شهدت العاصمة السورية دمشق اليوم، الخميس 9 تشرين الأول/أكتوبر 2025، افتتاح المعرض التفاعلي الموسيقي "على خطى الموسيقى" في دار الأوبرا، ضمن مشروع فني وثقافي واسع يهدف إلى توثيق وإحياء التراث الموسيقي الشعبي في بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين. يأتي هذا الحدث بتنظيم من مؤسسة "العمل للأمل"، التي تعمل منذ سنوات على دعم الفنون المحلية وتوثيق الموروث الثقافي في المنطقة.
احتفاء بالإرث الموسيقي الشرقي
المعرض، في نسخته الرابعة بعد أن طاف بين لبنان والأردن والعراق، يحتفي بالتقاليد الموسيقية الغنية لأحد عشر مجتمعاً من لبنان وسوريا والأردن والعراق. ويعرض لزوار دمشق تجربة تفاعلية فريدة تدمج بين الصوت والصورة والذاكرة، عبر مجموعة واسعة من الآلات الموسيقية الشعبية التي تشكّل العمود الفقري للموروث الفني في هذه المنطقة التاريخية.
تتوزع أقسام المعرض لتغطي مراحل تطور الموسيقى منذ العصور القديمة، مع إبراز الخصوصيات المحلية في كل منطقة، مثل العود، البزق، الناي، المجوز، الطبلة، الطنبور، والقانون، إضافة إلى أدوات نادرة أعيد ترميمها خصيصاً للعرض.
تجربة تفاعلية تربط الماضي بالحاضر
ما يميز المعرض أنه لا يكتفي بالعرض البصري، بل يقدم للزائر تجربة حسية تفاعلية. إذ يمكن للزوار الاستماع إلى مقاطع موسيقية أصلية من القرى والمدن في سوريا والعراق ولبنان والأردن، تم تسجيلها خلال سنوات من البحث الميداني، إلى جانب شاشات تفاعلية تتيح التعرف على تاريخ كل آلة، وموقعها في الموروث الشعبي لكل مجتمع.
كما تتضمن الفعالية ورشات عمل وعروضاً حية يقدمها موسيقيون شباب أعادوا إحياء نغمات تراثية بأسلوب معاصر، في محاولة لربط الأجيال الجديدة بجذورهم الثقافية من خلال الفن والموسيقى.
كلمة المنظمين وأهداف المشروع
في كلمة الافتتاح، أكدت مؤسسة العمل للأمل أن الهدف من المشروع هو "إعادة الاعتبار للموسيقى الشعبية بوصفها ذاكرة حية وهوية ثقافية مشتركة تتجاوز الحدود السياسية"، مشيرة إلى أن هذه الموسيقى كانت على الدوام لغة توحيد للشعوب في المنطقة، رغم اختلاف اللهجات والانتماءات.
وأوضحت المؤسسة أن المعرض يمثل محطة جديدة في رحلة توثيق طويلة تشمل تسجيلات ميدانية، بحوث أكاديمية، وأرشفة رقمية للآلات والنغمات، تمهيداً لإطلاق مكتبة موسيقية تفاعلية رقمية تضم كنوز التراث الموسيقي للشرق الأوسط.
تفاعل جماهيري ورسالة ثقافية
حظي افتتاح المعرض بإقبال واسع من الفنانين والباحثين والمهتمين بالموسيقى والتراث، حيث شكّل فضاءً للحوار بين الأجيال حول تطور الفنون الشعبية ودورها في تشكيل الهوية الثقافية. كما أشاد الحضور بمستوى التنظيم والإخراج البصري، الذي جمع بين العرض الفني والتقنيات الحديثة في تجربة مبهرة تمزج الماضي بالحاضر.
من المتوقع أن يستمر المعرض في دمشق لعدة أسابيع، قبل أن ينتقل إلى مدن سورية أخرى، في خطوة ترسّخ أهمية الموسيقى كجسر للتواصل الإنساني والثقافي في المنطقة.