بيتكوين: 86,716.89 الدولار/ليرة تركية: 42.38 الدولار/ليرة سورية: 11,029.73 الدولار/دينار جزائري: 130.40 الدولار/جنيه مصري: 47.38 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا - قصة - وكالة ستيب نيوز
سوريا
مصر - قصة - وكالة ستيب نيوز
مصر
ليبيا - قصة - وكالة ستيب نيوز
ليبيا
لبنان - قصة - وكالة ستيب نيوز
لبنان
المغرب - قصة - وكالة ستيب نيوز
المغرب
الكويت - قصة - وكالة ستيب نيوز
الكويت
العراق - قصة - وكالة ستيب نيوز
العراق
السودان - قصة - وكالة ستيب نيوز
السودان
الاردن - قصة - وكالة ستيب نيوز
الاردن
السعودية - قصة - وكالة ستيب نيوز
السعودية
الامارات - قصة - وكالة ستيب نيوز
الامارات
فلسطين - قصة - وكالة ستيب نيوز
فلسطين
تحقيقات ستيب

من يملك شركات الاتصالات في سوريا ولماذا ارتفعت الأسعار فجأة؟.. خفايا شبكة المصالح

من يملك شركات الاتصالات في سوريا ولماذا ارتفعت الأسعار فجأة؟
من يملك شركات الاتصالات في سوريا ولماذا ارتفعت الأسعار فجأة؟

في لحظات اقتصادية صعبة على السوريين، أثار قرار شركات الاتصالات في سوريا رفع أسعار الخدمات غضب الشارع، وما زاد الجدل هو التبرير والرد "البارد" من وزارة الاتصالات السورية، ما فتح الباب واسعًا أمام تساؤلات مهمة، فلماذا تُرفع الأسعار بينما تبقى الخدمة على حالها؟ وأين خطط التطوير التي يُقال إنها تستهلك الجزء الأكبر من إيرادات الشركات؟ ولماذا تغيب الشفافية عن قطاع يُعدّ أحد أهم ركائز التحول الرقمي الذي تتحدث عنه الحكومة؟ ويبقى السؤال الأكبر من يملك الشركتان اللتان تدرّان الملايين وتُعدّان من أهم أعمدة الاقتصاد اليوم؟

 

السيطرة على قطاع الاتصالات: من يملك الشركتين فعليًا؟

منذ عام 2021، اتخذ نظام الأسد خطوة حاسمة للسيطرة الكاملة على قطاع الاتصالات في سوريا، حيث فرض على شركتي الاتصالات العاملتين في السوق السورية، سيريتل وMTN، دفع ضرائب ضخمة تحت طائلة الحراسة القضائية. 

في حزيران 2020، أصدر مجلس الدولة السوري قرارًا بفرض الحراسة القضائية على شركة سيريتل، بزعم ضمان حقوق الخزينة العامة والمساهمين، لكن بعد عام من ذلك، تم حل الحراسة دون إعلان واضح عن المالك الجديد، خاصة بعد الخلاف الشهير بين رامي مخلوف وبشار الأسد. 

تقارير متعددة أشارت إلى أن واجهات اقتصادية تابعة للأسد وزوجته أسماء تسلّمت إدارة الشركة، في ظل غياب الشفافية. 

أما الحراسة القضائية نفسها، فهي إجراء قانوني يُتخذ عندما يكون هناك نزاع على ملكية مال أو خطر يتهدد حقوق الأطراف، فيُوضع المال في يد أمين مؤقتًا حتى يُبتّ في النزاع.

وكانت طالبت الهيئة الناظمة للاتصالات في عهد الأسد شركتي سيريتل وMTN بدفع مبلغ قدره 233.8 مليار ليرة سورية، كدفعة إضافية على بدل الترخيص الابتدائي الممنوح لهما عام 2015، وأمهلتهما حتى 5 أيار 2020 للتفاوض على آلية التسديد. 

وهذا الإجراء كان بمثابة تمهيد للهيمنة على الشركتين، اللتين كان للقطاع الخاص حصة معتبرة فيهما، وبعد خلافات قيل حينها إنها شكلية لتبرير سيطرة الأسد وزوجته على قطاع الاتصالات.

ثم تم تعيين شركة "تيلي إنفست ليمتد"، ممثلة برئيس مجلس إدارتها، كحارس قضائي على MTN، بأجر شهري قدره 10 ملايين ليرة سورية، وفقًا لأحكام القانون المدني السوري.

وكانت الشركتان قد حصلتا في عام 2014 على ترخيص للعمل لمدة عشرين عامًا، وسط حديث عن قرب دخول مشغل ثالث للاتصالات، يُعتقد أنه يعود لشركات إيرانية مرتبطة بالأسد وزوجته أيضاً عبر واجهات اقتصادية وهمية.

ومع سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، عيّنت حكومة تسيير الأعمال المحامي محمد العيسى حارسًا قضائيًا على شركة MTN لمتابعة ملفها إلى حين البت فيه، بينما أصبحت شركة سيريتل تحت إدارة الشركة السورية للاتصالات. 

ومع ذلك، فإن أسماء الملاك الفعليين للشركتين بعد انهيار النظام وهروب رموزه لا تزال غير واضحة، وسط جدل واسع أثارته تقارير من وكالة "رويترز" تحدثت عن إشراف دائرة اقتصادية مقربة من السلطة الجديدة على ملفات اقتصادية حساسة، من بينها شركتا الاتصالات وأملاك الأسد وأعوانه، وبالتالي فإن الشركتان فعلياً تحت سيطرة الدولة السورية.

الزيادة المفاجئة في الأسعار: ما الذي حدث؟

في نوفمبر الجاري، فوجئ السوريون بزيادة غير مسبوقة في أسعار باقات الاتصال والإنترنت، حيث تراوحت نسب الزيادة بين 70% و200% حسب نوع الباقة، وبعض الباقات ارتفعت من 30 ألف ليرة إلى أكثر من 300 ألف ليرة، ما يعني زيادة تفوق 1000% مقارنة بأسعار عام 2020، حين كانت الباقات تتراوح بين 5 إلى 25 ألف ليرة فقط. 

الشركتان بررتا هذه الزيادة بارتفاع التكاليف التشغيلية، لكنهما لم تقدما أي بيانات مالية دقيقة تثبت ذلك، ما أثار شكوكًا واسعة حول دوافع القرار.

وفي هذا السياق، علّق الدكتور مصعب الشبيب، عميد كلية الهندسة المعلوماتية بجامعة حلب، في حديث لوكالة ستيب نيوز قائلًا: "قامت شركتا سيريتيل و MTN بالإعلان عن رفع أسعار الباقات من دون تقديم تحسينات ملموسة على جودة الاتصال. كما لم تعلن الشركتان عن خطة واضحة لتحسين البنية التحتية أو رفع كفاءة الخدمة، وهو ما يتناقض مع إمكانيات المواطن الضعيفة". 

وأضاف أن الشركتان تعاني أساسًا من ضعف في جودة الاتصال وتقديم باقات الإنترنت المطلوبة، في ظل التسارع الحاصل عالميًا في مجال التحول الرقمي، الذي أعلنت عنه مختلف الوزارات، ومنها وزارة الاتصالات.

جودة الخدمة: هل تحسنت بعد رفع الأسعار؟

رغم الزيادة الكبيرة في الأسعار، لم يلحظ المستخدمون أي تحسن في جودة الخدمة أو سرعة الإنترنت، بل على العكس، ازدادت الشكاوى من بطء شديد في التحميل والتصفح، مع استمرار ضعف التغطية في العديد من المناطق.

ولم تظهر أي مؤشرات على توسعة البنية التحتية أو تحسين الشبكات، ما دفع المواطنين إلى وصف الزيادة بأنها "جباية بلا مقابل".

وفقًا لمؤشرات Speedtest Global Index، بلغت سرعة التحميل عبر الموبايل حوالي 29.78 ميغابت/ثانية، بينما لم تتجاوز سرعة الاتصال الثابت 3.19 ميغابت/ثانية، مع تسجيل متوسط 3.40 ميغابت/ثانية في أواخر عام 2024. 

أما موقع Meter.net فقد أشار إلى أن متوسط سرعة التنزيل في سوريا يبلغ حوالي 4.93 ميغابت/ثانية، ومتوسط سرعة الرفع 1.70 ميغابت/ثانية، في حين أن زمن الاستجابة (Ping) مرتفع نسبيًا، بمتوسط يصل إلى 186 مللي ثانية. 

وبالنسبة لشركة MTN، تشير بعض اختبارات الإنترنت إلى أن متوسط سرعة التحميل يبلغ حوالي 11.74 ميغابت/ثانية، وسرعة الرفع حوالي 5.8 ميغابت/ثانية.

من يملك شركات الاتصالات في سوريا ولماذا ارتفعت الأسعار فجأة؟.. خفايا شبكة المصالح

الوضع المالي للشركتين: هل كانت هناك خسائر؟

البيانات المالية المتاحة تشير بوضوح إلى أن الشركتين لم تكونا خاسرتين قبل رفع الأسعار، بل على العكس، حققتا أرباحًا ضخمة، فقد بلغت أرباح سيريتل الصافية في النصف الأول من عام 2025 نحو 465 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل 38 مليون دولار، بينما سجلت MTN أرباحًا قدرها 130 مليار ليرة سورية، أي نحو 11 مليون دولار، وتقدّر أرباح الشركتين معًا في عام 2023 بنحو 641.5 مليار ليرة سورية.

تقرير صادر عن مجلة المال السورية أشار إلى أن أرباح الشركتين منذ تعديل تعرفة المكالمات في عام 2016 وحتى الربع الأول من عام 2021 تجاوزت 314 مليار ليرة سورية، منها 289.35 مليار لسيريتل، و24.94 مليار لـMTN.

وبما أن الشركتين مدرجتان في سوق دمشق للأوراق المالية وتقدمان إفصاحات دورية، فإن الإشارة إلى وجود عجز مالي تبدو غير منطقية، ما يعزز فرضية أن الزيادة جاءت في سياق احتكار السوق وغياب المنافسة.

موقف وزارة الاتصالات: احتواء الأزمة أم تبريرها؟

وسط موجة غضب عارمة اجتاحت الشارع السوري ومنصات التواصل الاجتماعي، أصدرت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات بيانًا رسميًا حاول احتواء الأزمة. 

البيان أكد أن الوزارة تتعامل بجدية مع ملاحظات المواطنين، وأنها وجهت شركتي سيريتل وMTN لتقديم توضيح رسمي ومفصل يبين دوافع طرح الباقات الجديدة، وأثر ذلك على جودة الخدمات المقدمة.

الوزارة ألزمت الشركتين بتقديم إطار تنفيذي واضح لتحسين جودة الخدمة خلال 60 يومًا من تاريخ 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، يتضمن خريطة أولويات جغرافية، وجدولًا زمنيًا للتنفيذ، ومؤشرات أداء قابلة للقياس. 

كما طالبت بنشر توضيحات موجزة للمواطنين تشرح الباقات الجديدة والخيارات المتاحة لكل فئة استخدام، وآلية احتساب السعات، لضمان الشفافية ووعي المشتركين.

الوزارة شددت على أن الشركتين مستقلتان ماليًا وإداريًا، وتتحملان تكاليف التشغيل الفعلية، لكنها في الوقت ذاته وجهت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد لتشديد الرقابة على التزام الشركتين بالإجراءات القانونية، مع إمكانية فرض غرامات وعقوبات تنظيمية في حال عدم الالتزام.

البيان أشار أيضًا إلى خطة لإعادة هيكلة شاملة لقطاع الاتصالات، تشمل تحديث البنية التحتية، وتوسيع الربط الدولي، وبناء شراكات عالمية، إلى جانب إصلاحات قانونية تتيح ضخ الاستثمارات الخارجية، نظرًا لعدم قدرة الموارد الذاتية للمشغلين الحاليين على تلبية الاحتياجات المتنامية للمواطنين.

وفي هذا السياق، شدد الدكتور مصعب الشبيب على أن دور وزارة الاتصالات لا يجب أن يقتصر على إصدار البيانات، بل عليها أن تضطلع بمسؤولياتها في تنظيم القطاع ووضع الأطر القانونية والتسعيرية، ومراقبة أداء الشركات والتزامها بمعايير الجودة، وحماية حقوق المشتركين من سوء الخدمة أو الارتفاع غير المبرر في الأسعار. 

وأكد أن هذا يتطلب شفافية كاملة حول منهجية وآلية التسعير، خاصة في ظل غياب التوازن بين أسعار الباقات المرتفعة ودخل المواطن الضعيف.

الحاجة إلى المنافسة: هل من أمل في كسر الاحتكار؟

في ظل هذا الواقع المحتكر، تبرز الحاجة الملحة إلى إدخال منافسين جدد إلى سوق الاتصالات السورية، وهو ما أكده الدكتور مصعب الشبيب في تصريحه، مشيرًا إلى أن "غياب المنافس سيؤدي إلى خدمات ضعيفة، وأسعار أعلى، وانعدام المرونة، وضعف استجابة الشركات لشكاوى القطاع". 

وأوضح أن وجود شركات منافسة يحمل فوائد جوهرية، أولها تحسين الجودة، لأن الشركات عندما تتنافس تسعى لتقديم أفضل أداء لكسب المشتركين، وثانيها خفض الأسعار، إذ تحاول كل شركة جذب المستهلكين عبر عروض أكثر مرونة. كما أن المنافسة تدفع نحو تطوير البنية التحتية، وتحديث الشبكات، والاستثمار في التطور التقني، فضلًا عن حماية المستهلك من خلال منحه حرية الاختيار ومنع الاحتكار.

وأشار الشبيب إلى أن عددًا من الشركات أبدى رغبته في دخول السوق السورية، وأن وزارة الاتصالات عقدت مؤخرًا عدة مؤتمرات في هذا السياق، من بينها مؤتمر الذكاء الاصطناعي، ومؤتمر التحول الرقمي، وإطلاق خدمة الجيل الخامس (5G) التي بدأت تغطي مناطق في دمشق ويتم توسيعها تدريجيًا إلى بقية المحافظات.

هل رفع الأسعار مبرر؟

السؤال الذي يطرحه الشارع السوري اليوم بإلحاح هو: هل رفع الأسعار مبرر؟ يجيب الدكتور مصعب الشبيب على هذا التساؤل بوضوح، قائلًا: "حتى الآن، لم تعلن الشركات بشكل شفاف أسباب رفع الأسعار. ويتم تبرير الأمر بارتفاع تكاليف التشغيل، وتحديث الشبكات، وتحسين النواحي التقنية، لكن المواطن لا يلمس أيًّا من ذلك، وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، وزيادة العبء المعيشي، وضعف البيئة الرقمية، والفجوة الرقمية الكبيرة بين مختلف المستويات". 

ويخلص إلى أن رفع الأسعار من دون تحسين في جودة الخدمة هو أمر غير مقبول في ذهنية المواطن السوري، ويزيد من فجوة الثقة بين المشتركين والشركات المشغلة.

وبالنهاية فإن ما جرى في قطاع الاتصالات السوري ليس إصلاحًا ولا تطويرًا، بل استغلال ممنهج لغياب المنافسة وغياب الرقابة، فالشركات تحقق أرباحًا ضخمة، والخدمة تزداد سوءًا، والوزارة تكتفي بالتبرير والتوجيه، بينما المواطن يدفع الثمن من دخله المنهك وصبره المنهار، بل إن رفع الأسعار دون تحسين الخدمة هو إعلان صريح بأن السوق تُدار بمنطق الجباية لا بمنطق الخدمة، وإن لم يُكسر الاحتكار، وتُفتح أبواب المنافسة الحقيقية، فستبقى الاتصالات في سوريا عنوانًا للفوضى والظلم الرقمي وسبباً لتأخر نهوض البلاد.

 

إعداد: جهاد عبد الله - ستيب نيوز

المقال التالي المقال السابق