شاهد || لست شحاذًا لأنني أعيش تحت الأنقاض.. أنا بائع متجول عمري 3 أعوام!
“رجلي بتوجعني” هذا الجملة القاسية التي سمعتها عندما اقتربت من أنقاض منزلٍ مدمر، لم يكن يستطيع ذاك الطفل الصغير الذي لمحته بدايةً، السير على تراكمات الأحجار المليئة بقطع الحديد ومواد أخرى قاسية.
عيناه مليئتان بأوجاع حياةٍ لم يرَ منها إلا القليل، فما زال في الثالثة من عمره، يمشي رويداً رويداً وكأن تحت قدميه بيضٌ يخاف عليها أن تنكسر أو بمعنى آخر لعلّ تحت قدميه سكاكين حادة لا تكاد رجلاه الصغيرتان العاريتان من تحمل السير عليها، بهذا الألم تصف مراسلة “ستيب الإخبارية” واقع عائلة “أم أحمد”.
عائلة “أم أحمد” هكذا تُعرف في الجوار وبين أهالي المنطقة، وما إن تسأل عن اسمها حتى يجيبك الصغير قبل الكبير، لأن واقعهم السيء ومعيشتهم المتردية كفيلة بأن تجعل منهم معروفين، تقولها “أم أحمد” وهي ساندة ظهرها على حائطٍ على وشك الانهيار: “يقولون سيط غنى ولا سيط فقر، ولكن الفقر بات يأكلنا والعزة لله”.
عائلة “أم أحمد” عائلة نازحة من منطقة السخنة بريف حمص، تقيم في بلدة السبخة بريف الرقة الشرقي الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري، وتعاني من تردي وضعها المعيشي نتيجة تعرض رب الأسرة للاعتقال من قبل قوات النظام في وقت سابق من العام الفائت.
أين زوجك ولِمَ تمّ اعتقاله؟ حيال هذا السؤال تقف “أم أحمد” لبرهة قبل أن تجيب، تحاول القول بنفسٍ واحد لكن الألم جعل من إجابتها متقطعة “كان يعمل زوجي سائق شاحنة، وخلال دخول النظام إلى منطقة السخنة قاموا باعتقاله بتهمة الانتماء لتنظيم الدولة (داعش)”.
“أم أحمد” لا تعرف مصير زوجها وما حل به: “لا أَكل أو أمل في التوجه إلى الأفرع الأمنية التابعة للنظام السوري في السبخة ومعدان، لكن دائماً أفشل بالحصول على المعلومات”.
أطفالها الصغار الثلاثة أنهكتهم مرارة الحياة في وقتٍ كان يفترض بهم أن يكونوا بين ألعابهم، يلعبون ويمرحون مع أصدقائهم، يأكلون طعاماً صحياً تقوي مناعة أجسادهم الضعيفة، ولكنهم يعملون باعة جوالين ليساعدوا أمهم التي تعمل في الكثير من الأحيان بتنظيف البيوت، وتعيش في أوقاتها الصعبة على يقدمه لها الجيران.
ينظر بتمعن إلى أمه وهي تتحدث، نعم أنه أحمد الصغير ولي عرشٍ دمرته قوات النظام السوري، بنبرةٍ لا تخلو من التفاؤل والعزيمة “عم نشتغل لنساعد أمنا ما عم نشحد”.
وثّقت عدسة وكالة “ستيب الإخبارية” التي تجولت بين أنقاض منزلها المدمر، ألم “أم أحمد” ومعاناة أطفالها، لا أثاث ولا غرفة تصلح للسكن، وفي تلك الزاويا يكاد الحائط المتبقي أن ينهدم في أية لحظة، يزيدهم الليل رعباً وخوفاً لتتحول من مسكنٍ يقيهم من الموت إلى مسكن أشباح.