشغيلة في دعم الحوار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، وهو ما اعتبره سعيد خروجاً عن العرف الدبلوماسي.
توتر داخلي متصاعد
الخطوة تأتي في سياق علاقة متوترة بين الرئيس والاتحاد العام التونسي للشغل، إذ كثّف سعيد مؤخراً من انتقاداته لقيادة الاتحاد، معتبراً أن بعض مواقفها "لا تخدم المصلحة الوطنية"، فيما عبّر الاتحاد عن رفضه لعدد من السياسات الاقتصادية والاجتماعية الحكومية.
رد الاتحاد الأوروبي
من بروكسيل، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي أنور العانوني إن الاتحاد "أخذ علماً برسائل الرئيس سعيد"، لكنه شدّد على أن تواصل الدبلوماسيين مع مختلف الفاعلين في بلدان اعتمادهم أمر "معتاد" وجزء أساسي من عملهم، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني.
وذكّر بأن الاتحاد العام التونسي للشغل يُعد جزءاً من اللجنة الرباعية للحوار الوطني الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2015، في إشارة إلى شرعية التواصل معه ودوره التاريخي في الحياة السياسية والاجتماعية.
نهج متكرر
ليست هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها سعيد إلى استدعاء سفراء أجانب بدعوى "التدخل في الشأن الداخلي"، إذ سبق أن استدعى في مايو 2024 عدداً من السفراء احتجاجاً على تصريحات دولية متصلة بملفات الحريات والاعتقالات، كما أعربت الرئاسة في مناسبات أخرى عن رفضها لاتصالات دبلوماسيين مع منظمات وشخصيات تونسية خارج القنوات الرسمية، في مؤشر على نهج متشدد يؤكد على مبدأ السيادة واحتكار الدولة لمسارات الحوار السياسي الداخلي.