حورات خاصة

هل بدأ “النسر السوري” بمرحلة أكل فراخه؟

الأسد والديناصورات الاقتصادية.. مرحلة التناحر والتصيّد

الحيوانات البرية قد تكون وحشية في معظم الأحيان، إن شعرت بأنها مهددة أو أمتلكها الجوع

وقد تفعل أشياء رهيبة لضمان بقائها على قيد الحياة، وهي إرادة الحياة التي يتشارك فيها الكون أجمع.

قد تتعجب عزيزي القارئ عندما تعلم أن هناك حيوانات تأكل صغارها لضمان بقائها على قيد الحياة

فالنسر مثلاً يعتبره البشر رمزاً للقوة والصمود والمواجهة هذا ظاهرياً أما ضمنياً فهو يقوم بأكل صغاره عندما لا يجد طعامه

ويعتقد العلماء أن ما يصل إلى 80 ٪ من جميع فراخ النسر الذهبي يموتون من الجوع أو من الأكل ..!!

قصتنا هنا ليست عن الحيوانات البرية ولا حتى عن النسور، ولكن هناك تشابه في حالة “النسر الذهبي”

عندما يواجهه مجاعة، وبين ما يحدث داخل قصر الشعب في دمشق بعد أن فقدت الليرة قيمتها

وبعد أن تيقن الجميع أن اقتصاد الدولة السورية بيد مجموعة من “الديناصورات” تتحكم بكل شيء .

مسرحية التوريث

ككورد سوريا لم نكن نعرف شيئاً عن بشار الأسد من مواليد ( 1965 ) فقد قيل بإنه درس الإبتدائية والثانوية في معهد الحرية

وهي مدرسة فرنسية في دمشق ، وجرى الإعداد العسكري السريع له فقد اتسم إعداده السياسي بالطابع الاستعجالي ( الحزبي – العسكري )

بعد انتقاله من مهنة الطب، وتمكن من استلام الحكم من والده بعد وفاته في17 يوليو 2000 م

ودخل قبة ( البرلمان ) بالتصفيق والزغاريد، وتفائل الناس خيراً عسى ولعل أن تتجه الأوضاع في سوريا

نحو الحداثة والتطور والانفتاح السياسي ويكون خيراً من سلفه، ويرفع في عهده يد الأجهزة الأمنية عن رقاب الناس

ويتم القضاء على الفساد والمحسوبية إلا أن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن.

تطور الفساد والمحسوبية بعد عام 2000م

باشر حكمه بدعم كامل من أعمدة الفساد في سوريا من بينهم عائلة “المخلوف”، وقام باستنزاف ثروات البلاد

وانتهاك حقوق الإنسان وتعذيب كل صوت معارض له تحت ذريعة محاربة “سرطان الإرهاب”

في جميع أنحاء البلاد، و كانت للمناطق الكوردية نكهة خاصة من التهميش وإبقاء المراسيم السابقة على حاله

وفرض سياسة التجويع لإجبار الناس على ترك أرضهم وقراهم، و العمل بالإجراءات الإستثنائية المتبعة بحق الشعب الكوردي في سوريا

من خلال رفض إعادة الجنسية للآلاف الكورد السوريين، وملاحقة النشطاء والسياسيين وفرض حصار إقتصادي

وتحديداً في ( كوباني والدرباسية) التي كانت تعانيان العطش والجوع رغم قرب نهر الفرات من كوباني ب 30 كم 

حيث اعتبرها النظام مناطق حدودية محرمة للبيع والشراء، واستمر مسلسل هذه السياسة الهمجية

بحق المناطق الشمالية الشرقية بجميع مكوناته وقومياته حتى عبورنا الى 2011 م ودخولنا مرحلة جديدة من الصراع .

الفشل في ترجمة الأقوال إلى الأفعال ؟

بعد 2011 م وقيام الثورة السورية إتبع النظام سياسة المواجهة والتهديد والأعتقال مع المتظاهرين السلميين

بدلاً من أن يقوم بالبحث عن الحلول السياسية والإقتصادية، واتبع هذه السياسة طوال عشر السنوات التي مضت 

وترقب الناس عسى أن يكون ( هذا الرئيس) خير خلف لذلك سلف ، وبفضل الدعم الدولي والإقليمي الدائم لعائلته

وتكريس مؤسسات الدولة خدمةً لدائرته الضيقة ، التي لا زالت تسيطر على المؤسسات العسكرية والاقتصادية

فيما بعد أظهر” الأسد” و منذ وقت قريب أنه لا أحد يستطيع زعزعة استقراره أو إزاحته عن كرسي السلطة و الحكم 

فجاءت إنتفاضة آذار 2004 م ليكشف جميع أوراقه وزيف أقواله و تعهداته للجميع على الملأ.

الخلاف على تقاسم الغنائم

في الآونة الأخيرة أعلن الإعلام الروسي المقرب من ” الكرملين ” الحرب على النظام السوري من خلال الكشف عن المستور

حول ما يجري داخل “العائلة المالكة” والخلافات التي احتدمت بينهم حول تقاسم “الغنائم” التي استولوا عليها من الشعب السوري

خارج إطار مؤسسات الدولة، و تم فتح الكثير من الملفات على مصراعيها بعد أن وصلت قيمة الليرة السورية

الى 1300 مقابل الدولار، وبالتالي شارفت خزينة الدولة على الإفلاس بعد أن استنزفت في الحروب الداخلية طوال السنوات الأخيرة من عمر الثورة .

الإنقلاب الروسي المفاجئ على النظام

في هذا الإطار قامت منظمة روسية تطلق على نفسها أسم “صندوق حماية القيّم الوطنية” مقربة من الأجهزة الأمنية

ومكتب الرئيس الروسي بوتين ، إجراء استطلاع للرأي العام في سورية واستخلصت نتائجه

التي كانت واضحة أن “الشعب السوري لا يريد الأسد”، واعتبر المراقبون أن المساعي الروسية باءت بالفشل في إصلاح جيش النظام 

بسبب حجم الفساد المستشري في جميع مؤسسات الدولة، مما جعل منه شريكاً عاطلاً لا يقوم بأي دور

ولا يمكن أن يعول عليه في المهمة مقابل ثمن إقتصادي وسياسي قد كلف موسكو إستخدام حق النقض “الفيتو” 12 مرة والملايين من الدولارات .

مرحلة التناحر والتصيد

بدأ منذ فترة وجيزة احتدام الصراع بين ديناصورات الاقتصاد السوري فكان للإعلام الروسي دوراً هاماً في الكشف عن المستور

وإذكاء التوتر والنار ، كون المقالات والتقارير الصحافية واستطلاعات الرأي جميعها تشير إلى وجود شك

لدى روسيا في إمكانيات الأسد، وعدم إمكانية التمسك بشخصه للاستمرار في حكم سوريا، بل إنه يسير بموسكو خطوة بخطوة

نحو السيناريو الأفغاني المؤرق لها، وتأكيداً على ذلك هو الظهور المفاجئ لرامي مخلوف المعروف

بإمبراطور الاقتصاد السوري الذي لم يترك شركة أو مؤسسة إلا وكان له “حصة الأسد ” فيها

وخرج على الملأ مناشداً الأسد بالتدخل لإنقاذ شركاته من الإنهيار و إعفائه من الضرائب المتراكمة عليه 

وبحسب التقارير الروسية فإن رامي مخلوف يملك العديد من كبريات الشركات السورية

وأنه كان يسيطر على 60 % في المئة من الإقتصاد السوري قبل إنتفاضة 2011م 

اقرأ أيضًا: حكومتا النظام السوري والمعارضة يعلنان عن نتائج كورونا في مناطق سيطرة كل منهما

وبحسب صحيفة التايمز البريطانية فإن سبب الخلاف بين الأسد ومخلوف هو رفض الأخير سداد ديون الحرب الأهلية المشتعلة في البلاد

وأن الأسد حاول استخدام أموال مخلوف لتمويل ميليشياته للقتال معه في محاولات بسط السيطرة

على كافة المدن والبلدات السورية ، ومن هنا يمكننا القول إن الصراع داخل حلبة الديناصورات

كان خافياً لكنه ظهر للعلن بعد أن إبتلع الحرب الأخضر واليابس وبدأ الجميع يشعر بالإفلاس 

وهذا هو السبب الذي دفع بالمخلوف ليقول : ( كنت أدعم الحرب والميليشيات ضد قوات المعارضة والآن أحتاج الى المكافئة )

ويبقى السؤال المطروح .. هل بدأ احتدام الصراع بين ديناصورات الاقتصاد السوري وانتهى عصر الهدنة والمساومة الداخلية ؟

الجواب نعم لأن الحرب ابتلع الأخضر واليابس والجميع بدأ يشعر بقرب نهاية حقبة المافيا في سوريا

، وبالتالي دخلنا مرحلة إعداد الحقائب والبحث عن الجهة الحاضنة والمستقبلة لرؤوس الفساد في سوريا

علي تمي / كاتب كردي

 

اقرأ أيضًا: وصلوا بطائرة من دمشق.. “قسد” تشتبه بحالات مصابة بفيروس كورونا وتحيلهم لمركز للحجر الصحي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى