بيتكوين: 115,651.31 الدولار/ليرة تركية: 41.40 الدولار/ليرة سورية: 13,108.24 الدولار/دينار جزائري: 129.14 الدولار/جنيه مصري: 48.18 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الامارات
الامارات
فلسطين
فلسطين
حوارات خاصة

صفقة لرفع عقوبات قيصر عن سوريا مقابل شروط.. خبراء يكشفون كيف ستتعامل معها دمشق

صفقة لرفع عقوبات قيصر عن سوريا مقابل شروط.. خبراء يكشفون كيف ستتعامل معها دمشق

في قاعة القمة بالرياض، بدا وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات المفروضة على سوريا وكأنه بارقة أمل لبلد أنهكته سنوات من النزاع والعزلة الاقتصادية. لكن خلف البريق السياسي ظهر مسار معقد، يربط رفع العقوبات بسلسلة من الشروط والتقارير نصف السنوية، لتبقي مصير العقوبات معلقاً بين البيت الأبيض والكونغرس، في لعبة توازن دقيقة بين النفوذ السياسي والأمن الإقليمي.

لم يكن وعد ترامب مفاجئاً بالكامل، بعد مؤشرات على نيته تعديل أو رفع العقوبات إثر سقوط نظام الأسد، لكن التفاصيل الدقيقة كانت غائبة، ما أوجد حالة من الترقب بين الأطراف السورية والخليجية والغرب، حول آلية التعامل مع الحكومة السورية الجديدة، لا سيما أن أحداثاً داخلية ربما أثّرت بقرار المشرعين الأمريكيين الذين فضّلوا استخدام العقوبات كأداة لإلزام هذه الحكومة بمسار سياسي محدد.

قيصر: من سلاح ضغط إلى أداة تفاوض

يعود تاريخ "قانون قيصر" إلى عام 2019، حين فرض الكونغرس الأمريكي عقوبات واسعة على النظام السوري البائد، مستهدفاً قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، والمعاملات الدولية، بهدف الضغط على نظام الأسد للامتثال لشروط محددة تتعلق بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب. 

بقي القانون رمزاً للضغط الأمريكي الأقصى، لكنه في المقابل شكّل عائقاً أمام أي انفتاح اقتصادي أو استثمارات خارجية، ما أثر بشكل مباشر على حياة السوريين اليومية.

ومع سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، وتشكيل الحكومة الانتقالية في 2025، أصبح "قيصر" أداة توازن جديدة: إذ يجب على الإدارة الأمريكية التأكد من أن هذه الحكومة الجديدة قادرة على الالتزام بالشروط المطلوبة قبل النظر في أي رفع للعقوبات، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام أمريكية.

تعديل القانون: رفع مشروط وتقارير نصف سنوية

المسودة الجديدة التي نقلها عدد من النشطاء السوريين أوضحت أن رفع "قيصر" لن يكون إلغاءً نهائياً، بل تعليق مشروط بإجراءات رقابية دقيقة. 

الرئيس الأمريكي أو وزير الخارجية سيكونان ملزمين بتقديم تقرير غير سري إلى الكونغرس خلال 90 يوماً من دخول التعديلات حيّز التنفيذ، ثم كل 180 يوماً على مدى أربع سنوات متتالية وهي مدة الفترة الانتقالية في سوريا. 

هذه التقارير تقيس التزام الحكومة الانتقالية بمجموعة من الشروط، تشمل مكافحة تنظيم داعش والجماعات الإرهابية، وضمان أمن الأقليات وإشراكها في مؤسسات الدولة، ووقف أي عمليات عسكرية أحادية ضد الجيران، وعدم دعم الجماعات المسلحة، واستبعاد المقاتلين الأجانب من المناصب العليا، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات منذ يناير 2025.

يشرح الدكتور سمير العبد الله، مدير قسم تحليل السياسات في المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة، خلال حديث لوكالة ستيب نيوز المنطق الأمريكي وراء هذه الشروط.

ويقول: "أعتقد أن وضع شروط لرفع العقوبات لا يأتي من فراغ، بل يعكس رغبة البيت الأبيض وبعض الأطراف داخل الإدارة الأمريكية في تحويلها إلى معيار لتقييم أداء الحكومة الانتقالية في دمشق. الشروط عادة تدور حول الملفات الأكثر أهمية بالنسبة لواشنطن: مكافحة داعش، حماية الأقليات، ملف المقاتلين الأجانب، وضبط العلاقة مع إسرائيل".

كيف ستتعامل دمشق مع الشروط؟

لعب ما يعرف "اللوبي السوري" في أمريكا دوراً بارزاً في محاولة للتأثير على المشرعين الأمريكيين في الكونغرس لرفع العقوبات عن سوريا بعد قرار ترامب، إلا أنهم اصطدموا بسياسة خارجية "حازمة" للولايات المتحدة.

ويضيف العبد الله حول كيفية تعامل الحكومة الانتقالية مع هذه الاشتراطات: "من المتوقع أن تقبل الحكومة الانتقالية ببعض الاشتراطات وتحاول التفاوض على البعض الآخر، خاصة في ظل صعوبة المرحلة وضيق الخيارات المتاحة أمامها". 

ويتابع: "مسألة المقاتلين الأجانب شديدة الحساسية داخل دمشق، نظرًا لدورهم الكبير في عمليات التحرير، وأيضًا بسبب عددهم الكبير مقارنة بمرحلة بناء جيش ومؤسسات أمنية ما تزال في بداياتها. ولعل الحل الوسط المطروح هو دمج هؤلاء المقاتلين في التشكيلات الجديدة، لكن مع استبعادهم من المناصب القيادية العليا".

وبالفعل كانت واشنطن أعطت الضوء الأخضر لدمشق من أجل ضم نحو 3 آلاف مقاتل أجنبي ضمن صفوف الجيش الجديد، لكن يبدو أن شرط واشنطن هو عدم إعطاء صلاحيات واسعة لهؤلاء المقاتلين، ويصطدم هذا الشرط مع وجود بعض القيادات التي أُعلن عن استلامهم مناصب رفيعة بالجيش والقوات الأمنية السورية الوليدة.

إسرائيل والأقليات شرط حاسم

من بين البنود اللافتة لما قيل إنه "صفقة سياسية" لرفع عقوبات قيصر، كان تعهد دمشق بعدم مهاجمة أي من دول الجوار، ويبدو هذا البند يخص إسرائيل بدون تسميتها بشكل صريح، ويتزامن هذا الطرح مع الحديث عن قرب توقيع اتفاقية أمنية بين سوريا وإسرائيل، ربما يعلن عنها خلال زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى أمريكا للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويقول العبد الله: "هذا البند من الشروط التي توليها واشنطن أولوية مطلقة، خصوصًا أنها تدير المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين، وتريد تسجيل إنجاز ملموس في هذا الملف يحسب لها داخليًا في الولايات المتحدة".

ويتابع في ملف حماية الأقليات: "الأمر نفسه ينحسب على ملف حماية الأقليات، إذ باتت بعض المكونات تشكل قوى ضغط على واشنطن، ما يدفعها لاتباع سياسة "مسك العصا من المنتصف": أي دعم حكومة دمشق بشرط حمايتها للأقليات وضمان مشاركتهم في مؤسسات الدولة".

كيف ستؤثر الصفقة على واقع سوريا؟

رغم مرور نحو 11 شهراً على سقوط نظام الأسد والوعود برفع العقوبات عن سوريا وإعطاء فرصة للحكومة الجديدة من أجل بناء الاقتصاد وتأمين الأوضاع الاقتصادية والأمنية لتمهيد الطريق لعودة المهجرين، ما تزال الأمور معقدة داخلياً.

من جانبه، يقدم الصحفي السوري فارس المغربي قراءة ميدانية واقعية لتأثير الصفقة على الحياة اليومية، ويقول: "بالنسبة للغالبية العظمى من السوريين، فإن الحديث عن رفع العقوبات يُقاس بمدى تحسّن القدرة على تأمين الحاجات الأساسية — نفط، دواء، تحويلات مالية. الإعلان السياسي في الرياض كان براقاً، لكن واقع الشارع لا يتغير إلا حين تصل السلع والخدمات، وتعود العلاقات المصرفية وتخف الضغوط على المستوردين".

ويضيف تعليقاً على آلية متابعة التقارير نصف السنوية: "أي صفقة بين واشنطن ودمشق سيتم تقييمها هنا عبر معيارين: سرعة فتح القنوات الاقتصادية ووضوح آلية تطبيق الشروط على الأرض. فالمواطن السوري لا يهتم كثيرًا بالخطابات السياسية، لكنه يقيس النوايا من خلال نتائج ملموسة في حياته اليومية".

العقوبات والاقتصاد: ماذا ينتظر السوريين؟

تأثير تعليق العقوبات على الاقتصاد السوري سيكون مرتبطاً بشكل مباشر بسرعة وفعالية تنفيذ الحكومة الانتقالية للشروط الأمريكية، وفتح القنوات المصرفية وتحريك الاستثمارات سيخفف من الأزمة المالية، لكنه مرتبط أيضاً بثقة المستثمرين الخارجيين وقدرة الحكومة على توفير بيئة مستقرة وآمنة. 

العبد الله يشير إلى أن الالتزام بالمعايير الأمريكية سيمكن دمشق من تحريك عجلة الاقتصاد، لكنه يتطلب تنسيقاً دقيقاً بين مؤسسات الدولة الانتقالية، الأمن، والجيش الجديد لضمان تطبيق السياسات دون أي اختلال.

تحديات التنفيذ والواقع السياسي

رغم وضوح الشروط، تبقى عملية التنفيذ معقدة، فملف المقاتلين الأجانب قد يثير انقسامات داخلية، بينما يمثل الالتزام بعدم مهاجمة إسرائيل اختباراً دقيقاً في ظل التوترات الإقليمية المتغيرة، أما محاسبة الانتهاكات، فهي تتطلب منظومات قضائية ورقابية مستقلة، وهو ما قد يصطدم بعقبات سياسية ومؤسساتية.

ويختم العبد الله تحليله: "ستتعامل الحكومة السورية الانتقالية مع هذه الاشتراطات بقدر كبير من الواقعية السياسية، خصوصًا فيما يتعلق بالرقابة والالتزامات الميدانية. من المرجح أن تبدي مرونة أكبر في الاستجابة للشروط خلال المرحلة الأولى، لأنها تدرك أن رفع العقوبات أو حتى تخفيفها يشكل شرطًا أساسيًا لتحريك عجلة الاقتصاد وتخفيف المعاناة الشعبية".

من جهته يؤكد المغربي أن أحداث الساحل والسويداء ربما أثّرت بشكل كبير على وجهة النظر الأمريكية والغربية، ويبقى الحل هو بيد الحكومة نفسها من خلال الشفافية المطلقة بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات وتقديمهم للقضاء العادل والمستقل، إضافة لبناء جسور الثقة مع كل مكونات الشعب السوري، والابتعاد عن سياسة الإقصاء والتفرد بالحكم التي عانى منها السوريين خلال عقود من حكم الأسد.

بين الوعد والواقع

تعهد ترامب برفع العقوبات لم يتحول بعد إلى قرار سياسي نهائي، بل أصبح رهناً بتنفيذ الحكومة الانتقالية لشروط محددة تحت رقابة الكونغرس الأمريكي، فيما يبقى المواطن السوري هو الحكم النهائي على جدوى هذه الخطوات من خلال تحسن ملموس في حياته اليومية، بينما تواصل واشنطن مراقبة الأداء السياسي والأمني للحكومة الجديدة لضمان تحقيق أهدافها الاستراتيجية.

المقال التالي المقال السابق
0