رغم العقوبات والحرب في أوكرانيا، نجحت روسيا في الحفاظ على اقتصادها بفضل ذهبها الأسود - النفط، فعلى مدار أكثر من 3 سنوات ونصف من القتال، حافظت موسكو على إنتاج مستقر نسبيا، مما غذّى ميزانية الدولة وموّل المجهود العسكري.
- موت بطيء ينتظر النفط الروسي
ولكن وفقاً لمقال نُشر في صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن عصر النفط الروسي آخذ في التلاشي.
ومعظم حقول النفط الرئيسية في روسيا - تلك الموجودة في غرب سيبيريا ومنطقة الفولغا-الأورال - تعاني من نفاد احتياطياتها.
وهذا ليس خبرا مفاجئا، حتى قبل الهجوم على أوكرانيا، كان من الواضح أن جزءًا كبيرًا من الاحتياطيات السوفيتية يقترب من نهاية عمرها الافتراضي، لكن الحرب فاقمت الوضع.
وفي الواقع، حاولت روسيا الاستعداد للمستقبل من خلال خطط لحفر الصخر الزيتي باستخدام أساليب أمريكية، لكن الحرب والعقوبات الغربية حالت دون حصولها على التقنيات اللازمة.
في الوقت نفسه، رفعت الحكومة الضرائب على شركات الطاقة لتمويل الجيش، مما زاد من تقويض جدوى الاستثمارات.
وكما لو أن ذلك لم يكن كافيا، فإن نقص العمالة الماهرة يتفاقم، حيث تم تجنيد الكثيرين منهم في ساحات القتال، بينما قُتل آخرون أو غادروا البلاد، كما أدى نقص الميزانية والقوى العاملة إلى تأجيل خطط التنقيب عن حقول جديدة.
ووفقا للتوقعات الواردة في المقال، من المتوقع انخفاض إنتاج النفط الروسي بنحو 10% بحلول نهاية العقد الحالي.
وسيُمثل هذا ضربة قاصمة لاقتصاد تعتمد إيرادات ميزانيته على أرباح الطاقة.
وبحسب وزارة الطاقة الروسية، بحلول عام 2030، ستُعتبر حوالي 80% من المكامن "صعبة الإنتاج" - مقارنةً بـ 59% حاليا.
وهذا يعني ارتفاعا كبيرا في تكاليف الحفر والتشغيل، وصرحت داريا ميلنيك، نائبة رئيس الأبحاث في شركة ريستاد إنرجي: "لقد ولّى العصر الذهبي لحقول النفط التقليدية في روسيا"، وخلقت العقوبات الغربية مشكلة مزدوجة لروسيا.
فهي لا تفتقر فقط إلى احتياطيات كافية متاحة، إذ كما ذُكر، توقّف البحث عن حقول جديدة، بل تفتقر أيضا إلى الأدوات اللازمة لتطوير الحقول المتبقية - بدءًا من أنظمة برمجية متطورة لتحليل بيانات الحفر، مرورا بأجهزة استشعار آنية في الآبار، ووصولا إلى ناقلات النفط المعززة بالجليد اللازمة للنقل من منطقة القطب الشمالي.
وعلى سبيل المثال، أقرّ الرئيس التنفيذي لشركة غازبروم نفط العام الماضي بأن الشركة تفتقر إلى حوالي 200 عنصر أساسي لإنتاج النفط ومعالجته، وحدد هدفا لسد هذه الفجوة بحلول عام 2027 فقط.
وحتى لو انتهت الحرب بسرعة ورُفعت العقوبات، يقول المحللون: إن الضرر قد وقع بالفعل، وسيستغرق التعافي سنوات.
وصرح ماثيو ساجرز، الخبير في الشؤون الروسية لدى إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس، لصحيفة وول ستريت جورنال: "إنها رحلة شاقة، علينا أن نعمل بجد واجتهاد للبقاء في نفس الوضع. إنها ببساطة وداع طويل وبطيء للنفط الروسي".