تحقيقات ستيب

من يدعم رغد صدام حسين وهل تسمح القوانين العراقية بعودتها!

تصدّرت رغد صدام حسين، مواقع التواصل الاجتماعي ومؤشر البحث العالمي في الوطن العربي خلال اليومين الماضيين، عَقَبَ ظهورها في أوّل لقاء من سلسلة مقابلات لها مع قناة العربية.

تطرقت خلال المقابلات إلى أمور عدّة، ولعلّ ما أثار ضجة هو تصريحها حول عودتها إلى العراق ونيّتها في الترشح للانتخابات المقبلة، مُبديةً في بعض التصاريح انزعاجها من الوجود الإيراني في البلاد، بالإضافة إلى رفضها تقسيمه ومخاوفها من الفيدرالية.

في هذا التقرير الموسع المستند على تصاريح خاصة واستبيان رأي استهدف آلاف العراقيين، تمّت الإجابة على نقاط هامّة حول إمكانية عودة رغد صدام حسين والسبب الذي يمنعها؛ وكذلك رفضها للنظام الفيدرالي والداعمين لها.

من يدعم رغد صدام حسين وهل تسمح القوانين العراقية بعودتها
من يدعم رغد صدام حسين وهل تسمح القوانين العراقية بعودتها

¶ من هي وريثة عرش صدام حسين؟

وُلِدَت رغد في العاصمة العراقيّة بغداد عام 1967، وهي الابنة الكبرى للرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين. تزوجت في عمر الخامسة عشر من ابن عم والدها، حسين كامل، الذي كان يترأس هيئة التصنيع العسكري وأوّل المنشقين عن نظام أبيها.

شهدت أحداث الحرب الإيرانيّة العراقيّة عام 1980، والغزو العراقي للكويت عام 1990، وتقيم في المملكة الأردنيّة الهاشمية منذ عام 2003، وكانت تتابع فريق الدفاع عن والدها أثناء محاكمته.

¶ هل يسمح العراق بعودة رغد صدام حسين؟

أعلنت ابنة الرئيس العراقي الأسبق في سلسلة مقابلات مع قناة العربية أنها ستعود إلى العراق، وقالت: “أنا متأكدة من عودتي للعراق. هذا وطني”. 

وحول ذلك، يقول الباحث السياسي والمستشار الإعلامي لرئيس إقليم كردستان الأسبق، كفاح محمود في حديثٍ لستيب: “أن الوقائع على الأرض لا تسمح على الأقل الآن وفي المستقبل المنظور العودة للحكم بأي شكل من الأشكال لها ولغيرها من طاقم نظام الحكم السابق ورئيسه صدام حسين”.

ويُضيف: “كما أن الدستور العراقي وجملة القوانين تمنع وتحظر بشكل مطلق أي دخول سياسي لعائلة صدام وأي من قيادات حزب البعث مهما كانت. ربما هناك من أوهمها بأن الظروف مواتية الآن، لكن لن يكون هناك حتى من يستقبلها داخل الأراضي العراقيّة”.

kafah oct16 16 kk
كفاح محمد: المستشار الإعلامي لرئيس إقليم كوردستان الأسبق، مسعود بارزاني، وباحث سياسي عراقي

من جهته، يبين الباحث والمحلل السياسي العراقي، زياد العرار، أن: “مصير السيدة رغد بالعودة للعراق من عدمه، يحددها الدستور والقوانين العراقيّة النافذة، والتي بطبيعة الحال لا تسمح لها بالعودة، وبالتالي مهما كثر الحديث والتأويل فإن عودتها غير ممكنة وفق الأطر القانونية الحاليّة”.

¶ دور سياسي في مستقبل العراق والترشح للانتخابات المقبلة

أشارت وريثة عرش صدام خلال مقابلتها مع “العربية”، إلى إمكانية أن تلعب دوراً سياسياً في بلادها خلال الفترة المقبلة، قائلةً: “كلّ شيء وارد وكلّ الاقتراحات موجودة”.

أوضح المحلل السياسي، زياد العرار، في حديثٍ لـ”ستيب” أن مصير رغد بالمشاركة في العملية السياسية من عدمها يحددها الدستور والقوانين العراقيّة، والتي لا تسمح لها بالمشاركة في العملية الانتخابية أو السياسية رسمياً”، مُضيفاً “والطبقة السياسية الحاليّة لن تسمح لها بالمشاركة مُطلقاً خصوصاً القوى الشيعية”.

زياد العرار: باحث ومحلل سياسي عراقي
زياد العرار: باحث ومحلل سياسي عراقي

¶ تقسيم العراق والفيدرالية

رغد صدام حسين خلال اللقاء، قالت إنَّ: “موضوع تقسيم العراق أصبح أحد الخيارات المطروحة على الساحة السياسية”، مُشددةً على “أن لكل مرحلة متطلباتها إلا تقسيم الوطن”.

وعبرت عن قلقها الشديد من “تقسيم العراق” أو تحوله لدولة فيدرالية، قائلةً “لا أتمنى أن أرى هذا اليوم في بلادي”، حسب تعبيرها.

يقول الدكتور كفاح محمود: “السيدة رغد من حقبة النظام السابق الذي يرفض النظام الديمقراطي فما بالك الفيدرالي؟”.

ويُضيف: “العتب على من يشارك في النظام اليوم ويعمل على تقويض النظام الفيدرالي والديمقراطي؟ أنها أزمة خانقة وتناقضات مريبة، حينما تلتقي إرادات متنافرة على هدفٍ واحد!”.

¶ من يدعم رغد صدام حسين؟

اختلف المطلعون على سلسلة مقابلات ابنة صدام على السبب الذي جعلها تظهر بهذه الثقة وتصرح بعودتها وما زاد على ذلك رغبتها في الترشح للانتخابات العراقيّة المقبلة، كما تباينت الآراء حول الجهة التي تدعمها وتشجعها على الظهور.

يذهب الدكتور كفاح محمود إلى القول إنَّ: “الداعمين كُثر بسبب فشل الحاكمين اليوم، لكنها لن تحتاج إلى جهد كبير خاصةً في الإعلام، لأنها موضوع مشوق ومرغوب للإثارة وتوسيع مساحات المشاهدة والمتابعة الإعلامية ليس إلا”.

ويتابع: “الموضوع ليس كما يظن البعض، وما هي إلا استعراض إعلامي دعائي لا أكثر ولا أقل، لأن الوقائع على الأرض لا تسمح على الأقل الآن وفي المستقبل المنظور لها ولغيرها من طاقم الحكم السابق من الاقتراب من مواقع القرار في النظام الجديد الذي ورث الحكم من أبيها”.

عضو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، غياث السورجي، يقول: “لم تكن ابنة الرئيس العراقي الأسبق شخصية سياسية وهي لا شيء إلا كونها ابنة المقبور صدام، وليس لها شعبية لدى حاملي الفكرة البعثية وأنصار والدها”.

ويُضيف: “عودة رغد صدام حسين بعد 15عاماً من الغياب الإعلامي وعلى شاشة العربية تحديداً هو مشروع سياسي تبنته الدولة التي تمول القناة لمناهضة النفوذ الإيراني والقوى الأجنبية الأخرى في العراق. وهذا اللقاء لم يكن مجرد مقابلة إعلامية فقط وليس اختياراً عشوائياً، بل يحمل دلالات سواء للداخل العراقي أو خارجه”.

ghiath al sorji 27032018
غياث السورجي: قيادي في حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني

في حين يرجح سياسي عراقي لستيب أن يكون الداعمين لها هم المقربون منها ومستشاروها فقط: “هؤلاء يحللون الوضع العراقي الآن ويتأملون أن يكون هناك عدد لا بأس به معها ليس حبّاً بها، ربما لأنهم سئموا من الوضع الحالي، ولا أتوقع أن تكون هناك جهة دولية تدعمها”.

¶ موقف الشعب الكردي بإقليم كردستان من عودة رغد صدام حسين

كانت عمليات القتل جزءًا من حملات العقاب الجماعية التي كان، صدام حسين، يقوم بها ضد الشعب الكردي في العراق، حيث قتل الآلاف منهم بالكيماوي والرصاص الحي تحت حججٍ واهية.

ما إن خرجت وريثة عرش صدام في سلسلة مقابلات مع العربية، حتى عبر الكرد عن غضبهم ورفضهم لعودتها بعد الجرائم التي ارتكبها النظام البعثي بحقهم.

يقول غياث السورجي: “بالتأكيد عودة رغد صدام أمر غير مقبول لدى الشارع العراقي عامةً والشعب الكردي على وجه الخصوص. هناك ردود أفعال متباينة من قبل أبناء الشعب العراقي وخاصةً الشعب الكردي، لأنهم يعتبرون البعث يعني التآمر والانقلابات والتعذيب وهتك الأعراض والعدو. إذاً عودتها مرفوضة بالمطلق”.

وأضاف: “في ظل التطور الديمقراطي الذي يشهده العراق والمكانة المتقدمة التي وصل إليها الكرد في المعادلة السياسية قياساً بالدول الجيران (إيران وتركيا وسوريا)، لهذا يرفض الشعب الكردي عودة البعث وأزلامه وأي نظام شوفيني استبدادي بالمشاركة في العملية السياسية في العراق وحكومة الإقليم”.

¶ هل يُسبب ظهور رغد أزمة بين ثلاث دول عربية؟

ما إن أعلنت رغد حسين عن نيّتها في العودة إلى العراق، حتى طالبت لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين في مجلس النواب العراقي وزارة الخارجية العراقية باستدعاء سفيري السعودية والأردن، وتسليمهما مذكرتي احتجاج على خلفية نشر أخبار عن لقاء مرتقب لها على قناة “العربية” تتحدث فيه رغد صدام حسين عن دور إيران في العراق، وأن الأولى استباحت بلادها.

وأوضح رئيس لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين، عبد الإله النائلي، أن استدعاء السفير السعودي يأتي لأن قناة “العربية” قناة سعودية، أما سفير الأردن فإن استدعاؤه لكون بلاده هي مقر إقامة رغد صدام حسين.

وقالت اللجنة في خطابها إنّ هذه الاستضافة تعدّ “تجاوزاً سافراً” على الشعب العراقي، وتضحياته في مقارعته لحزب البعث الذي كان يتزعمه، صدام حسين، الرئيس العراقي الأسبق.

تعليقاً على ما قد يخلقه اللقاء من أزمة بين ثلاث دول عربية، قال زياد العرار: “لا أتوقع أن يُحدِثَ ظهور السيدة رغد الإعلامي إشكالات رسمية مع أي دولة، لكنه خلق انزعاج عند فئة عراقية كبيرة منه ماهو سياسي وماهو شعبي”.

¶ أوّل ردّ رسمي عراقي حول عودة رغد صدام حسين

ردّاً على تصريح رغد صدام حسين وعودتها للعراق، قال زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الجمعة، في بيان عبر صفحته الرسمية على منصة “تويتر”: “حينما أتابع الأخبار وأرى أصواتاً للبعث الصدامي تتعالى فإني أحس بالغضب من ناحية والحزن على ما آل إليه عراقنا الحبيب من ناحيةٍ أخرى”.

وأضاف: “ومن هنا وكخطوة أولى فإن على الشرفاء في البرلمان والحكومة تفعيل دور (هيأة اجتثاث البعث) الإرهابي المحظور وليس (هيأة المساءلة والعدالة)، وإلا فإننا ملزمون بأن نقوم بما يمليه علينا ضميرنا وحبنا للوطن لتنتهي تلك الأصوات، وإن أنكر الأصوات لصوت البعث العفن”.

وختم الصدر كلامه: “لا مكان للبعث في عراقنا الحبيب ونحن لهم بالمرصاد، فما زلنا نتذكر المجازر الصدامية والمقابر الجماعية وقطع الآذان والأيدي وقتل العلماء، وإننا وإن كنا ممن يرى أن أغلب الطبقة السياسية الحالية ليست بعيدة عن الفساد إلا أن ذلك لا يعني عودة العفالقة الأجناس فكلاهما عدو للعراق وشعبه”.

¶ وريثة صدام ضمن لائحة الإرهاب

في شهر فبراير/شباط 2018، نشرت الحكومة العراقية للمرّة الأولى، أسماء 60 شخصاً من أهم المطلوبين أمنياً، لانتمائهم إلى تنظيمي “داعش” و”القاعدة” وحزب البعث الذي كان يرأسه الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين.

وتضمنت القائمة 28 من كوادر “داعش”، و12 من قادة “القاعدة”، و20 من قادة حزب البعث المنحل، بينهم ابنة صدام الكبرى رغد.

¶ مذكرة اعتقال بحق رغد صدام حسين

لم تكتفِ الحكومة العراقية عام 2018 بزّج اسم رغد صدام حسين ضمن قائمة الإرهاب، بل طالبت الأردن بتسليمها.

قالت صحيفة “عكاظ” السعودية، نقلاً عن مصادر وصفتها بـ”المأذونة” حينذاك، إنَّ هناك محاولات تمارسها الكتل السياسية البرلمانية للضغط على الأردن، لتسليم بغداد معارضين عراقيين على رأسهم رغد ابنة الرئيس العراقي السابق، صدام حسين.

وفي العام نفسه، نقلت صحيفة “رأي اليوم” عن مصدر حكومي مطلع قوله إنَّ: “الحكومة الأردنية تلقت مذكرة من نظيرتها العراقية لتسليم رغد”، لافتاً إلى أنه تمَّ تجاهل ذلك ولم يتمّ التعليق عليه بسبب أن “رغد تقيم في الأردن بصفة ضيف على الملك والحكومة والشعب لأسباب إنسانية”.

بحسب رغد حسين، فإن “مذكرة التوقيف الخاصة بها، سببها الدفاع عن والدها”.

¶ استبيان رأي من ستيب استهدف آلاف العراقيين حول عودة رغد صدام حسين

يمكنك الوصول إليه بالضغط هنا 

في استبيان أجرته وكالة “ستيب الإخبارية” استهدف العراق لمدّة 3 أيّام لمعرفة آراء المجتمع العراقي حول عودة رغد صدام حسين إلى البلاد، والترشح لمنصب سياسي مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، تبيّن أن 58% ممن صوتوا يؤيدون عودتها في حين أن 18% منهم ضد عودتها، مع تحفظ 24% من التصويت وإبداء عدم اهتمامه بالموضوع.

Screenshot 2021 02 20 13.12.52 1

 

¶ سبب تأييد عودتها

يقول صاحب حساب “يزيد السرحاني” على اليوتيوب إنه يؤيد عودة ابنة صدام حسين “ليس من أجل صدام نفسه إنما لأنها تستطيع استغلال كاريزما والدها وتساند الحكومة في إبعاد النفوذ الأجنبي”، وفقاً لتعبيره.

IMG ٢٠٢١٠٢٢٠ ١٢٠٩٣١

IMG ٢٠٢١٠٢٢٠ ١٢٠٧٤١

¶ سبب رفض عودتها

اختلفت أسباب الرفض بين النشطاء العراقيين، منهم من رفضها لأنها “ابنة مجرم قاتل وبعودتها سيجوع العراق”، ومنهم من رفض ذلك لأنها امرأة، وبين من وصفها بــ”الإرهاب”.

IMG ٢٠٢١٠٢٢٠ ١٢٠٨٢٠

IMG ٢٠٢١٠٢٢٠ ١٢٠٩١٢

إعداد: سامية لاوند

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى