“مطار منغ” أول قاعدة عسكرية تركية في سوريا.. خبير يكشف أبعاد الاتفاق وسيناريوهات مطروحة
تشهد قاعدة مطار منغ الجوية في شمال حلب عمليات صيانة وتحديث واسعة النطاق، في خطوة تهدف إلى تحويلها إلى قاعدة جوية تركية سورية مشتركة. وتهدف جهود التجديد إلى جعل القاعدة مركزًا استراتيجيًا للعمليات العسكرية المشتركة والتدريب العسكري، وفق ما نقلت مصادر محلية وتقارير إعلامية.
تعزيز التنسيق العسكري بين البلدين
وحسب المصادر فمن المتوقع أن تستضيف القاعدة طائرات وأنظمة دفاع جوي تركية، مما يعزز التنسيق العملياتي بين البلدين ويضع أسسًا لشراكة أمنية طويلة الأمد.
ووفقًا لمصادر مطلعة، قامت القوات التركية مؤخرًا باستطلاع قاعدة مطار “التيفور” العسكري في ريف حمص الشرقي، لكن دون إرسال تعزيزات عسكرية أو لوجستية حتى الآن، مما يشير إلى احتمال وجود خطط مستقبلية لتعزيز التعاون العسكري في مناطق أخرى داخل سوريا.
اتفاقية دفاع مشترك.. قراءة في الأبعاد الاستراتيجية
يقول الدكتور صلاح قيراطة، الخبير العسكري والاستراتيجي: “في سياق التغيرات السياسية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد وتولي الحكومة السورية المؤقتة برئاسة أحمد الشرع زمام الحكم، يطرح تساؤل مهم حول إمكانية توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين تركيا وسوريا”.
ويضيف: “هناك أبعاد سياسية منها تعزيز شرعية الحكومة السورية المؤقتة، حيث يمكن لهذه الاتفاقية أن تقوي موقف الحكومة الجديدة في الجامعة العربية والمؤسسات الدولية، كما ترسل رسالة واضحة بأن سوريا الجديدة ليست ساحة نفوذ إيراني أو روسي”.
ويتابع: “تركيا تُعد بوابة سوريا إلى العالم الخارجي، ويمكن أن يسهم التقارب معها في تطوير العلاقات مع دول الخليج ومصر والأردن وأوروبا وأمريكا، مما قد يفتح المجال أمام دعم اقتصادي ومشاريع إعادة الإعمار. إضافة إلى أن التعاون الأمني مع تركيا قد يسهل عودة اللاجئين السوريين من تركيا إلى بلادهم بطريقة منظمة وآمنة، خاصة إذا ترافقت الاتفاقية مع برامج إعادة تأهيل للمناطق المحررة”.
الأبعاد العسكرية:
أما عن الأبعاد العسكرية، فيشرح: “ستكون الأولوية للحكومة المؤقتة إعادة هيكلة الجيش السوري على أسس وطنية حديثة، وهو ما يمكن تحقيقه عبر: تدريب الضباط والجنود وفق معايير حديثة. تزويد الجيش السوري بأسلحة متطورة لمواجهة التحديات الأمنية المستقبلية. تقديم دعم لوجستي واستخباراتي لضمان الاستقرار الداخلي”.
ويشر إلى أن سوريا ستبقى تواجه تهديدات من بقايا التنظيمات الإرهابية والميليشيات الإيرانية، مما يستدعي التعاون العسكري مع تركيا لتعزيز الأمن من خلال: “تأمين الحدود الشمالية ضد أي تهديدات محتملة. ضبط المناطق التي كانت تحت سيطرة الميليشيات المسلحة. مواجهة أي محاولات من إيران أو روسيا لإعادة فرض نفوذها العسكري في البلاد”.
ويؤكد “قيراطة” أن أي اتفاق مع تركيا يمكن أن يساعد في استعادة المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية المؤقتة، وضمان دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش الجديد بدلاً من اعتبارها ميليشيا مستقلة.
ويوضح أن سوريا كانت تعتمد على روسيا وإيران في تأمين دفاعاتها الجوية، ولكن مع انهيار النظام، تحتاج البلاد إلى بدائل. وتركيا تمتلك تكنولوجيا عسكرية متقدمة مثل الطائرات المسيّرة وأنظمة الدفاع الجوي، مما قد يسد الفجوة الدفاعية.
السيناريوهات المحتملة للاتفاقية
يقول الدكتور صلاح قيراطة: إن توقيع اتفاقية دفاع مشترك كاملة، يشمل هذا السيناريو تنسيقًا عسكريًا واستخباراتيًا شاملًا، وإنشاء قواعد عسكرية مشتركة.
أما السيناريو الثاني فهو تعاون استخباراتي وعسكري محدود، حيث يتم التعاون فقط في مجالات مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود.
هل الاتفاقية خيار استراتيجي؟
يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي أنه في ظل المتغيرات السياسية والعسكرية، يبدو أن توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع تركيا قد يكون خيارًا استراتيجيًا مهمًا لسوريا الجديدة، شريطة أن يتم توظيفه بما يحقق المصلحة الوطنية دون المساس بالاستقلال السياسي والعسكري، لا سيما مع استباحة الطيران الإسرائيلي للأجواء السورية وتوغل قواتها برّاً جنوب البلاد بلا رادع.
ويشدد على أن أفضل السيناريوهات قد يكون البدء باتفاقية أمنية وعسكرية محدودة مع تركيا، ثم توسيع نطاقها تدريجيًا وفقًا لاحتياجات سوريا واستقرارها الداخلي، لضمان التوازن بين إعادة بناء الجيش وتعزيز السيادة دون السماح لأي طرف خارجي بفرض أجندته بالكامل.
