أثار منشور المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، موجة استنكار وغضب واسعة في الأوساط المصرية، بعد أن تناول في صفحته الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي ذكرى حرب السادس من أكتوبر 1973 بطريقة اعتبرها كثيرون "تحريفًا فاضحًا" للرواية التاريخية وانتهاكًا لذاكرة النصر المصري.
تصريحات استفزازية
أدرعي كتب في منشوره الذي أرفقه بوسم “#السادس_من_أكتوبر”: “الحرب التي بدأت بمفاجأة كبيرة وانتهت بنصر عسكري إسرائيلي وفتحت أبواب السلام.”
وفي تفصيل منشوره قال إن إسرائيل "بوغتت في أقدس أيامها، يوم الغفران، حين اندلعت نيران الحرب"، مضيفًا أن الجيشين المصري والسوري حققا إنجازات ميدانية محدودة في بدايتها، "لكن إسرائيل قلبت الأمور رأسًا على عقب بعد أيام قليلة"، على حد قوله.
وزعم أدرعي أن جيشه "وصل إلى الضفة الغربية من قناة السويس، على بُعد 100 كيلومتر من القاهرة، وكانت دمشق في مرمى المدفعية الإسرائيلية"، قبل أن "توافق مصر وسوريا على وقف إطلاق النار وتوقّعا اتفاقيات لفض الاشتباك".
واختتم المتحدث الإسرائيلي منشوره بالقول إن "هذه الحرب وضعت حدًا للحروب بين إسرائيل ومصر وفتحت باب السلام في المنطقة مع أعظم دولة عربية"، في إشارة إلى اتفاقية كامب ديفيد الموقعة عام 1979.

ردود فعل غاضبة في مصر
ما كتبه أدرعي فجّر موجة انتقادات حادة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، حيث رأى ناشطون ومحللون أن حديثه يمثل "محاولة سافرة لتزييف الحقائق"، وتغيير جوهر الحرب التي مثّلت انتصارًا تاريخيًا للجيش المصري واستعادة لكرامة العرب بعد نكسة 1967.
وأعاد العديد من المعلقين التذكير بأن عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف خلال ساعات قليلة كان بمثابة نقطة تحول استراتيجية قلبت موازين القوى في المنطقة، وأجبرت إسرائيل على القبول بمسار السلام لاحقًا من موقع ضعف، لا من موقع قوة كما يحاول أدرعي الإيحاء.
الفقي: “أدرعي يكذب ويتنفّس الكذب”
وفي تعليقه على تصريحات أدرعي، شنّ الشيخ سعد الفقي، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق والكاتب والباحث الإسلامي، هجومًا لاذعًا عليه، متهمًا إياه بنشر “أكاذيب متعمّدة حول حرب أكتوبر”، وواصفًا إياه بأنه “يكذب ويتنفّس الكذب، وتلميذ نجيب في مدرسة الكذب الصهيونية–الأمريكية”.
وقال الفقي في تصريحات صحفية: “لقد أصابه العمى، فلم يعد يميّز بين الغثّ والسمين. ألم يسمع عن خط بارليف الذي كان يُروَّج له على أنه لا يقهر، ثم دُمّر بالكامل في ساعات معدودة؟ إنها فضيحة بجلجلٍ في حق الصهاينة ما زالت تلاحقهم حتى اليوم.”
وأضاف أن حرب أكتوبر كانت وستبقى “درسًا قاسيًا للصهاينة وغصّةً في حلوقهم حتى يرث الله الأرض ومن عليها”، مطالبًا أدرعي "بالتوقف عن الكذب واعتزال التضليل، فقد انكشف أمره مرّات عديدة".
“إسرائيل دولة قائمة على التدليس”
وشدد الفقي على أن “إسرائيل منذ وعد بلفور المشؤوم تقوم على التدليس والكذب والتضليل”، معتبرًا أنها “دولة هشة” ثبت ضعفها “من خلال مواقف المقاومة التي مرمطت كرامتها في الوحل رغم امتلاكها أحدث الأسلحة وأكثرها تطورًا وفتكًا”.
وختم بالقول إن “الحقائق التاريخية لا تُطمس”، وإن “انتصار أكتوبر سيبقى شاهدًا على إرادة الأمة وقدرتها على كسر أسطورة التفوق الإسرائيلي، مهما حاول البعض تزييفها أو طمسها”.
إرث لا يُمحى
ويرى مراقبون أن منشور أدرعي يأتي في إطار محاولات دعائية إسرائيلية متكررة لإعادة صياغة الذاكرة التاريخية حول حرب 1973، في ظل ما تعيشه إسرائيل من مأزق وجودي وسياسي داخلي اليوم.
لكن بالنسبة للمصريين، تبقى ذكرى السادس من أكتوبر رمزًا للفخر الوطني، ومثالًا خالدًا على قدرة الشعوب على قهر الاحتلال واستعادة السيادة مهما طال الزمن.