مقال رأي

بشار الأسد بدأ حملته الانتخابية

يبدو أن ما أشيع وقد علقنا عليه تفصيلاً في مقال سابق حول اجتماع عقد في قاعدة حميميم الروسية ضم شخصيات أمنية سورية وأخرى (إسرائيلية) برعاية (روسية) كان في أحد اهتماماته هي مباركة ترشيح الأسد للرئاسة لمرحلة دستورية جديدة تمكنه من البقاء في قصر الرئاسة، ربما حتى يشتد عود حافظ الصغير ولا يضطر أركان النظام لتعديل الدستور إذا ما تدخلت الإرادة الالهية واجبرتهم للخوض في مسرحية هزلية كما تلك التي حصلت عام ٢٠٠٠.

 

الواضح أن إشارة البدء كانت قد انطلقت من حميميم، وأجنح أن الصيغة التنفيذية وضعت لشيء من هذا، وعليه فقد بدأت الإدارة السياسية لـ “الجيش والقوات المسلحة” بالحملة (الانتخابية) رغم أن النتيجة محسومة ١٠٠٪، لكن ما هو لافت أن الدور الأكبر تبناه الروسي في هذا السياق، أقصد الانتخابات الرئاسية لجهة (التسويق)، وعليه بدأ فعلاً بتقديم بعض النصائح للإدارة السورية حول المقدمات الضرورية للدخول في الانتخابات.

 

وفي هذا السياق فقد أعلمني (طريف) من أصدقائي أن كلمات والحان أغاني النصر التي ستبث في سياق الأفراح والليالي الملاح قد أنجزت، وسيتم نشرها خلال مرحلة الاحتفالات والفرح بفوز الأسد بالحرب وفوزه اللاحق بانتخابات رئاسة الجمهورية (كمكافأة) من السوريين لقائدهم المقدام الذي هزم الإرهاب، وانتصر على المؤامرة الكونية.

اقرأ أيضاً: حركة سورية تضم علويين ترفض ترشّح الأسد لـ الانتخابات الرئاسية القادمة وتصفه بمجرم حرب

 

روسيا تقول ونحن معها فيما تقول أن كل من في الداخل سيصوتون لبشار الأسد ولو ترشح في مواجهته من فيه صفات الأنبياء والملائكة، وبشار وبنصيحة إيرانية كان قد أعلنها بعد عودته من اجتماع له مع الملالي في طهران وقد فندت هذا اللقاء من خلال حلقة للاتجاه المعاكس، هذه النصيحة مفادها أنه لا يجوز للسوريين خارج الحدود أن يصوتوا.

 

وعليه سأعود للوراء قليلاً لأقول إنه ومنذ بدايات الأزمة وقبل أن تتحول إلى ما يحاكي حرباً أهلية على طائفية أخذت طابع مواجهة مع (الإرهاب) وهذه كانت لعب مخابراتية بامتياز (لأؤكد هنا) كما كنت دوماً أنها (براغماتية) حافظ الأسد التي على أساسها بنى نظاماً قوياً يعرف ما يريد ويعرف بالتوازي كيف يصل لما يريد.

 

نعم منذ البدايات تصرف بشار الأسد وأركان قيادته التاريخية التي تعاطت مع المحنة السورية ليس كما شخصية اعتبارية (إلا من تم اغتيالهم في اجتماع لخلية الأزمة) بقدر ما تعاملت معها وكأنها شخصية طبيعية، غايتها البقاء والمحافظة على الذات، وهذا لا يستقيم في العلاقات الدولية التي تضبط حركتها وآليات تعاملها بعضها مع بعض مدى استمرار تدفق المصالح، فلا عاقل يقدم وطنه أرضاً وشعباً لمذبح (الأنا) وفي سقوط رخيص في (الأنانية) المنغرسة في (الذاتية).

اقرأ أيضاً: أحمد معاذ الخطيب يكشف حقيقة نيّة ترشحه للانتخابات الرئاسية السورية القادمة ويدعو السوريين لأمر

 

لقد تعاطى بشار الأسد بارتباط أو بمحض غباء، وانعدام أدنى درجات تحمل المسؤولية أو بشكل أدق عدم القدرة على التصدي لما خطط لسورية كونه لا يمتلك (الف – باء) كاريزما القائد، وبالتالي أوصل البلاد حيث هي الآن، ليس هذا فقط بل هو ينافق نفسه ممنياً إياها بانتصارات تاريخية وهو بذا يعتقد أن بقاءه على كرسي العرش هو مقياس أوحد للانتصار واضعاً يده بيد (القيصر) متعاوناً بلا إعلان مع (السلطان)، منسقاً على رؤوس الأشهاد مع حكومة الملالي، وهو يعلم أن الثلاثي الذي حالفه إنما هو انعكاس بشكل أو بآخر ولو بنسب متفاوتة لما يريده (الكيان) لسورية لجهة الموت والدمار وخراب الديار، فكان بشار الأسد هو المطية لمرور هذه المجزرة التاريخية، فآخر ما حرر وهو موجود وليس بمفاجئ.

اقرأ أيضاً: لماذا تبني روسيا مصالحها على شخصية “بشار الأسد” وهل ستدعم إجراء انتخابات الرئاسة 2021.. خبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي يكشف لـ”ستيب” نقاطاً هامّة

طبعاً لن يغيب عن الأذهان أن موسكو كانت أول عاصمة في العالم تعترف بالكيان عام ١٩٤٨، ليس هذا فقط، فروسيا الحالية وهي ليست امتداداً للاتحاد السوفييتي، بل هي بعث لأمجاد روسيا القيصرية، التي كان وزير خارجيتها يوماً ثالث اثنان هما (سايكس – بيكو) إلا أن قيام الثورة اليلشفية عام ١٩١٧ هو ما أدى إلى عدم تظهير دور روسيا القيصرية بتفتيت المنطقة العربية، فقد جاءت الثورة (الشيوعية) لتؤجله لا لتلغيه، ومع ذلك لازال بشار الأسد بمراهقة سياسية، وربما ما قبل بدائية يضع يده بيد كل من يمكنه من البقاء على الكرسي ولو كان هذا الآخر من أشد داعمي الدولة العبرية وهنا (جوهر القضية) التي على أساسها يجب أن نضع مقياس وطنية بشار الأسد حيث اعتاد أن يعلمنا أن ما قام به وأدى إلى كل ما رأينا من قتل وحرق ودمار أنه كان بدوافع وطنية، متذرعاً بمؤامرة كونية، نحن لا ننفي وجودها بل نؤكد أنها بدأت فعلاً في اللقاء الذي جمع (اولبرايت) مع (الأسد) خلال مراسم دفن حافظ الأسد الذي كان له أن صادر سورية مغتصباً إياها ومسجلاً لها في سجل أملاكه الشخصية مورثاً إياها لبنيه من بعده لتكتمل أكبر سرقة موصوفة ربما في تاريخ البشرية .

 

الدكتور صلاح قيراطة: كاتب وباحث سياسي

مقال رأي|| بشار الأسد بدأ حملته الانتخابية
مقال رأي|| بشار الأسد بدأ حملته الانتخابية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى