في خطوة غير مسبوقة منذ أكثر من ثلاثة عقود، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزارة الدفاع (البنتاغون) بالبدء الفوري في اختبار الأسلحة النووية، وذلك قبل دقائق من اجتماعه مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في مدينة بوسان الكورية الجنوبية.
الإعلان المفاجئ جاء عبر منشور على منصة تروث سوشيال، حيث كتب ترامب: "بسبب عمليات الاختبار التي تُجريها دول أخرى، أصدرت تعليماتي لوزارة الحرب بالبدء في اختبار أسلحتنا النووية بالمثل"، مضيفاً أن "روسيا تأتي في المرتبة الثانية، والصين في المرتبة الثالثة بفارق كبير، لكنها ستكون على قدم المساواة خلال خمس سنوات".
ولم يقدم ترامب تفاصيل إضافية، كما تجاهل أسئلة الصحفيين بشأن طبيعة الاختبارات، وسط غموض حول ما إذا كانت ستشمل تفجيرات نووية تحت الأرض أو تجارب لإطلاق صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.
الصين توسّع ترسانتها وروسيا تختبر أسلحة جديدة
تأتي خطوة ترامب بعد إعلان روسيا اختباراً ناجحاً لصاروخ كروز يعمل بالطاقة النووية وطوربيد نووي من طراز "بوسيدون"، في حين تشير تقارير إلى أن الصين ضاعفت ترسانتها النووية خلال السنوات الأخيرة.
ووفق مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ارتفع عدد الرؤوس النووية الصينية من 300 في عام 2020 إلى نحو 600 في 2025، مع توقعات بتجاوز الألف بحلول عام 2030. وأوضح المركز أن عرض الصين العسكري الأخير كشف عن خمس قدرات نووية جديدة قادرة على الوصول إلى كامل الأراضي الأمريكية.
وتُقدر جمعية الحد من التسلح أن الولايات المتحدة تمتلك نحو 5225 رأساً نووياً، مقابل 5580 لدى روسيا، مما يجعل الدول الثلاث في سباق تسلح متسارع يعيد أجواء الحرب الباردة.
انتقادات داخلية وتحذيرات من سباق تسلح جديد
أثار إعلان ترامب موجة انتقادات حادة في الأوساط السياسية الأمريكية. وقالت النائبة الديمقراطية عن نيفادا، دينا تيتوس، عبر منصة إكس: "سأقدم مشروع قانون لمنع هذا القرار الخطير".
بدوره، وصف داريل كيمبال، مدير جمعية الحد من الأسلحة، خطوة ترامب بأنها "مضللة وغير مبررة"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستحتاج إلى نحو 36 شهراً لاستئناف أي اختبار نووي تحت الأرض في موقع نيفادا القديم، ومؤكداً أنه "لا يوجد سبب تقني أو عسكري أو سياسي يدفع لإحياء هذه التجارب بعد أكثر من 30 عاماً".
وحذر كيمبال من أن هذه الخطوة قد "تطلق سباق تجارب نووية جديداً بين القوى الكبرى وتنسف معاهدة حظر الانتشار النووي بالكامل".
تصاعد التوتر بين واشنطن وموسكو وبكين
يأتي القرار في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الولايات المتحدة وخصميها الاستراتيجيين، روسيا والصين. ففي حين يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعراض القوة باختبارات نووية جديدة، تسعى واشنطن لتأكيد تفوقها العسكري عبر إعادة إحياء برنامجها النووي.
وكان ترامب قد دعا في وقت سابق إلى عقد محادثات ثلاثية مع بوتين وشي لبحث الحد من الأسلحة النووية، إلا أن بكين رفضت المشاركة ووصفت الفكرة بأنها "غير واقعية" نظراً للفارق الكبير في حجم الترسانات.
ويُعد هذا القرار – في حال تنفيذه – أول اختبار نووي أمريكي منذ عام 1992، ما قد يفتح فصلاً جديداً في سباق التسلح العالمي ويزيد من حدة التوتر بين القوى الكبرى.