أثار تقرير إسرائيلي جديد نشره موقع "ناتسيف نت"، اليوم الأربعاء، قلقًا واسعًا داخل الأوساط الأمنية والعسكرية في إسرائيل، بعد كشفه عن عبور سرب مقاتلات صينية متطورة إلى الأراضي المصرية عبر البحر الأحمر، في عملية جوية سرّية لم ترصدها أجهزة المراقبة الأمريكية.
وذكر التقرير أن وسائل إعلام صينية نشرت مؤخرًا تفاصيل عن مناورات جوية مشتركة بين الصين ومصر، حملت اسم "نسور الحضارة–2025"، جرت بين شهري أبريل ومايو الماضيين، وشاركت فيها مقاتلات J-10C إلى جانب طائرات دعم استراتيجية من طراز Y-20، واعتبرها الخبراء أول عملية انتشار منظم ومتعدد الأبعاد لسلاح الجو الصيني في منطقة تمتد من إفريقيا إلى الشرق الأوسط.
عبور غير مرصود… وإنجاز لوجستي غير مسبوق
وفقًا للمصادر الصينية التي استند إليها التقرير، انطلق السرب الجوي من قواعد في شمال غرب الصين، متجهًا عبر سلسلة جبال كركرام، قبل أن يتوقف فنيًا في الإمارات العربية المتحدة، ومن هناك تابع طريقه ليهبط في مطار الأقصر الدولي بمصر.
وضم السرب 4 مقاتلات J-10C، ومقاتلتين تدريبيتين من طراز J-10S، و5 طائرات نقل استراتيجية Y-20 (إحداها مخصصة للتزود بالوقود جوًا)، إضافة إلى طائرة هليكوبتر H-20.
وبلغت المسافة المقطوعة نحو 7000 كيلومتر، فيما وصفه التقرير بـ"إنجاز جوي ولوجستي استثنائي"، يعكس نقلة نوعية في قدرات الصين على نشر قوتها الجوية عبر مسافات بعيدة بكفاءة عالية.
تساؤلات استخباراتية أمريكية وإسرائيلية
لكن ما أثار دهشة الأوساط الغربية هو أن الطائرات الصينية عبرت بالقرب من مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية "ترامان" المنتشرة في البحر الأحمر، دون أن ترصدها الأنظمة الأمريكية أو تُصدر البحرية أي تحذير رسمي بشأن مرورها.
ولم تُكشف العملية إلا لاحقًا بعد انتشار صور التقطها الأقمار الصناعية لمقاتلات J-10C على إحدى القواعد الجوية المصرية، ما دفع محللين إسرائيليين إلى التساؤل: “هل نجحت الصين في تجاوز أنظمة المراقبة الأمريكية؟ أم أن هناك تفاهمات غير معلنة سمحت بعبور السرب دون اعتراض؟”
ويؤكد التقرير أن هذا التطور يمثل تحولًا استراتيجيًا بالغ الدلالة في ميزان القوى الإقليمي، إذ يبرهن على أن بكين لم تعد تكتفي بدور المراقب أو الشريك الاقتصادي، بل أصبحت فاعلًا عسكريًا قادرًا على التحرك بحرية في مناطق النفوذ الأمريكية التقليدية.
مصر… البوابة الصينية نحو الشرق الأوسط
ويرى "ناتسيف نت" أن اختيار مصر كشريك للمناورات لم يكن مصادفة، إذ تمثل القاهرة قوة إقليمية مركزية في العالم العربي، تجمع بين علاقات أمنية متشابكة مع الغرب من جهة، وسعي واضح نحو تنويع التحالفات الاستراتيجية من جهة أخرى.
وبحسب التقرير، فإن موقع مصر الجيوسياسي الفريد عند ملتقى البحرين الأحمر والمتوسط يجعلها "بوابة مثالية لتوسيع الحضور الصيني في إفريقيا والشرق الأوسط"، خاصة في ظل اهتمام بكين المتزايد بالممرات البحرية الحيوية مثل باب المندب والبحر الأحمر.
رسالة سياسية قبل أن تكون عسكرية
وختم التقرير الإسرائيلي بالقول إن عبور المقاتلات الصينية إلى مصر دون رصدها "لا يمثل مجرد إنجاز تقني، بل هو رسالة سياسية واضحة مفادها أن الصين اليوم تمتلك القدرة على المناورة داخل أكثر الممرات الاستراتيجية مراقبة في العالم — بصمت، وفعالية، ودون إذن".
وأضاف أن الحدث "يعيد رسم ملامح المشهد الأمني في الشرق الأوسط"، ويؤكد أن "النفوذ الأمريكي في البحر الأحمر لم يعد مطلقًا كما كان في السابق، في ظل صعود الصين كقوة عسكرية عالمية تسعى لترسيخ وجودها في قلب الممرات الدولية".