شهدت مدينة الأقصر، صباح الأحد، واحدة من أبرز الظواهر الفلكية التي توثق عبقرية المصريين القدماء، حيث تعامدت أشعة الشمس على معابد الكرنك، في مشهد يتكرر سنويًا ويؤكد دقة المعرفة الفلكية والهندسية التي امتلكتها الحضارة المصرية القديمة.
وتوافد مئات الزوار من المصريين والأجانب منذ ساعات الصباح الأولى لمتابعة الحدث، بحضور نائب محافظ الأقصر الدكتور هشام أحمد أبو زيد، وسط أجواء احتفالية عكست الأهمية السياحية والعلمية للظاهرة.
وأوضح رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، أيمن أبو زيد، أن أشعة الشمس اخترقت الممرات الداخلية للمعابد لتصل إلى الغرف المقدسة الخاصة بالإله "آمون رع"، الذي اتخذ من الكرنك مقرًا رئيسيًا لعبادته في طيبة، عاصمة مصر القديمة.
وأشار إلى أن هذه الظاهرة الفلكية تتزامن مع يوم الانقلاب الشتوي، الموافق 21 ديسمبر، وتُعد إحدى أكثر من 22 ظاهرة فلكية تشهدها المعابد والمواقع الأثرية المصرية على مدار العام، ما يعكس استخدام المصريين القدماء للعمارة كأداة دقيقة لرصد الزمن وتعاقب الفصول.

الكرنك مرصد فلكي عبر التاريخ
وفي سياق متصل، أعلن أبو زيد عن إطلاق مبادرة جديدة تحت عنوان "الكرنك مرصد فلكي عالمي قديم"، تهدف إلى إبراز القيمة العلمية لمعابد الكرنك وتصنيفها ضمن أهم المواقع الفلكية التاريخية في العالم.
وتسعى المبادرة إلى تعزيز مكانة الأقصر كوجهة عالمية لعشاق علم الفلك، إلى جانب كونها واحدة من أبرز عواصم السياحة الثقافية، من خلال ربط التراث الأثري بالعلوم الفلكية التي سبقت عصرها بآلاف السنين.
ويُنظر إلى هذه الظاهرة اليوم باعتبارها رسالة حضارية متجددة، تؤكد أن معابد الكرنك لم تكن مجرد أماكن للعبادة، بل منظومة معرفية متكاملة جسدت فهم الإنسان القديم للكون وحركة الشمس والزمن.