قدم رئيس وزراء السودان، كامل إدريس، قبل أيام أمام مجلس الأمن الدولي مبادرة حكومية للسلام، مؤكداً أنها تستند إلى المبادئ الدولية وتتقاطع مع المبادرة السعودية المصرية، إلا أن هذه لمبادرة أثارت جدلاً داخلياً في خضم الصراع المحتدم بين القوى العسكرية على الأرض، ما دفع القوى المدنية المتحدة "قمم" في السودان للرد عليها.
بنود المبادرة
كان قد أوضح إدريس أن المبادرة تتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار تحت رقابة مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، مع انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق التي تسيطر عليها.
وتشمل المبادرة تجميع مقاتلي الدعم السريع في معسكرات محددة تحت إشراف أممي وعربي وأفريقي، وتسهيل عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية، فضلاً عن نزع سلاح قوات الدعم السريع بمراقبة دولية وضمانات تمنع إعادة تدوير الأسلحة.
كما نصت على إطلاق عملية سياسية داخلية خالصة، يتفق خلالها السودانيون على إدارة الدولة وحكم البلاد، تليها انتخابات بمراقبة دولية.
وشدد إدريس على أن السماح للحكومة بطرح المبادرة داخل مجلس الأمن يمثل اعترافاً بشرعيتها، مشيراً إلى أن أعضاء المجلس أكدوا رفض أي كيانات موازية ودعموا رؤية الحكومة للسلام.
انتقادات القوى المدنية
في المقابل، انتقد عثمان عبد الرحمن سليمان، الناطق الرسمي باسم القوى المدنية المتحدة "قمم"، المبادرة، معتبراً أنها لا تختلف عن رؤية الجيش في بورتسودان وتصريحات رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.
وقال سليمان في حديث لوكالة ستيب نيوز إن المبادرة "بنودها صفرية وغير منطقية"، وتهدف إلى إطالة أمد الحرب لا إنهائها، مضيفاً أن إدريس يعمل وفق "إملاءات جماعة الإخوان" ويُستخدم كأداة بيد قادة الجيش.
اتهامات بإعادة إنتاج النظام السابق
أوضح سليمان أن المبادرة فتحت العملية السياسية أمام جميع القوى بما فيها الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني، معتبراً ذلك محاولة لإعادة تدوير بقايا النظام السابق تحت غطاء الحوار السوداني.
وأضاف أن المبادرة "منقوصة ومشوّهة" ولا تعالج القضايا الجوهرية المتعلقة بالانتقال والحكم المدني الديمقراطي، مؤكداً أن البرهان وكامل إدريس مجرد "واجهات للإخوان" وأن ما يطرحونه من مبادرات ليس سوى خطوات لكسب الوقت ومناورات سياسية لصالح النظام البائد.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، دخل السودان مرحلة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وبحسب تقديرات دولية، بلغ إجمالي عدد القتلى حتى ديسمبر 2025 نحو 150 ألف شخص، بينهم آلاف المدنيين، مع صعوبة حصر الأرقام بدقة بسبب انهيار المرافق الصحية والتعتيم الإعلامي.
ويواجه السودان أكبر حالة نزوح ولجوء عالمية، إذ بلغ عدد النازحين داخلياً 12 مليون شخص، بينما فر أكثر من 4 ملايين لاجئ إلى دول الجوار مثل مصر وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا، كما يعاني نحو 26 مليون شخص من مستويات حادة من الجوع، مع إعلان حالة المجاعة رسمياً في بعض مخيمات النازحين مثل مخيم زمزم في دارفور.
