كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية تفاصيل عملية سرّية معقدة مكّنت الناشطة الفنزويلية البارزة ماريا كورينا ماتشادو الحائزة على جائزة نوبل للسلام 2025 من مغادرة فنزويلا بعد عام كامل من الاختباء، رغم حظر السفر المفروض عليها وتهديدات النظام باعتقالها أو اغتيالها.
أبرز وجوه المعارضة… ومطاردة استمرت عاماً كاملاً
تُعد ماتشادو (58 عاماً) أحد أهم رموز المعارضة الفنزويلية، فقد مُنعت من الترشح للرئاسة عام 2024، ودعمت مرشح المعارضة إدموندو غونزاليس الذي اعترفت به عدة دول كفائز، بينما أعلن نيكولاس مادورو نفسه رئيساً، ما فجّر احتجاجات واسعة وحملة قمع طالت فريقها.
وبينما تمكن بعض مساعديها من الفرار بمساعدة أميركية، بقيت هي متخفية لأكثر من عام.
شبكة تهريب محلية… واتصال حساس بالجيش الأميركي
وبحسب مصادر مطلعة، بدأت العملية قبل نحو شهرين، ونفّذتها شبكة فنزويلية سبق أن ساعدت معارضين آخرين على الهرب.
وقبل إبحار القارب الذي حمل ماتشادو، أجرت الشبكة اتصالاً حساساً بالجيش الأميركي لتحذيره من هوية الركاب، ومنع استهداف القارب ضمن الغارات الجوية التي دمّرت أكثر من 20 سفينة مشابهة خلال ثلاثة أشهر، وأودت بحياة أكثر من 80 شخصاً.
وقال أحد المطلعين: "نسّقنا مغادرتها من نقطة محددة حتى لا يتم تفجير القارب."
ورغم علم إدارة ترامب بالعملية، تبقى درجة تدخلها غير واضحة، فيما امتنعت وزارة الدفاع والبحرية عن التعليق، ونفى مسؤولون أميركيون وجود اتصالات عسكرية مباشرة.
تنكر… وتجاوز 10 نقاط تفتيش
في صباح 9 ديسمبر 2025، خرجت ماتشادو من مخبئها متنكرة بباروكة وملابس بسيطة، وسلكت طرقاً جانبية نحو الساحل الغربي، متجاوزةً نحو عشر نقاط تفتيش عسكرية كانت تبحث عنها بشكل نشط.
وصلت ماتشادو الساحل عصر الثلاثاء، واستقلت قارباً خشبياً صغيراً باتجاه كوراساو.
وفي التوقيت نفسه تقريباً، حلّقت طائرتان أميركيتان من طراز F-18 فوق خليج فنزويلا لمدة 40 دقيقة، على مسار قريب من خط الرحلة البحرية.
وصف مراقبون ذلك بأنه أقرب اقتراب للطائرات الأميركية من المجال الجوي الفنزويلي منذ بدء الحشد العسكري في سبتمبر.
وصلت ماتشادو إلى كوراساو عند الثالثة عصراً، حيث استقبلها متعاقد خاص متخصص في عمليات الإجلاء وفّرته إدارة ترامب، وبسبب الإرهاق الشديد، قضت ليلتها في فندق قبل متابعة الرحلة.
رحلة إلى أوسلو… بعد فوات موعد التتويج
مع شروق الأربعاء، أقلعت طائرة خاصة وفّرها أحد شركائها في ميام من كوراساو إلى النرويج، مع توقف تقني في ولاية ماين الأميركية.
وسجلت قبل صعودها رسالة صوتية قصيرة شكرت فيها "الكثيرين الذين خاطروا بحياتهم" لإنجاح العملية.
وصلت إلى أوسلو مساء الأربعاء، بعد انتهاء مراسم التتويج.
كانت السرية محكمة إلى درجة أن معهد نوبل نفسه لم يكن يعلم مكانها عند بدء الحفل.
وقال رئيس لجنة نوبل يورغن واتني فريدنيس إن ماتشادو خاضت "رحلة في ظروف بالغة الخطورة".
وتسلّمت ابنتها آنا كورينا الجائزة نيابة عنها، مؤكدة للحضور: "ستعود إلى فنزويلا قريباً جداً."
عزلة… وسوء تغذية… وخطط لجولة أوروبية
تعيش ماتشادو منذ أشهر في عزلة تامة وتعاني من سوء التغذية، وتعتزم الراحة لبضعة أيام قبل بدء جولة أوروبية لحشد الدعم للمعارضة الفنزويلية، على أن تزور واشنطن لاحقاً.
ردّ كاراكاس: اتهامات بـ"العمالة" وسخرية من غيابها
في المقابل، اتهمت نائبة الرئيس ديلسي رودريغيز ماتشادو والمعارضة بالعمل لصالح "مصالح إمبريالية أميركية" تهدف إلى نهب ثروات فنزويلا.
وسخرت من غيابها عن الحفل قائلة: "فشل العرض. لم تحضر السيدة."
وأضافت: "هؤلاء المتطرفون والفاشيون الذين طالبوا بالحصار والقصف سيُهزمون مرة أخرى كما انهار عرضهم الرخيص في أوسلو."