بيتكوين: 112,127.21 الدولار/ليرة تركية: 41.41 الدولار/ليرة سورية: 13,111.16 الدولار/دينار جزائري: 129.75 الدولار/جنيه مصري: 48.19 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الامارات
الامارات
فلسطين
فلسطين
حوارات خاصة

6 آلاف سوري مهددون بالترحيل من أمريكا.. سياسة هجرة أم ورقة في الملف السوري؟

6 آلاف سوري مهددون بالترحيل من أمريكا.. سياسة هجرة أم ورقة في الملف السوري؟

أثار إعلان وزارة الأمن الداخلي الأمريكية عن إنهاء برنامج الحماية المؤقتة (TPS) المخصص للسوريين جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والسياسية، فالقرار يمنح آلاف السوريين المقيمين في الولايات المتحدة مهلة لا تتجاوز 60 يوماً للمغادرة الطوعية، وإلا يواجهون خطر الاعتقال والترحيل، وبينما تبرر واشنطن الخطوة باعتبار أن "الظروف في سوريا تحسنت"، يرى خبراء ومنظمات حقوقية أن هذه العودة غير آمنة وأن القرار يعكس دوافع سياسية وهجينة تتجاوز البعد الإنساني.

أولاً: خلفيات القرار – بين السياسة الداخلية والملف السوري

تقول وزارة الأمن الداخلي الأمريكي إن إنهاء البرنامج مرتبط باستعادة "سلامة نظام الهجرة"، معتبرة أن سوريا لم تعد تمنع عودة مواطنيها، لكن محللين يشيرون إلى أن الأمر يتقاطع مع توجهات إدارة ترامب المتشددة في ملف الهجرة، وتبرر الإدارة قرارها بأن "المصلحة الوطنية" تقتضي إنهاء هذا الوضع الاستثنائي، معتبرة أن سوريا لم تعد تبرر تمديد الحماية.

لكن مراقبين يشيرون إلى أن الخطوة قد تحمل رسائل سياسية مرتبطة بالتعامل مع الحكومة الانتقالية في دمشق، ومحاولة توظيف ملف اللاجئين كورقة ضغط في أي تسويات مقبلة.

الصحافية المختصة بالشأن الأمريكي نادين ساندرز توضح أن القرار "مزيج من اعتبارات سياسية مرتبطة بتصورات الملف السوري، ومحفَّز في الوقت نفسه بسياسة إدارة ترامب حول الهجرة وما شهدته الولايات المتحدة من ترحيل لمهاجرين غير قانونيين". 

وتنقل ساندرز عن تريشيا ماكلولين، مساعدة وزير الخارجية للشؤون العامة، قولها: "هذا ما يبدو عليه استعادة نظام الهجرة الأمريكي لسلامته… لقد كانت سوريا بؤرة للإرهاب والتطرف لما يقرب من عقدين، ويتعارض السماح للسوريين بالبقاء في بلدنا مع مصلحتنا الوطنية. وضع الحماية المؤقتة مُصمم ليكون مؤقتًا".

في المقابل، تستشهد ساندرز بموقف أماندا باران، الرئيسة السابقة لسياسات خدمات المواطنة والهجرة في إدارة بايدن، التي رأت أن القرار "يجحف بحق آلاف السوريين" ويعرض حياتهم للخطر في ظل أوضاع غير مستقرة.

ثانياً: التداعيات الإنسانية على آلاف السوريين

التقديرات تشير إلى أن أكثر من 6,000 سوري مهددون بفقدان وضعهم القانوني خلال شهرين فقط، وكثير منهم أسسوا حياة جديدة من أعمال، وعائلات، ودراسة.

بالمقابل حذّرت المنظمات الحقوقية من أن القرار يفتح الباب أمام مآسٍ إنسانية جديدة، إذ إن العودة إلى سوريا في هذه المرحلة قد تعني التعرض لانعدام الأمن، وغياب البنى التحتية، وانهيار اقتصادي يهدد سبل العيش.

ساندرز تؤكد أن التداعيات الإنسانية ستكون عميقة، موضحة: "السوريون الحاصلون على موافقة برنامج الحماية المؤقتة أصبح لديهم أرقام ضمان اجتماعية تسمح لهم بالعمل، وقد أسسوا حياة معينة في الولايات المتحدة، والعودة غير المتبناة بقرار شخصي تعكس الكثير من الأزمات المادية والنفسية". 

وتضيف أن هناك فئات من السوريين قد تشعر بتهديد أمني شديد إذا اضطرت للعودة، مشيرة إلى أن "مدة الستين يوماً وجيزة وغير كافية للانتقال من بلد إلى آخر بتلك السهولة".

ثالثاً: هل الظروف في سوريا مهيأة للعودة؟

تبرر واشنطن قرارها بالقول إن "الظروف تحسنت" في سوريا مقارنة بعام 2012، وتؤكد الإدارة الأمريكية أن سقوط النظام السابق في ديسمبر 2024 يشير إلى تحسن في الوضع الداخلي، لكن هذا التقييم يثير جدلاً واسعاً، فالمشهد السوري ما زال متشابكاً.

ساندرز ترى أن هذا التقييم غير واقعي وتقول: "الوضع الاقتصادي في سوريا متدهور بشدة، مع فقر وغلاء ونقص في الكهرباء والماء وفرص العمل. الوضع الأمني أيضاً غير مستقر مع زيادة السرقات والخطف. صحيح أن النظام المستبد قد سقط، لكن هذا لا يعني أن الظروف آمنة أو مهيأة لعودة كريمة".

وترى أن إنهاء البرنامج يعكس انطباعاً لدى الإدارة الأمريكية بأن البلاد مقبولة مبدئياً للعودة، لكن هذا الانطباع "غير دقيق ويصطدم بواقع متشظي داخل سوريا".

ويتقاطع هذا الرأي مع تقارير منظمات أممية وحقوقية تؤكد أن البلاد ما تزال تعاني من أزمات خدمية وأمنية عميقة، إضافة إلى وجود ملايين النازحين داخلياً وصعوبات في إعادة الإعمار، وبالتالي، يعتبر خبراء أن العودة القسرية في هذه المرحلة قد تعرض العائدين لمخاطر حقيقية، ما يجعل تقييم الإدارة الأمريكية محل تساؤل.

رابعاً: انعكاسات القرار على العلاقات الأمريكية – السورية

تتجاذب وتتشابك الملفات في العلاقة السورية الأمريكية، ويأتي هذا القرار تزامناً مع زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى نيويورك وعقد لقاءات عديدة مع مشرعين أمريكيين.

البعض رأى أن القرار قد يُستخدم كورقة ضغط سياسي في المفاوضات الجارية بشأن مستقبل سوريا، وما تطرحه واشنطن من شروط بشأن ملف العقوبات ورفعها، أو حتى ربما ملفات أكثر تعقيداً تتعلق باتفاقيات سلام مع إسرائيل.

غير أن ساندرز تخالف هذا الرأي، معتبرة أن "هذا القرار الخاص بترحيل السوريين لا علاقة له بأي ضغط، فهو لا يشكل ورقة بيد الحكومة السورية المؤقتة ولا يؤثر في مسار المفاوضات". 

وتوضح أن الضغوط الحقيقية ستأتي من ملفات أخرى، مثل الدعم الأمريكي للسلطة الجديدة أو مسار المحادثات مع إسرائيل، بينما يظل قرار الـTPS "عديم الأهمية بالنسبة للسلطة الجديدة في دمشق".

خامساً: المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية – مسارات بديلة

القرار الأمريكي أثار دعوات لمراجعة قانونية وإنسانية من قبل منظمات حقوقية، والمنظمات غير الحكومية الأمريكية أعلنت نيتها الطعن بالقرار قضائياً، مستندة إلى مبدأ "عدم الإعادة القسرية" الذي يحظر إعادة الأشخاص إلى بلدان قد يتعرضون فيها للخطر. 

لكن ساندرز ترى أن فرص نجاح الطعون محدودة وتقول: "قد تتحرك بعض المؤسسات المستقلة بخبرة قضائية واسعة في مجال الهجرة للمطالبة بتمديد، لكن فرص النجاح ضئيلة. ترامب ربح معظم القضايا التي ناهضت قراراته القانونية سابقاً".

وتضيف أن "الكونغرس قد يلعب دوراً محتملاً إذا تحركت الجالية السورية، عبر تشريعات خاصة تسمح بتمديد بقاء السوريين، لكن هذا يتطلب إرادة سياسية كبيرة تبدو صعبة في ظل إدارة ترامب".

مهلة محددة ومصير صعب

بين المبررات السياسية والإجراءات الإدارية، يظل آلاف السوريين في الولايات المتحدة أمام خيار مصيري صعب، فالمهلة المحدودة تعني اضطرارهم للاختيار بين الرحيل إلى بلد لا يزال غير مستقر، أو مواجهة مصير مجهول قانونياً داخل الولايات المتحدة.

وبينما تصف الإدارة الأمريكية القرار بأنه استعادة لـ"سلامة نظام الهجرة"، يراه معارضون خطوة متهورة ستترك بصمة ثقيلة على حياة آلاف الأسر السورية، وعلى صورة واشنطن كراعٍ للقيم الإنسانية، أما الحكومة السورية قد تجد نفسها أمام اختبار جديد لتأمين هؤلاء اللاجئين أو اقناع إدارة ترامب بتعديل قراراها، وربما يحتاج ذلك لتقديم بدائل أو تنازلات بملفات أخرى، حيث يعرف أن ترامب "رجل صفقات".

 

المقال التالي المقال السابق
0