في خطوة أعادت أحد أكثر الألغاز غموضاً في تاريخ الطيران إلى دائرة الضوء، أفرج الأرشيف الوطني الأمريكي، أمس الجمعة، عن دفعة ضخمة من السجلات المرتبطة باختفاء الطيارة الأسطورية أميليا إيرهارت عام 1937 فوق المحيط الهادئ، وذلك تنفيذاً لأمر مباشر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع السرية عن كل ما تحتفظ به الحكومة من وثائق حول القضية.
وأكدت مديرة المخابرات الوطنية، تولسي غابارد، أن الدفعة الجديدة تتضمن 4624 صفحة من السجلات، تشمل دفاتر حركة السفن العسكرية الأمريكية المشاركة في عمليات البحث الجوي والبحري التي انطلقت بعد حادثة الاختفاء.
إيرهارت، التي كانت تبلغ 39 عاماً، شوهدت للمرة الأخيرة في الثاني من يوليو/تموز 1937 وهي تقلع بطائرتها "لوكهيد إلكترا" ثنائية المحرك من بابوا غينيا الجديدة باتجاه جزيرة هاولاند، على مسافة تقارب أربعة آلاف كيلومتر. وبعد ساعات قليلة، انقطعت الاتصالات اللاسلكية عقب رسالة من إيرهارت تحدثت فيها عن نفاد الوقود.
أكبر عملية بحث… ونهاية مفتوحة
لم تُسفر أكبر عملية بحث بحرية آنذاك عن أي نتائج حاسمة، ليبقى مصير إيرهارت وملاحها فريد نونان معلّقاً في منطقة رمادية منذ 88 عاماً، بينما ظل لغز اختفائهما واحداً من أكثر الملفات استعصاءً على الحل في سجل حوادث الطيران.
الاهتمام المفاجئ لإدارة ترامب بالقضية جاء بينما يتعرض الرئيس لانتقادات حادة بسبب ما يعتبره معارضون "مماطلة" في الكشف عن ملفات تتعلق بالممول الراحل جيفري إبستين المدان بجرائم جنسية. وقد أثار توقيت نشر هذه السجلات بعد يومين فقط من إفراج لجنة في الكونغرس عن آلاف الوثائق المرتبطة بملف إبستين، أسئلة إضافية في المشهد السياسي الأمريكي.
أدلة جديدة… وفرضية الجزيرة المفقودة
وبينما لا يزال لغز المصير النهائي لإيرهارت مفتوحاً، تشير أبحاث أجرتها "المجموعة الدولية لاستعادة الطائرات التاريخية" إلى احتمال أن تكون إيرهارت ونونان قد لقيا حتفهما في جزيرة نيكومارورو المرجانية الصغيرة التابعة لجزر كيريباس غرب المحيط الهادئ.
عدة بعثات استكشافية إلى الجزيرة أسفرت عن العثور على مقتنيات يُشتبه بأنها تعود للثلاثينيات، بينها عبوة كريم مضاد للبقع، قطع من الملابس، بقايا عظام بشرية، سكين جيب مشابه لما كانت تحمله إيرهارت، إضافة إلى قطعة ألمنيوم يُعتقد أنها جزء من طائرة "لوكهيد إلكترا".
ورغم تراكم الأدلة، لا تزال التحقيقات الرسمية الأمريكية بعيدة عن تبني أي رواية نهائية، فيما تعيد السجلات الجديدة فتح الباب واسعاً أمام مزيد من الفرضيات والسيناريوهات حول واحدة من أشهر حوادث الطيران في القرن العشرين.