بعد شهور طويلة من القصف والمعارك والدمار، جاء وقف إطلاق النار في غزة ليشكل نقطة تحوّل حساسة في مسار الصراع، ليس فقط بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، بل في مجمل معادلات الشرق الأوسط التي كانت تغلي على وقع الحرب. فالميدان قد هدأ، لكن الصراع انتقل إلى طاولة الحسابات السياسية، حيث بدأت العواصم الإقليمية والدولية بإعادة تموضعها وفق موازين جديدة فرضها هذا الهدوء الهش.
هذا ومع دخول المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قطاع غزة حيز التنفيذ، باتت تدور تساؤلات بشأن صمود الاتفاق والتوقعات الاستراتيجية لمدة 90 يوما.
هل سيصمد وقف إطلاق النار في غزة؟
ردا على مدى إمكانية أن يصمد وقف إطلاق النار في غزة، قال المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور فايز أبو شمالة لوكالة ستيب الإخبارية: "نعم سيصمد وقف إطلاق النار في غزة، وذلك لعدة عوامل، أهمها:
أولا: لقد استنفذت الحرب قدراتها وإرهابها الصهيوني، ولم يعد للعدو الإسرائيلي شهية لمزيد من التورط داخل غزة، وقد أدرك أن مهمته تنحصر في قتل المدنيين، وتدمير البيوت والأبراج، وهذا الإرهاب لا يحقق النصر.
ثانياً: أدركت القيادة السياسية الإسرائيلية أن حماس باقية، وأنها ليست تنظيما يمثل مجموعة من المقاومين، وإنما هي المجتمع الفلسطيني كله، ولذلك حاول تهجير أهل غزة الذين يراهم جميعهم حركة حماس، ولما عجز عن ذلك، وظل أهل غزة صامدون، فذلك يعني أن القضاء على حماس مستحيل، ووقف إطلاق النار أنجى للجيش الصهيوني.
ثالثا: أدركت القيادة الإسرائيلية أنها تحارب العالم كله، ولا تحارب أهل غزة، وفي كل يوم من الحرب يتسع العداء للصهاينة، وهذا ما قاله ترامب لنتنياهو، وفق تصريح له لصحيفة فوكس نيوز، قال ترامب: قلت لنتنياهو لن تستطيع محاربة كل العالم، ونتنياهو يفهم معنى كلامي هذا".
وأضاف: "مواصلة العدوان وضع العدو الإسرائيلي في مواجهة كل العالم، وأظن أنه في مواجهة نفصه أيضاً، لوضعه الداخلي المهترئ والمنقسم".
انسحاب أم إعادة تموضع للجيش الإسرائيلي؟
ومع إعلان الجيش الإسرائيلي عن إعادة تموضع قواته داخل قطاع غزة، وتصريحات لحركة حماس تفيد بأنها ستنشر عناصر أمنية في المناطق التي ينسحب منها الجيش، لا زالت هناك علامات استفهام حول شكل التطبيق على الأرض وإذا ما كان انسحابا أم إعادة تموضع.
أبو شمالة تعقيبا على ذلك، قال: "الاتفاق الذي أشرفت عليه أمريكا، وتركيا، ومصر، وقطر، والذي شاركت فيه الباكستان والسعودية والأردن وأندونيسا، ليس مجرد اتفاق مرحلي بمقدار ما هو اتفاق استراتيجي لوقف إطلاق النار، وإنهاء الحرب على غزة، والاتفاق يشمل عدة مراحل، يبدأ بالانسحاب الجزئي من المدن وفق خطوات متلاحقة، هذا الانسحاب لا يعني العودة ثانية، وهذا الانسحاب لا يعني إعادة تموضع، بمقدار ما يعني تراجع تدريجي وفق الاتفاقية التي ستخلص أرض غزة من الاحتلال الإسرائيلي، ولكن على مراحل، تتوافق مع جملة الخطوات التي تبدأ بتبادل الأسرى، وتنتهي بشروط إعادة إعمار غزة".
المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور فايز أبو شمالة
ماذا عن سلاح حماس؟
هذا وبينما لا تزال معضلة سلاح حماس عالقة بمفاوضات وقف النار في قطاع غزة، أفاد مسؤول أمريكي أن تفكيك أسلحة حماس الثقيلة سيتم بعد نشر قوة استقرار دولية.
المحلل السياسي الفلسطيني فايز أبو شمال أكد أن سلاح حماس لم تكتشفه المخابرات الأمريكية والإسرائيلية رغم 734 يوماً من التفتيش والحصار والتدمير والملاحقة.
وأردف: "سلاح حماس لا يعرف عنه الآخرون شيئاً، ولا هو دبابات، ولا هو طائرات، ولا هو غواصات، سلاح حماس عبوات ناسف وأنفاق، وبعض الرشاشات، وهذا السلاح مع التوقيع على الاتفاقية لن يظهر ولن يبان، ولن يعرف عنه أحد شيئاً".
ومضى في القول: "ولا يمكن نزع سلاح لا تراه العين، أما سلاح حماس الحقيقي الذي قاتل فيه أهل غزة على مدار 734 يوماً فيه الإيمان بأننا أصحاب الحق، وأن الصهاينة غزاة، وأن هذه الأرض عربية، وهذا سلاح يعبئ صدر 470 مليون عربي، يؤمنون بحقهم في تحرير المقدسات الإسلامية والمسيحية".
واستطرد: "سلاح حماس شعار غير قابل للتطبيق، والذي يستدعي سلاح حماس للظهور هو ممارسات الاحتلال، وطول أمد العدوان".
ستيب: سامية لاوند
