مقال رأي

ما مصلحة إقليم كوردستان وتركيا من عقد أي اتفاق مشترك بين ” قسد ” و المجلس الوطني الكوردي ؟

بقلم علي تمي - كاتب إعلامي وسياسي

لقاءات بين المجلس الوطني الكوردي وحزب الاتحاد الديمقراطيوبحضور قيادات ” قسد “

تستمر اللقاءات بين المجلس الوطني الكوردي وحزب الاتحاد الديمقراطي وبحضور قيادات ” قسد ” منذ ما يقارب شهرين بعد فشل المبادرة الفرنسية في 2019 م،

وواجهت هذه الاجتماعات الكثير من العوائق والتحديات حتى اعتبر المستشار الأمريكي ( وليام روباك ) نفسه كضامن لإنجاح أي عملية تفاوضية

بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني في حال توصل الطرفان إلى اتفاق يضمن حقوق وواجبات الجميع،

وانتهت الاجتماعات بالتفاهم السياسي على الخطوط العريضة لكيفية إدارة منطقة شرق الفرات

ناهيك عن وضع النظام والموقف من المعارضة السورية المتمثل بالإئتلاف السوري المعارض وهيئة التفاوض،

ولاحقاً سيتم مناقشة ملفات ( الإدارية والاقتصادية والعسكرية ).

مصلحة إقليم كوردستان في أي اتفاق محتمل بين الطرفين

يمكننا تقسيم إقليم كوردستان من حيث الموقف إلى محورين بينهما تباينات متناقضة في المواقف حيال ما يجري من عملية التفاوض بين المجلس الوطني الكوردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، فمصلحة الاتحاد الوطني الكوردستاني تكمن في دعم حزب الاتحاد الديمقراطي والوقوف معه إرضاءاً للعمال الكوردستاني والحرس الثوري الإيراني، لأن المنطق يقول إن علاقة هذه المحاور لا يمكن أن تنقطع أو تنهار مهما كان حجم الضغوطات الأمريكية عليهم، لأنهم جميعاً ينهلون من معين واحد ( إن صح التعبير ) وبالتالي هم يتشاركون في الكثير من الأجندات والمشاريع، ولا يمكن أن يتفارقوا أو يتم فك الإرتباط بينهم كفك الرأس عن الجسد.

بينما محور”أربيل” المتمثل بالرئيس مسعود البارزاني ( إذا تجرد من الحالة القومية الكوردية ) فهو المتضرر الأكبر من أي اتفاق محتمل بين المجلس الوطني الكوردي والاتحاد الديمقراطي، لأنهم بمجرد منح الشرعية السياسية إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يمثل الواجهة السياسية للعمال الكوردستاني في سوريا فإن هذا ( الحزب ) سيتحول إلى القوة الصاعدة وسيشكل تهديداً على المصالح الدولية والإقليمية،

وخاصةً إذا كان تحت الغطاء السياسي للمجلس الوطني الكوردي، ناهيك عن وجودة قوة عسكرية لها قوامها سبعون ألف مقاتل وبدعم من التحالف الدولي، فضلاً عن سيطرتهم على منابع النفط والمياه في المنطقة الذي يمنح لهم قوة إضافية،

وبالتالي مع الوقت ستسخدمهم إيران كقوة لتهديد على مصالح إقليم كوردستان الإستراتيجية من الجبهة الغربية وفرض حصار أو طوق شامل على ( أربيل ودهوك وزاخو) وبالتالي سيقع محور أربيل بقيادة الرئيس مسعود البارزاني في حصار مزدوج وخانق ( إيران ، سليمانية ، سوريا والسنة في العراق ) بالتالي ستكون أربيل هدف مباشر وتحت رحمتهم بمجرد اكتمال لبنات هذا المشروع في المنطقة، ورغم ذلك فإن الرئيس مسعود البارزاني يتجاوز هذه المخاطر على مستقبل إقليم كوردستان ويدعم الطرفين بعقد اتفاق مشترك بينهما.

المصلحة التركية

إن الأتراك بخلاف الجميع هم المستفيدون من عقد أي اتفاق محتمل بين المجلس الوطني الكوردي والاتحاد الديمقراطي، لكن ضمن شروط (قيل ) إنهم قد توصلوا إلى اتفاق مع واشنطن حول مستقبل منطقة شرق الفرات بمعنى إن نجحت تركيا من خلال ( الإتفاق المرتقب ) بإخراج “العمال الكوردستاني” من سوريا وإبعادهم عن المعادلة السياسية ومنعهم من كسب الشرعية و إجراء توازن عسكري في المنطقة بين الكورد وبقية المكونات في شرق الفرات شرط أن تكون تحت المظلة السياسية للمجلس الوطني الكوردي فإن ذلك يعتبر انتصار سياسي لدبلوماسيتها، وبالتالي فهم اكتسبوا المعركة بدون إطلاق رصاصة واحدة خلافاً لما قامت بها من عمليات في شرق وغرب الفرات، وبالتالي فإن تجربة إقليم كوردستان أثبتت للجميع أنه لا يشكل تهديداً سياسياً على دول الجوار، ويمكن الاحتفاء بهذه التجربة وتطبيقها في سوريا، ومن جهة أخرى ربما تدفع واشنطن منطقة شرق الفرات لتكون مركزاً للاستقرار والأمن وبالتالي تطلب من المعارضة السورية في المراحل اللاحقة نقل مقراتهم إلى الرقة ( كما فعلت في “صلاح الدين” إبان حكم صدام حسين) ومنحهم جزء من واردات النفط، وبالتالي سحب هذه الورقة من يد تركيا على مدى البعيد، ومن هنا فإن أنقرة ستضمن مصالحها قبل الموافقة على عقد أي اتفاق بين المجلس الوطني الكوردي وحزب الإتحاد الديمقراطي.

الموقف الإيراني الروسي

يمكن استخلاص موقف إيران والروس من أي اتفاق محتمل هو المعارضة الشديدة لهذه الصيغ، كون واشنطن هي الدولة (الضامنة) وبالتالي من الطبيعي تشكيل قوة سياسية وعسكرية في شرق الفرات تحت الإشراف الكوردي، وتتشكل بذلك تهديد مباشر لمصالحها الإستراتيجية في سوريا، وإغلاق طريق المياه الدافئة أمامها، وبناء عليه ستعمل طهران على تجييش العشائر العربية في شرق الفرات وتمويلهم ضد التواجد الأمريكي وبتأييد “العمال الكوردستاني” وبالتالي تدفع المنطقة نحو تطورات عسكرية سلبية تتساقط شرارة النيران وتصبح وبالاً على الجميع .

وبالمحصلة : رغم أن واشنطن عرضت نفسها كقوة ضامنة لأي اتفاق وبالخفاء، وعدم إصدار أي تصريح ( رسمي) حول ما يجري من خلف الكواليس في لقاءات المجلس الوطني الكوردي والإتحاد الديمقراطي، فإن من حق المرء أن يعرب عن قلقه وفق المعطيات الآنفة الذكر، لأن تجارب واشنطن في المنطقة كانت ( مريرة ) ولا يمكن الوثوق بها والركوب في سفينتها دون الخوض في حسابات دقيقة، وبالتالي على وفد المجلس الوطني الكوردي الذي يفاوض الاتحاد الديمقراطي أن يكون حذراً وحريصاً لأن في هكذا أمور لا مجال للخطاً، وما تقوم به واشنطن من مناورة في المنطقة تخدم مصالحها البعيدة، ولكن لا مانع من الإستفادة من هكذا خطوة لكن شريطة أن تخضع لحسابات دقيقة ومحسوبة سلفاً ، وأن لا يغامر “المجلس” مع الاتحاد الديمقراطي في أي اتفاقية إلا إذا صرحت واشنطن للعالم وعلى الملأ بأنها ضامنة للإتفاق ، وأن يكون ذلك بقرار من المجلس الأمن وبرضاء القوى الفاعلة في سوريا حتى لايكون الكورد في سورية عرضة لهجوم آخر ، ويتم عرضهم للبيع في البازارات كما حصل في عفرين في 2018 ، و كركوك 2017 وفي مهاباد 1947 .

اقرأ أيضاً : الصراع الصامت بين واشنطن وموسكو على القامشلي 

ملاحظة : وكالة ستيب نيوز لا تتبنى وجهة نظر كاتب المقال وليس من الضروري أن يعكس مضمون المقال التوجّه العام للوكالة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى