حورات خاصةسلايد رئيسي

مجلس الأمة الكويتي بصراع مع الحكومة.. ما سرّ ديمقراطية الكويت الفريدة عربياً وكيف لمواطن أن يحلّ حكومة

تشهد الكويت صراعاً قلّ نظيره في العالم العربي بين مجلس الأمة “البرلمان” والحكومة الكويتية، وذلك بإطارٍ دستوري حول قوانين وتجاذبات سياسية ووطنية، تمثّل نوعاً من الديمقراطية والخلافات الخلّاقة التي لم تعتد عليها دول عربية أخرى.

حيث قدّم رئيس الوزراء الكويتي صباح الخالد الصباح استقالة حكومته لأمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بعد نحو شهر من توليه الحكم في الكويت، وذلك على إثر صراع مع مجلس الأمة الكويتي الذي كان يطالب باستجواب الحكومة، ومع بداية العام 2021 بدأت الكويت عهداً جديداً يقوده أمير البلاد الشيخ نواف، ومجلس أمه منتخب جديد، ثم تلاه حكومة جديدة أعيد تشكيلها برئاسة الشيخ صباح الخالد الصباح.

ورغم ذلك لا تزال الكويت تشهد تجاذبات بين مجلس الأمة الكويتي والحكومة الجديدة بدأت منذ جلسة القسم، وللوقوف على مجريات الأحداث الداخلية في الكويت، التقت وكالة ستيب الإخبارية، الدكتور عايد المناع، الباحث والأكاديمي الكويتي، والذي وضّح تفاصيل الخلافات ومجريات الأحداث المتوقعة.

 

أسباب الخلافات بين مجلس الأمة والحكومة الكويتية

يعتبر مجلس الأمة الكويتي هو السُلطة التشريعية في الكويت، ويتكون من 50 عضواً منتخباً من قبل الشعب، ويشترط الدستور الكويتي ألا يزيد عدد الوزراء عن ثلث عدد النواب، ويرأس المجلس حالياً، مرزوق الغانم ونائبه أحمد الشحومي.

اقرأ أيضاً: بسبب 3 اتهامات.. الحكومة الكويتية تقدم استقالة جماعية مفاجئة واستجواب لرئيسها

يقول الدكتور عايد المناع: “في ظل الأنظمة ذات الطابع البرلماني وخاصةً تلك التي لا يكون فيها حزب يشكل أغلبية من أجل تشكيل الحكومة وهو ذاته ما يحصل في الكويت، تظهر تباينات بين البرلمان والحكومة، وحتى قد نصل لمراحل يكون فيها كل نائب قد يمثل تياراً سياسياً وحده”.

ويضيف: “إضافة إلى أن النواب الذين يسعون لقضايا مطلبية مسنودة بناخبيهم من الشعب سواء من المنطقة أو القبيلة التي ترشّح منها قد تدخله بصراع مع الحكومة ما بين إمكانية تطبيقها حسب رؤية كل من النائب والحكومة”.

ويوضّح بأنه عادةً بات يحصل نوع من التصعيد بين البرلمان والحكومة من خلال استخدام أداة الاستجواب في الكويت، حيث أعطى الدستور الكويتي للنائب الحق بأن يقدم استجواب للحكومة في أي وقت دون الحصول على عدد معيّن من الأصوات من نواب آخرين مثلاً.

ويشير إلى أنّ الاستجواب في الكويت يحظره جمهور من الناس لذلك هو ذو طابع شعبي دستوري، وقد يؤدي أحياناً الى أزمات وأحياناً أخرى قد يؤدي لتغيير مواقف بسبب مراعاة الجمهور الحاضر أثناء الجلسة.

اقرأ أيضاً: بالفيديو || عَراك بالأيدي بين نواب مجلس الأمة الكويتي واحتجاجات في محيط المجلس

مصير الحكومة في الكويت

رغم إعادة تشكيل الحكومة من جديد إلا أن عدداً من النوّاب الكويتيين لا زالوا يعترضون على ملفات وقضايا مرتبطة بالحكومة، بل حتى وصلت الاعتراضات إلى رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، والمطالبة بإقالته، كما قاطع عدد من النواب جلسة القسم للحكومة الجديدة كنوع من الاحتجاج.

يقول الدكتور عايد حول الأمر: “الحكومة الجديدة شُكّلت وانتهى الأمر بتلك المناكفات التي حصلت، ومن الطبيعي أن هناك قوى وأطراف سياسية كان من الممكن أن تدفع للتعطيل، ومما يراه بعض النواب ويأخذون عليه بأن الحكومة وفق المادة 98 بالدستور الكويتي عليها أن تقدم برنامجها، وبناء على ذلك حصل مماحكات بين الحكومة والنواب من خلال اعتراضات على أشخاص بالحكومة أو ملفات تحملها وتراها وفق برنامجها وتعارض مع رؤية بعض النواب”.

ويلفت إلى أن الأمر قد حصل في الحكومة السابقة حين أعيد تشكيلها مرة ثانية وأخرج منها الوزراء المتحفظ عليهن ضمن التشكيلة الوزارية بعد اعتراض عدد من نواب البرلمان الكويتي.

ويبيّن بأن هذه الأمور تطلب أن تقرأ من خلال نتيجة الانتخابات قراءة متمعنة من قبل رئيس الوزراء المكلّف بتشكيل الحكومة، مشيراً إلى أنه قد استطاع رئيس الوزراء تمرير حكومته رغم الصعوبات، وتمكّن من الحصول على تأجيل للاستجوابات خلال مرحة الدورة الحالية إلى الدورة القادمة أي ما يقارب عام.

الحكومة تشكّلت والأمور تسير بالطريق السليم وإن كانت لا تخلو من “المطبات” الدكتور عايد المناع

 

ويضيف: ” أعتقد أن الحكومة الحالية حصلت على الثقة وأمّنت رئيس الوزراء لمدة عام تقريباً من الاستجوابات بينما الوزراء غير مؤمنين بهذا الجانب، وستسير الأمور بينما إذا تعقدت فهناك نص دستوري واضح بالمادة 107 حيث “يحل الأمير مجلس الأمة بمرسوم مسبب ويدعو إلى انتخابات جديدة خلال شهرين من تاريخ الحل”، واعتقد أن النواب غالباً يجتنبون العودة إلى الانتخابات، لذلك سيكون هناك نوع من تخفيف حدة الاحتقان نسبياً”.

 

ما تأثير الخلافات على بداية عهد أمير البلاد؟

جاءت تلك الخلافات مع بداية عهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وهو ما رآه البعض تحدياً أمام الأمير الجديد في البلاد، رغم أنه لم يكن جديداً في مقاليد الحكم فهو ولي العهد منذ سنوات عديدة.

ويوضّح الأكاديمي الكويتي الدكتور عايد المناع بأن الحكومة تشكّلت والأمور تسير بالطريق السليم وإن كانت لا تخلو من “المطبات”، معتبراً أن النظام السياسي في الكويت ما كان بيوم من الأيام مهددًا جراء الصدامات بين مجلس الأمة والحكومة، حيث أن النظام السياسي تمسك فيه الكويتيون بأحرج الظروف عند الغزو العراقي عام 1990.

الأمير ذاته مصونة لا تمس وليس محل نقاش أبداً الدكتور عايد المناع

 

ويقول: ” والأمير ذاته مصونة لا تمس وليس محل نقاش أبداً وهو لا يمارس أي صلاحيات مباشرة إلا من خلال وزرائه، ونظام الحكم في الكويت وراثي في ذرية مبارك الصباح، والأمير يُعين أي شخص من هذه الذرية، أما رئيس الوزراء فمن حق الأمير أن يُعين رئيس الوزراء والوزراء وأن يعفيهم من مناصبهم وفق المادة 56 من الدستور الكويتي، ولم يحدد الدستور أن يكون رئيس الوزراء من الأسرة الحاكمة لكن جرت العادة أن يكون كذلك”.

ويضيف: “هناك قوة تجارية وأخرى سياسية وربما تعمل أو تحرّض، لكن لا يوجد أي جهة تفرض على النواب مواقف سياسية ما إلا مصالح ناخبين أو مصالح شخصية، والكويت دولة لا يقوم الانتخاب فيها على القوائم الحزبية بينما الترشح فيها فردي والانتخاب فردي، لذلك فالنائب متحرر من أي التزامات من أي اتجاه كان ولا تأثير عليه من أي جهة”.

شاهد أيضاً: ربما تعتقد أن الكويتيين مرفهون يسكنون القصور..هل تعرف ماذا فعل ثلث جيشهم بالحروب ضد إسرائيل!؟

هل تراجعت ديمقراطية الكويت الفريدة عربياً؟

تبقى تلك المناكفات كما وضّح الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي، عايد المناع، نوعاً من المنافسة والديمقراطية بإحدى أشكالها، حيث تعتبر الكويت واحدةً من أكثر البلدان العربية بإعطاء الحرّيات الشخصية وحقوق الإنسان، رغم بعض الشائبات التي تطفو بين الفينة والأخرى مثل ملفات فساد وغيرها.

يقول الدكتور عايد: “لا غنى عن الديمقراطية في الكويت بشكلها الحالي، رغم أننا نأمل أن تكون أفضل، إلا أنها مازالت موجودة، والدستور الكويتي ينص على أن نظام الحكم في الكويت “ديمقراطي السيادة فيه إلى الأمة مصدر السُلطات جميعاً”، ويقوم الدستور أيضاً على فصل السُلطات مع تعاونها وعدم تدخل أي منها بالأخرى (تشريعية وتنفيذية وقضائية) وكل واحدة منها منفصلة دستورياً عن الأخرى”.

ويضيف: ” لا أعتقد أن هناك يأس من الديمقراطية، رغم وجود انتقاد من قبل بعض النواب لسلوكيات معينة سواء من البرلمان أو الحكومة، لكن تبقى النتيجة التي تخرج بالانتخابات هي الإرادة الشعبية التي أوصلت نواب من هذا النوع إلى قبّة البرلمان، وفي حال عدم الرضا يمكن تغييرهم من قبل ناخبيهم”.

ويؤكد أن الحكومة الجديدة بانتظارها ملفات كبيرة للعمل عليها منها ملفات الفساد التي تحتاج إلى ملاحقة، وتبدو الحكومة جادّة في هذا الملف فيما تبقى الرقابة الشعبية من خلال البرلمان مهمة في هذا الملف، كما يوجد ملف كورونا وآثاره والذي يحتاج لجهد وتعاون بين الحكومة والبرلمان، كما يوجد ملف المشاريع التنموية في البلاد التي تحتاج إلى خطّة جدّية من الحكومة والسير بها لنقل الكويت إلى دولة لا تعتمد على إرادات النفط وتكون متعددة المصادر إضافة إلى أمن البلد والأوضاع المحيطة والتي تتطلب عدم الدخول بمهاترات وصراعات.

ويشير إلى أن الصراعات القائمة لا تزال ضمن إطار البرلمان والحكومة حيث يمكن التغلب على هذه المشاكل من خلال المساومات والمفاوضات والآراء، معبراً أنه حتى لو وصل الأمر لتغيير هيكلية الحكومة أو حل البرلمان، فإن كل ذلك لا يضر طالما أنه في إطار النهج الدستوري القائم.

مجلس الأمة الكويتي بصراع مع الحكومة.. ما سرّ ديمقراطية الكويت الفريدة عربياً وكيف لمواطن أن يحلّ حكومة
مجلس الأمة الكويتي بصراع مع الحكومة.. ما سرّ ديمقراطية الكويت الفريدة عربياً وكيف لمواطن أن يحلّ حكومة

حوار: جهاد عبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى