حورات خاصة

هل تنجح الأحواز في إعلان نفسها “دولةً عربية”؟ وهل ترضى إيران بذلك؟

في وقت يتطلع فيه إيرانيون لإجراء استفتاء على الدستور، تزامناً مع استمرار الاحتجاجات التي أطاحت بـ”شرطة الأخلاق“، تحاول الأحواز بقيادة أبنائها في الداخل والخارج زيادة تحركها بغية فك الارتباط عن الدولة الإيرانية وإعلان المحافظة الواقعة جنوب غربي البلاد والتي كانت تسمى حتى عام 1925 “عربستان” دولةً عربية.

ويرى الأحوازيون أن مدينتهم العربية “محتلة” من قبل النظام الإيراني، وبأن قضيتهم التي “نسيها المسلمون عامةً والعرب خاصةً” يجب أن تلقى دعماً أكبر، وفيما يبدو أن اندلاع الاحتياجات المستمرة في عدة مدن إيرانية حتى اللحظة جاءت فرصةً ليزيدوا من تحركهم نحو إعلان الأحـواز دولة.

رئيس اللجنة التنفيذية لـ”دولة الأحواز” الدكتور عارف الكعبي، يقول لوكالة ستيب الإخبارية، إنَّ “تحرك الشعب العربي الأحوازي ليس وليد الحراك الأخير في الشارع الإيراني، بل كان منذ أكثر من عشر سنوات، ويهدف لكسب الدعم الإقليمي والدولي تمهيداً للاعتراف بدولة الأحـواز العربية في حال أعلنا عنها”.

ويضيف: “الاعتراف بشرعيتها وقيام دولة الأحواز وتحريرها من القبضة الإيرانية سيكون له مردود كبير جداً للوطن العربي أمنياً واقتصادياً وسياسياً وعلى جميع الأصعدة، لأنه إذا نظرنا إلى التدخلات والاحتلالات التي طالت العراق وسوريا ولبنان واليمن، كان انطلاقها من الأحواز”.

ويتابع: “وبالتالي الأحـواز هي السد المنيع وهي التي تفصل إيران عن الوطن العربي، وبشكل طبيعي جبال زاغروس خير دليل على ذلك، فهي الفاصل الطبيعي والحقيقي بين الأراضي العربية والأرض الفارسية”.

هل تنجح الأحواز في إعلان نفسها "دولةً عربية"؟ وهل ترضى إيران بذلك؟
هل تنجح الأحـواز في إعلان نفسها “دولةً عربية”؟ وهل ترضى إيران بذلك؟

من يدعم قيام دولة الأحواز؟

حول ما إذا كانت هناك دول تدعم قيام دولة الأحـواز وأوجه الدعم المقدم، يقول الكعبي إن “قيام دولة الأحواز يخدم الأمن القومي العربي، وصمام أمان لازدهار الدول العربية ولاسيما دول جوار الأحـواز، ومجلس التعاون الخليجي، فالجميع مع قيام مع دولة الأحـواز، والجميع مستعد للاعتراف بها دولة، إذا توفرت لهذا التوجه الإرادة الدولية التي نعمل على توفيرها منذ أكثر من 12 عاماً”.

ويزيد: “خلال السنوات القليلة القادمة سوف يتحقق هذا الحلم بقيام دولة الأحواز، والفائدة سوف تعم على الجميع، ليس الأمن القومي العربي فقط، ولكن أيضاً تأمين الطاقة للعالم من النفط والغاز وما تصدره إيران من ثروات الأحـواز، وتنفق طهران أموالها على دعم الجماعات الإرهابية والميليشيات في المنطقة، وهو ما يشكل نهاية للتهديدات الإرهابية للمنطقة والعالم”.

الكعبي أردف: “نحن نقترب من هذا الحلم والأمل كبير بأن تكون دولة الأحواز، حاجز وسد منيع بين شر إيران والأمة العربية”.

هل المحاولات لفصل الأحواز عن إيران أم تحريرها؟

تعليقاً على هذا السؤال، يقول الكعبي: “حقيقة نحن لا نناضل من أجل الانفصال عن إيران، فالفصل يعني فصل الفرع من الأصل، والأحـواز هي الضفة الشرقية للخليج العربي، وليست جزءاً من إيران، فهي دولة احتلت من قبل طهران بمؤامرة معروفة للجميع عام 1925، واعتقل أميرها الشيخ خزعل الكعبي واستشهد في سجون الاحتلال”.

واستطرد: “لذلك نحن نناضل من أجل تحرير الوطن الأحوازي من الاحتلال الإيراني؛ فطهران احتلت دولة الأحواز احتلالاً عسكرياً عام 1925، وهو يشكل انتهاكاً للقانون الدولي باحتلال دولة ذات سيادة ومعترف بها في ذلك الوقت”.

ويتابع: “فما حدث عام 1925 هو اجتياح عسكري من الجيش الإيراني لدولة الأحواز المستقلة، لذلك نضالنا هو من أجل الدفاع عن النفس والحق في التحرير وفقاً للمواثيق والقوانين الدولية، بالتالي نحن لسنا انفصاليين بل نحن أصحاب حق من أجل استعادة الحرية والأراضي العربية المحتلة”.

الكعبي يضيف: “لا شك في ذلك إذا وصل الإيرانيون إلى قناعة كاملة بأن الأحـواز تحررت وخرجت من قبضتهم سوف يتعاملون معها كأرض محروقة، وهم بدأوا في ذلك منذ أكثر من عقدين من الزمن ويتعاملون مع ثورات الأحواز كغنيمة، والحصول عليها قبل هروبها من أيديهم، فتعامل الاحتلال مع الأحـواز تعامل لص وليس صاحب الأرض، فهم على يقين أن الأحـواز لن تبقى أسيرة طويلاً تحت احتلالهم، فمسألة تحريرها واستعادة الدولة الأحوازية مسألة وقت، لذلك يعملون لسرقة أكبر قدر ممكن من ثروات الأحـواز الطبيعة من نفط وغاز ومياه وغيرها”.

ويرى أن “الإعلان عن قيام دولة الأحواز سيكون بالتعاون مع القوميات غير الفارسية”، مضيفاً “وضعف سلطة الحكم والنظام السياسي في طهران، هو الذي سيمكننا من الدفاع عن الأحـواز في وجه قوة الإرهاب المتوقع أن يمارسها الجيش الإيراني”.

تنسيق مع المعارضة الإيرانية

حول ما إذا كان هناك تنسيق مع جهات إيرانية داخلية، يقول الكعبي: “نحن في تنفيذية دولة الأحواز العربية ننسق مع جميع القوميات غير الفارسية في جغرافية ما تسمى إيران، لدينا تنسيق مع الأذربيجانيين «الترك» وهم يشكلون تقريباً ثلث سكان إيران، ولدينا تنسيق مع الكرد والبلوش، والجهة الوحيدة التي لا ترغب في التنسيق معنا ضد النظام الإيراني هي المعارضة الفارسية في الخارج، والمتمثلة في تيار الشاه بقيادة رضا بهلوي الثاني، ومنظمة مجاهدي الخلق بقيادة مريم روجوي؛ لذلك يتم التنسيق مع القوميات غير الفارسية والشعوب المحتلة من قبل طهران لأن العدو واحد وهو سلطة الاحتلال في طهران”.

هل تمتلك الأحواز مقومات الدولة حال انفصلت عن إيران؟

ردّاً على هذا السؤال، يقول الكعبي: “هذا السؤال مهم واستراتيجي، وطُرح علينا من أطراف عربية ودولية؛ لذلك نقول إن للدولة ثلاثة مكونات، المكون الأول هو الجغرافيا فمساحة الأحـواز 385 ألف كيلو متر مربع من شاطئ العرب إلى مضيق باب السلام «هرمز» أي الشاطئ الشرقي بالكامل للخليج العربي وهي التي تتحكم في المضيق.

الأحواز تحتوى على 85% من النفط والغاز المصدر من قبل طهران، ومساحة 385 ألف كم مربع تعادل ثلاثة دول عربية وهي سوريا والأردن ولبنان، مع كامل احترامنا للدول العربية، وهذا يدل على أن المكون الأول للدولة هو إقليم الأحـواز.

الركن الثاني هو الشعب، فالشعب العربي الأحوازي تجاوز 13 مليون نسمة، والركن الثالث هو القيادة السياسية وهو متوفر في الشعب الأحوازي وخير دليل على ذلك حفيد أمير الأحواز الشيخ خزعل الكعبي والشيخ علي جابر الكعبي، وهو من يقود شرعية إعادة دولة الأحواز العربية، أي أن أركان الدولة الثلاثة متوفرة لقيام دولة الأحواز العربية”.

كما ناشد الكعبي من وصفهم بـ”الأشقاء في العروبة والدين والإنسانية” بالوقوف مع الشعب العربي الأحوازي في هذه المحنة التي حلت بهم منذ 1925، متابعاً “أناشدهم بالوقوف معنا من أجل إعادة الأحـواز إلى الحضن العربي، من أجل بناء السد المنيع ضد الأطماع الفارسية في الوطن العربي، من أجل أن يصبح الخليج العربي عربياً بامتياز دون نزاع”.

احتجاجات إيران

ومع استمرار الاحتجاجات في إيران وانتشار الإضرابات في مدن عدة منها، يرى الكعبي أن “الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من 70 يوماً في الداخل الفارسي وكردستان وبلوشستان المحتلتين، لا ترقى لثورة لأسباب عديدة، الأول هو أن هذه الاحتجاجات التي اندلعت عقب مقتل الفتاة الكردية مهسا أميني على يد ميليشيا إيران المسماة «شرطة الأخلاق» بلا قيادة، واستغل النظام سلطته واستطاع أن يحجم الاحتجاجات بطريقة بشعة للغاية عبر القمع والقتل والاعتقالات والتهديد للعوائل؛ لذلك لم تتطور الاحتجاجات إلى ثورة تسقط النظام، في الوقت الحالي.

أيضاً عامل الاختلافات بين قيادات الشعوب غير الفارسية والمعارضة الفارسية، كان له دور في عدم تطور الاحتجاجات إلى ثورة، حيث إن للقوميات غير الفارسية توجهات وللمعارضة الفارسية توجهات أخرى، وهذا التقاطع في التوجهات ساهم في عدم وجود قيادة موحدة لقيادة الاحتجاجات في إيران، فكانت النقطة القاتلة للاحتجاجات وعدم انتشارها في جميع مدن إيران، لهذا السبب لم نشارك الاحتجاجات لأننا نرى أن الحراك الموجود الآن هو صراع بين أجنحة الحكم في طهران وصراع بين المعارضة الفارسية على من يحكمها، ولهذه الأسباب لم تتطور الاحتجاجات إلى ثورة”.

محاولة إسقاط النظام الإيراني 

عقب توسع رقعة الاحتجاجات في البلاد، اتهم النظام الإيراني جهات خارجية بالتدخل فيها وتشجيع الإيرانيين على الاستمرار، فيما ذكر الولايات المتحدة اسمياً.

رئيس اللجنة التنفيذية لـ”دولة الأحواز”، يقول: “لا أعتقد أن هناك أيادي خارجية وراء الاحتجاجات في إيران؛ فالاحتجاجات جاءت على مقتل الفتاة الكردية في طهران على يد ما تسمى «شرطة الأخلاق» والتي تتبع التيار المتشدد في طهران، وهناك تيار يسمى «التيار الإصلاحي» وهو استغل هذه الفرصة وتمَّ تأجيج الاحتجاجات من أجل الضغط على الجناح الآخر في السلطة وهو الجناح المتشدد، لكن الشعوب غير الفارسية وفي الداخل الفارسي استغلت الفرصة من أجل إسقاط النظام، وبالتالي خرجت إدارة الأزمة من بين يد المتشددين والإصلاحيين المتشاركين في الحكم وبدأ الخلاف بين المعارضة الفارسية في الخارج والنظام، وشهدنا شعار إسقاط النظام”.

وأردف: “لذلك دخل الأكراد والبلوش في الاحتجاجات على أمل أن تكون هناك قيادة موحدة بينهم وبين المعارضة الفارسية في الخارج لإسقاط النظام، ولكن وقع بينهم اختلاف وأصبحت الاحتجاجات بلا قيادة، أو بالأحرى كل يوم يخرج لنا قائد يدعي أنه قائد الثورة”.

وواصل كلامه: “الاحتجاجات هي شعبية وليست هناك أيادي خارجية ورائها وغياب القيادة جزء من عدم وصول الحراك في الشارع لأهداف، أيضاً لا توجد إرادة دولية لإسقاط النظام، وللأسف اكتفت الدول ببيانات الإدانة لأنها لا تريد إسقاط النظام الإيراني في الوقت الحالي، بل تستخدم الحراك في الشارع من أجل الحصول على أكبر قدر من المكاسب في ظل وضع النظام الإيراني الصعب وموقفه المتأزم في الشارع وعلى المستوى الإقليمي والدولي”.

ستيب: سامية لاوند

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى