كشفت صحيفة لوفيغارو أن جهاز الاستخبارات العسكرية الدانماركية نشر تقريره السنوي حول التحديات الأمنية التي ينبغي مراقبتها خلال السنوات المقبلة، في خطوة أثارت اهتماماً واسعاً بعدما أدرج التقرير الولايات المتحدة للمرة الأولى ضمن مصادر التهديد المحتملة لأمن أوروبا.
وبحسب التحليل الذي كتبه ستيف تنري، يحذر التقرير من تدهور غير مسبوق في البيئة الأمنية الأوروبية، مشيراً إلى أن القارة تواجه طيفاً واسعاً من المخاطر المتداخلة، بدءاً من “الإرهاب الإسلامي” وصولاً إلى التنافس بين القوى الكبرى، مروراً بروسيا والصين، وانتهاءً وللمرة الأولى بالولايات المتحدة نفسها.
تهديدات متصاعدة… وثقة غربية تتراجع
ويؤكد التقرير أن أوروبا والدانمارك تواجهان أخطر تحديات أمنية منذ عقود، في ظل تصاعد الصراعات الجيوسياسية وتراجع الثقة في منظومة الأمن الغربي.
ويضع التقرير “الإرهاب الإسلامي” في صدارة التهديدات، مشيراً إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الهجمات التي نُفذت أو أُحبطت خلال عامي 2024 و2025، خصوصاً في ألمانيا وفرنسا والنمسا.
ويربط التقرير هذا التصاعد ببساطة أساليب الهجوم التي تروج لها التنظيمات المتطرفة، وبالسياق الإقليمي، ولا سيما حرب غزة التي أصبحت وفق التقرير مصدر تعبئة أيديولوجية.
إيران… وسوريا… وعودة محتملة لمقاتلي داعش
كما يحذر التقرير من استخدام إيران لشبكات إجرامية داخل أوروبا لتنفيذ عمليات بالوكالة، إضافة إلى مخاطر ناجمة عن تفكك الأوضاع في سوريا، حيث قد يؤدي فقدان السيطرة على سجون تنظيم الدولة الإسلامية إلى عودة مقاتلين أوروبيين وارتفاع مستوى التهديد داخل القارة.
ويربط التقرير أيضاً بين “التهديد الإسلامي” والهجرة غير النظامية، في انسجام مع السياسة المتشددة التي تتبناها الدانمارك مقارنة ببقية دول أوروبا.
الصين: سباق تسلح وتوسع استراتيجي
ويتوقف التقرير مطولاً عند الصين، معتبراً أنها تسعى إلى تقويض النفوذ الغربي وإعادة تشكيل النظام الدولي لصالحها، مستفيدة من قدراتها الاقتصادية والعسكرية المتنامية.
ويشير إلى أن وتيرة إنتاج الصين من السفن الحربية والطائرات المقاتلة تفوق نظيرتها الأميركية، رغم أن إنفاقها العسكري أقل بكثير.
وترى الاستخبارات الدانماركية أن الخطر الرئيسي الذي تمثله بكين يكمن في التجسس وسرقة التكنولوجيا المتقدمة، خصوصاً في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الكمية.
روسيا: التهديد الأكثر إلحاحاً
ويعتبر التقرير أن روسيا تبقى التهديد الأكثر إلحاحاً، مرجحاً استمرار نهجها التصادمي مع الغرب حتى بعد عام 2025، في ظل غياب أي استعداد حقيقي لتسوية سلمية في أوكرانيا.
ويحذر من أن موسكو تواصل إعادة التسلح وعسكرة المجتمع، وتشن حملة دعائية واسعة لترسيخ عداء طويل الأمد للغرب، إضافة إلى قدرتها المتزايدة على إنتاج أسلحة وذخائر تفوق حاجتها الحالية.
كما يشير التقرير إلى تصاعد الحرب الهجينة الروسية ضد أوروبا، من هجمات سيبرانية وتخريب للبنى التحتية إلى عمليات تجسس واستفزازات عسكرية، بهدف اختبار تماسك حلف الناتو.
الولايات المتحدة… تهديد غير مسبوق
لكن المفاجأة الأكبر في التقرير هي إدراج الولايات المتحدة ضمن التهديدات المحتملة، وهو أمر يحدث لأول مرة.
ويعزو التقرير ذلك إلى سياسات واشنطن في عهد الرئيس دونالد ترامب، وطموحاتها المتزايدة في القطب الشمالي وغرينلاند، واستخدام أدوات اقتصادية وسياسية لفرض إرادتها، والغموض المتزايد في التزامها بدورها التقليدي كضامن لأمن أوروبا.
ويرى التقرير أن هذا التحول يعكس عمق الأزمة في العلاقات عبر الأطلسي، ويمثل مؤشراً على مرحلة جديدة من عدم الاستقرار الاستراتيجي، ما يجبر أوروبا على إعادة التفكير في أمنها واستقلالها الدفاعي في عالم متعدد الأقطاب.