في كل عمل يقدّمه، يترك الممثل السوري مازن عباس بصمة خاصة لا تُشبه أحداً. من شخصياته الكوميدية العفوية إلى أدواره الدرامية العميقة، استطاع أن يثبت أنه من أولئك الممثلين الذين لا يكررون أنفسهم. في هذا الحوار الخاص مع وكالة "ستيب نيوز"، يفتح لنا مازن قلبه ليتحدث عن بداياته، وعن تجربته المسرحية، وعن نظرته للدراما السورية والعربية المشتركة، وأحلامه التي لا تزال ترافقه منذ "أيام الدراسة".
وبعد أن ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بخبر فصل الكاتب حسن م يوسف من اتحاد الكتاب العرب ورده بأنه كان عضو شرف لا أكثر، علق الفنان مازن عباس على هذه التغييرات في الوسط الفني والثقافي بالقول: "سمعت بهذا القرار وفي الحقيقة كنت أتمنى من الاتحادات والنقابات التي لها علاقة بالثقافة في سوريا تحديدا لأن حياتنا مرتبطة بالأدب والفكر الثقافة، أن تتخذ اتجاها آخر، لأنه بعد أن تخلصنا من النظام القمعي لا يجب أن نكرر حتى تفاصيل صغيرة أو كبيرة وكل شيء يعتبر حدثا كبيرا في هذا الاتجاه".
وأضاف “أنا لم يحصل لي شرف لقاء حسن م يوسف لكن أعلم أنه دائما مع الناس وهو شخص قريب من الجميع بتصريحاته وفي إنتاجاته وأهمها المسلسلات التي تحدثت عن وجع الشعب السوري وكان يعبر عنه ويسانده باستمرار، فبالتالي لا نريد أن نكرر هذه القرارات لأنني أعتقد أنه تكرار لشيء قد نسيناه”.
شخصيات متنوعة
بالنسبة إلى الشخصيات المتنوعة التي أداها مثل أبو الحروف في "أيام الدراسة" وإدريس في "مسلسل الزند" وإسماعيل في "بعد السقوط " وكيف يبني ملامح الشخصيات وأدائها يقول مازن عباس: " في الحقيقة أبو الحروف هو الأكثر ظهورا وسطوعا لأنه حتى لو عملت دور من أسطورة الإلياذة سوف يناديني الجميع أبو الحروف" مؤكدا أن هذه الشخصية تركت أثرا كبيرا لدى الجمهور.
وأوضح أن هذا الأمر كان مزعجا في البداية من ناحية "أنني كممثل أريد أن أترك أثرا لدى الجمهور كل مرة بشخصية مختلفة، لكنني فيما بعد اكتشفت أن جمال هذه المحبة وأهميتها".
وتابع "بالعودة إلى صلب السؤال أنا كممثل أكاديمي أدرس الشخصية بطريقة مفصلة وخاصة أنني خارج من رحم المسرح مئة بالمئة والمسرح هو الذي علمني، فأنا لا أؤمن أنه يجب أن أتبع مدرسة معينة بل أؤمن بأن التمثيل من اللحظة الأولى هو شغف وتراكم ما بين الثقافة والمسرح والتجارب والخبرات الحياتية من البيئة والعائلة".
وأضاف: "البحث لدي في أي شخصية يتعدى الورقة والقلم لأن الأهم أن يكون الأداء عفوي وبالتالي مقنع".
وأردف أنه: "من الأدوار التي أعتز بها شخصية إسماعيل في مسلسل "بعد السقوط" حيث لعبت دور المريض النفسي الذي يتخيل شخص آخر يتحدث معه دائما وهو في الحقيقة غير موجود، فأنا أعتز بهذا المسلسل".
تجربة أثارت الندم
أما عن حالة الندم يكشف مازن عباس العمل الذي لم يرضي توقعاته قائلاً: " أحاول دائما أن أكون حذرا في هذا الأمر رغم المغريات ورغم محاولات تعويم مهنة التمثيل على السطح بمعنى أنها مهنة للمادة فقط أنا مازلت أحاول سواء كانت محاولات يائسة أو غير يائسة لدي محاولات للدفاع عن هذه المهنة لأنه يشترك فيها الحب والشغف ".
وتابع: " لكن لدي أخطاء مثل مسلسل الخرزة الزرقاء أندم عليه بشدة لأنني كنت أتوقع أن يخرج إلى النور بشكل معين وأثناء التصوير ظهر بشكل مختلف تماما مخيب للآمال لم أكن راضيا أبدا بالنتيجة".
أبو الحروف
أما عن الشهرة الكبيرة لشخصية أبو الحروف وإن كانت قد أشبعت طموحه في الشهرة يقول الفنان السوري: "في بداياتي لم يكن حلمي هو الشهرة بكل صدق، كان الأهم والذي جعلني سعيدا أنني علمت ماذا أريد، وكنت سعيد جداً لأنني سأعمل في المسرح فلم تكن الشهرة هي الهدف".
وأشار إلى أن "وسائل التواصل الاجتماعي هي التي كرست موضوع الشهرة وحلم الشهرة حتى التي لا تمتلك هدفاً، لذلك فمسألة التمثيل مختلفة وهي أعلى من أن تكون فقط لأجل الشهرة بل لها رسالتها الخاصة دائما".
الطفولة المبكرة
وبالعودة إلى مرحلة الطفولة التي كونت شخصيته لفت إلى أنه كان طفلا مدللا لحد ما ضمن عائلة صغيرة متوسطة وذكر أن والده كان يعمل بجهد من أجل العائلة، وتحدث عن طفولة سعيدة وبأنه تربى على حرية القرار والاستقلالية مؤكدا أن أكبر داعم له عندما دخل إلى مجال التمثيل كانت عائلته.
المسرح غذاء الروح
وعن تجربته المسرحية يقول: "المسرح بالنسبة للفنان بالمطلق هو غذاء الروح وخطواته الأولى ترسم من المسرح حكماً يعني كي تستطيع أن تمثل يجب أن تمثل في المسرح، بغض النظر عن الاستثناءات ومع احترامي للجميع قد يتقن التمثيل ممثل لم يأخذ أدوارا في المسرح لكن قد يمثل بشكل أعلى وأجمل عندما يعيش تجربة المسرح".
وأضاف أن المسرح متعة شخصية للمثل الذي لديه هاجس.
وأشار إلى أن الممثل يكون "حرا" على خشبة المسرح ويختبر حضوره وأدواته واحساسه وتفاعل الجمهور وانطباعه الفوري بشكل أفضل.
كما أوضح أن المسرح هو المنبر الذي قدمه للجمهور في سوريا قبل التخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية وكان العمل مع الفنان رافي وهبة بعنوان كاريكاتير على مسرح معرض دمشق الدولي.
وذكر مازن عباس أنه "عمل مع مسرح "الشمس الفرنسي" في باريس ومع مسرح مارسيليا عمل للمخرج ميشيل بيزانتيه وكانت تجربة رائعة وفي مصر عملت مع المخرجة جنى الحسن ونالت جائزة في مهرجان القاهرة المسرحي وفي سوريا أخرجت ومثلت مسرحية اسمها غراب الأوبرا ولاقت نجاحا".
وأضاف: " كما عملت مع عدد كبير من الأسماء أخشى أن أنسى أحدهم مثلا المخرج العراقي باسم قهار ومع المخرج مأمون البني وكان آخر الأعمال مع الفنان أيمن زيدان مسرحية بعنوان "ثلاث حكايا" بدور في الحقيقة حقق لي متعة عالية ولاقت نجاح وثناء جيد، وهي مأخوذة عن حكاية الرجل الذي صار كلبا، وهي قصة إنسانية جداً لذلك لازالت مؤثرة في داخلي جدا، ونالت جائزة في المهرجان العربي للمسرح في الأردن".
بين الحياة اليومية والتمثيل
ويقول عباس عن الشخصيات الكوميدية التي أداها وقربها من شخصيته في الواقع إنه بالفعل كان مشاكسا من طفولته ولديه جانب من المرح في شخصيته لافتا إلى أن هذا الأمر متوارث في العائلة وروى قصة عن جده حيث قام بفعل مقلب وممازحة ضابط فرنسي "فدعاه إلى الطعام وأطعمه التين الفاسد" ثم نفي جده فيما بعد خارج البلاد.
وأشار عباس إلى أن "هذا الأمر مختلف تماما عن صناعة كركتر كوميدي، قد يكون حضورك أو عفويتك له دور إيجابي في الشخصية الكوميدية لكنه مختلف تماما عن شخصية الممثل الحقيقية".
وتابع" وأنا أعيش حالة من القلق عند التحضير لشخصية كوميدية لأنه يجب أن أكون حريص جدا ألا تنزلق الشخصية لموقع السخرية أو أن تصبح مباشرة وليست عفوية ولذلك هو أصعب من الشخصية الدرامية ويحتاج إلى جهد أكبر".
ومن خلال المقارنة مع شخصيته في مسلسل الزند أكد مازن عباس أنه رغم الجهد العالي الذي بذله لتقديم الشخصية لكن كأدوات وأداء كانت أسهل من الأدوار الكوميدية.
الأعمال العربية المشتركة
انتشرت في السنوات الأخيرة الأعمال العربية المشتركة وتفاعل الجمهور معها بشكل كبير لكن كيف يراها الممثلون وهل كانت أفضل بالنسبة لهم من الأعمال المحلية يجيب مازن عباس: "من حيث المبدأ لا أفضل الدراما المشتركة، وخاصة أن الدراما السورية لديها إرث كبير وأعمال رائدة اقتربت من السينما وتركت أثر بشكل كبير لدى الجمهور العربي".
وأضاف: "نحن في سوريا نمتلك جميع مفردات العمل الفني لدينا كتاب رائعين ومخرجين عظماء وممثلين مبدعين" وأكد أن هذا الأمر برأي الجمهور أيضا وليس كرأي شخصي منه فقط.
وذكر حادثة قديمة تثبت الاهتمام العالمي بالدراما السورية وخصوصية الممثل السوري حيث التقى بالمخرج الفرنسي جان جاك إينو الذي يعمل في هوليوود وسأله: "لماذا عندما سألت في هوليوود من أين آتي بممثلين عرب قالوا من سوريا"، مؤكداً أن هذه شهادة كبيرة بتميز الفنانين السوريين".
وبالعودة للسؤال يقول عباس: "الجميل في الأعمال المشتركة هو التنوع وتبادل الخبرات ولكننا في الحقيقة نفضل العمل ضمن رواية مصنوعة من بيئتنا من أرواحنا ومن روح الجمهور روح الشارع لسوريا ولأوجاعنا لأزماتنا الاجتماعية وكل ما يشبهنا".
وأضاف أن الأعمال المشتركة هي حالة دخيلة تتحكم فيها القنوات التلفزيونية.
المشاركة في السباق الرمضاني
وحول رمضان القادم يقول عباس: "أنا نسبيا أحاول اختيار الدور الأفضل، وقد أشارك في مسلسل "الخروج من البئر" من كتابة سامر رضوان ومن إنتاج شركة "ميتافورا"، وإخراج محمد لطفي، وهناك أيضا عمل كوميدي في رمضان لكن حاليا لا أستطيع كشف تفاصيله".
كما كشف أنه يقوم بالتحضير لعمل مسرحي جديد "مونو دراما" من تاأليفه وإخراجه سوف يرى النور قريباً.
وفي كلمته للجمهور يقول مازن عباس: " أشكر الجمهور على محبته وأتمنى أن نستطيع تقديم أعمال جميلة تليق بالجمهور وسط كل هذه الظروف المحيطة بالمنطقة، ولكن يبقى الأمل بالأفضل مستمر دائماً".