ما يزال الوضع في سوريا ضبابياً على جميع الأصعدة، فعسكرياً تحشد جميع الأطراف على محاور القتال شمال غرب سوريا، وسياسياً تتراشق تلك الأطراف الكلام، بالوقت الذي هناك جمود تام بالمواقف الدولية، على أمل حدوث انفراج ما يحرك الأمواج ولو قليلاً.
وللحديث عن الأمر والوضع السياسي في المشهد السوري التقت وكالة ستيب الإخبارية، عضو اللجنة الدستورية السورية، فراس الخالدي الذي تحدّث عن حيثيات ما أصاب الوضع في سوريا مؤخراً، ما أدى إلى جمود على كافة المستويات.
جمود الوضع في سوريا على كل المستويات
وقال "الخالدي": "تحريك الجمود الذي أصاب القضية السورية نتيجة النزاعات الإقليمية الأخرى والكورونا والانتخابات التي تشهدها بلدان مهمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية يستدعي تحركات نوعية من قبل قوى الثورة والمعارضة السورية".
وأكد أن مشكلة المعارضة السورية اليوم تكمن في انتظارها لمبادرات دولية وإقليمية ومن ثم إيجاد آلية للتفاعل مع هذه المبادرات والإجراءات المترتبة عليها، ثمّ وفي خضمّ انهماكها في تنفيذ هذه المبادرات تبدأ مرحلة الانقسام الناجمة عن حالة الاستقطاب الإقليمي بسبب اختلاف مصالح الدول الإقليمية فيما بينها واختلاف تحالفاتها.
ولفت إلى أنه قد يصل الأمر لدرجة اختلاف مبادئ هذه المبادرات وأهدافها مع أسس نشوء بعض الأنظمة الإقليمية وتكوينها وتركيبتها، مضيفاً: "هنا ترتفع وتيرة الانقسام داخل صفوف قوى الثورة والمعارضة مع ارتفاع وتيرة الضغوطات التي يتم ممارستها على كل طرف منها".
وبيّن أنه هكذا تقع المعارضة في مأزق انسجامها مع مبادئها ومع الشعارات التي لا بد أن تلتزم بها أمام الشارع الذي تمثله، وهذا سيؤدي بشكل طبيعي لنقل ارتباكها وانقسامها للفصائل وللإدارات المحلية والمدنية الموجودة في الداخل، وليدخل الجميع دوّامة الفوضى وصولاً لمرحلة التشظّي التي يصبح فيها كل فرد منّا دولةً بحد ذاته، وبالتالي فقدان إمكانية جمع السوريين على أي فكرة أو هدف وطني.
لا بد من صحوة سريعة للمعارضة
وتحدث "الخالدي" عن أنّ هذا الكلام يروق للنظام ولحليفه الإيراني، وهذا ما سعوا إليه منذ اليوم الأول لاندلاع الثورة ضدهم لإظهار الطرف الآخر على أنه مصدر للفوضى والإرهاب في مواجهة الدولة والاستقرار والأمن الإقليمي والدولي.
وشدد على أنه لا بد من صحوة سريعة ومبادرة وطنية تُعيد الاحترام لمؤسسات المعارضة على وجه السرعة، قائلاً: "المسارعة اليوم لإعادة ترتيب هيئة التفاوض هو واجب وطني سيؤكد معه وحدة المعارضة وامتلاكها لجسم مهيّأ للتباحث مع أي دولة فاعلة في الملف السوري أو للتنسيق مع المنظومة الدولية لإيجاد حل للقضية السورية".
وتابع: "كذلك فإن استقرار هيئة التفاوض سينعكس إيجاباً على استقرار اللجنة الدستورية وتسهيل عملها وسحب ذرائع تعطيل النظام لدوريّاتها التي تنعقد بين الحين والآخر".
وأكد على أنّ نبذ الخلافات والخروج من خنادق الاستقطاب سيعطي فرصة للمعارضة بتبنّي موقف موحد ضد النظام والإرهاب في آن (بدلاً من استمرار اتهام قسم من المعارضة برفض تجريم الإرهابيين)، وسيوفر لها المناخ الملائم لإطلاق مبادرة وطنية منطقية قادرة على أن تكون مظلة جامعة للسوريين على مختلف انتماءاتهم وتحفظ وحدة البلاد وما تبقى من مؤسساتها، وستشجّع العالم على دعمها كونها مبادرة وطنية محضة تزيل معها أي شكوك بالتبعية لأحد المحاور ضد المحاور الأخرى، حسب تعبيره.
الحل السوري منطلق من السوريين
ولفت "الخالدي" إلى أنه يجب أن يفهم السوريون جميعاً بأنهم ليسوا فقط من يحتاج الحل لمشكلتهم، فالعالم بغالبيته يحتاج الحلول لكنه ينتظر منّا اقتراحها، وأضاف:" العالم ليس مستعداً لبذل الوقت والجهد والموارد على حساب مواطنيه لننعم نحن برفاهية اختيار ما يناسبنا".
وبيّن أن تفريخ الأزمات في المنطقة يتطلّب العودة للأرومة التي انبثقت عنها باقي الأحداث (العراق، سوريا)، لذلك علينا العمل ثم العمل وعدم الانتظار ووضع مصلحة سوريا وشعبها في المقام الأول، بحسب وصفه.
مشاكل اللجنة الدستورية
وأكد أن النظام السوري مستمر بتعطيل أعمال اللجنة الدستورية، حيث قال: "منذ اليوم الأول لاندلاع الثورة قالها عبر وزير خارجيته المعلّم (سنغرق الشعب السوري والعالم بالتفاصيل)، وهو مستمر في لعبة الوقت والتفاصيل التي يجيدها، حيث أطلق الإرهابيين من سجن صيدنايا واتّفق مع حليفه الإيراني على إطلاق إرهابيّي سجن أبو غريب في العراق، وزرع الإرهابيين في صفوف قوى الثورة بتسهيلات من جهات أخرى فقاموا بعد تمدّدهم بتصفية أبطال الجيش الحر (أبناء سوريا)".
وتابع: "وبعد أن دانت لهم السيطرة على قرار المناطق المحررة كان من السهل إلصاق تهمة الإرهاب بالمعارضة السورية خصوصاً مع رفضها لمشروع قتال داعش الذي عرضه البنتاغون الأمريكي آنذاك، فكان من نصيب قوات سوريا الديمقراطية بعد رفض المعارضة تبنّيه، وعندما حظيت قوات سوريا الديمقراطية بهذا الدعم الأمريكي الكبير كان من الطبيعي أن تحاول فرض مشروعها في المناطق التي تسيطر عليها بفضل إطلاق يدها من قبل التحالف الدولي، الأمر الذي انبثق عنه صراع جديد بين المعارضة ومن خلفها نيابةً عن التركي وقوات سوريا الديمقراطية، وهكذا جعلنا النظام نمضي في طريق متسلسل من المشكلات والعقبات، كلّما نجحنا في نزع فتيل أحد الألغام نُفاجأ بلغم آخر".
لا إطار زمني للحل
وبحديثه عن اللجنة الدستورية قال: "للأسف لا يبدو أنّ هناك إطار زمني لإنجاز ملف الدستور في ظل حالة الاستعصاء بين النظام والمعارضة من جهة والانقسام داخل صفوق المعارضة من جهة أخرى، وكذلك الأزمات الدولية الكبرى التي لا نعرف مستقرّاً لها في المدى المنظور، كل ما نعرفه فقط أنه يجب علينا الاستمرار بالعمل دون كلل لإنقاذ ما تبقى وطننا وأهلنا".
[caption id="attachment_318766" align="aligncenter" width="426"]
style="max-width:100%; height:auto; display:block;" class="wp-image-318766" src="https://stepagency-sy.net/nfiles/2020/10/765431.jpg" alt="عضو اللجنة الدستورية السورية يكشف سبب جمود الوضع في سوريا وإمكانية تجديد ولاية الأسد " width="426" height="228" /> عضو اللجنة الدستورية السورية يكشف سبب جمود الوضع في سوريا وإمكانية تجديد ولاية الأسد[/caption]