شهدت العاصمة الأفغانية كابول مساء الخميس انفجارين متتاليين هزّا وسط المدينة، في حادثٍ أثار موجة من التساؤلات حول الجهة المسؤولة وتوقيته اللافت.
ووفقًا لوكالة فرانس برس، وقع الانفجار الأول قرابة الساعة التاسعة وخمسين دقيقة مساءً بالتوقيت المحلي، أعقبه انفجار ثانٍ بعد دقائق، فيما سُمع دويّهما في مناطق واسعة من العاصمة.
تحقيقات طالبان واستنفار أمني في العاصمة
المتحدث باسم حكومة طالبان، ذبيح الله مجاهد، أعلن عبر منصة "إكس" أن "الحادث قيد التحقيق، لكن لم تُسجل أي إصابات حتى الآن"، مضيفًا أن التفاصيل ستُعلن لاحقًا.
ورغم التطمينات الرسمية، شهدت العاصمة استنفارًا أمنيًا واسعًا، إذ انتشرت قوات طالبان في الشوارع وشرعت بتفتيش السيارات، بينما أُفيد عن انقطاع مؤقت في خدمة الهاتف المحمول في عدة أحياء، في وقت تداول فيه سكان كابول مشاهد تُظهر تحليق طائرات مسيّرة في الأجواء.
تزامن الانفجارات مع زيارة دبلوماسية إلى الهند
تزامن الحادث مع زيارة وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي إلى الهند، في إطار تحركات طالبان لكسب دعم دولي أوسع، بينما لا تزال روسيا الدولة الوحيدة التي تعترف رسميًا بحكومة الحركة.
تقارير: مقتل زعيم طالبان باكستان في غارة جوية داخل كابول
لكن المفاجأة جاءت من قناة "آمو تي في" الأفغانية، التي نقلت عن مصادر أمنية أن زعيم حركة طالبان باكستان قد قُتل في غارة جوية استهدفت مجمعًا داخل كابول مساء الخميس.
وأضافت المصادر أن الضربة "استهدفت موقعًا يُعتقد أنه يستخدم كملاذ آمن"، إلا أن التفاصيل ما زالت غير واضحة حتى اللحظة، ولم تصدر باكستان أي بيان رسمي يؤكد أو ينفي مسؤوليتها عن الغارة.
أول رد فعل سياسي
وفي أول رد فعل سياسي بارز، أدان رانجين دادفار سبانتا، مستشار الأمن القومي للرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، ما وصفه بـ"الهجوم الباكستاني على كابول"، معتبرًا أنه انتهاك واضح للسيادة الوطنية الأفغانية.
وكتب سبانتا على مواقع التواصل الاجتماعي:
"أدين بشدة هجوم باكستان على كابول. باكستان دولة معتدية انتهكت سيادتنا والقانون الدولي. يجب إدانة هذا العدوان".
وأضاف أن "كابول هي قلب البلاد، ولا يمكن لأحد أن يُبدي تعاطفًا مع طالبان أو أنصارها في هذه الحالة"، مؤكدًا أن أي هجوم أجنبي على الأراضي الأفغانية هو عمل ضد السيادة الوطنية، داعيًا المجتمع الدولي إلى "رفع صوته ضد مثل هذا العدوان".
معلومات استخباراتية أميركية: الجيش الباكستاني وراء الغارة
وفي سياق متصل، أدلت سارة آدامز، وهي ضابطة سابقة في وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA)، بتصريحات قالت فيها إن لديها معلومات أولية غير مؤكدة تشير إلى أن الجيش الباكستاني استهدف مفتي نور ولي محسود، زعيم حركة طالبان باكستان، في غارة جوية على ساحة عبد الحق في كابول.
وكتبت آدامز عبر حسابها على منصة "إكس":
"فرقنا موجودة في كابول لجمع المزيد من المعلومات حول هذا الأمر وسوف نشاركها لاحقًا".
وأضافت أن محسود كان قد حصل على بيت ضيافة خاص من وزارتي الداخلية والدفاع في حكومة طالبان، ما يعزز الشبهات حول علاقات متداخلة بين طالبان الأفغانية ونظيرتها الباكستانية.
وأكدت مصادر في كابول والمتحدث باسم طالبان وقوع الانفجارات، مع استمرار التحقيقات دون تأكيد رسمي حول مقتل أو إصابة زعيم الحركة حتى الآن.
مؤتمر مرتقب للجيش الباكستاني لشرح الموقف
وفي تطور لاحق، أعلن مكتب الإعلام والعلاقات العامة في الجيش الباكستاني أن المتحدث العسكري سيعقد مؤتمرًا صحفيًا في بيشاور غدًا، وذلك بعد استهداف سيارة يُعتقد أنها كانت تقلّ زعيم حركة طالبان باكستان في كابول.
ولم يُكشف بعد ما إذا كان المؤتمر سيؤكد مسؤولية باكستان عن الغارة أو يعلّق رسميًا على التقارير المتداولة، إلا أن الإعلان بحد ذاته يعزز الترقب داخل باكستان وخارجها لما سيصدر من المؤسسة العسكرية.
تأتي هذه التطورات في وقت أكّد فيه مسؤولون من حركة طالبان أن الضربات الجوية التي وقعت في كابول مساء الخميس نُفذت بواسطة طائرات باكستانية، ما قد يشعل أزمة جديدة في العلاقات بين البلدين بعد شهور من التوترات الحدودية.
ويرى مراقبون أن ما حدث قد يكون تحولًا جديدًا في معادلة الصراع الباكستاني – الأفغاني، خاصة مع تزايد هجمات حركة طالبان باكستان ضد الجيش الباكستاني من داخل الأراضي الأفغانية خلال الأشهر الماضية، وسط اتهامات متبادلة بين كابول وإسلام آباد بشأن دعم الجماعات المسلحة عبر الحدود.
حتى الآن، لا إجابات حاسمة. فبين بيانات طالبان الغامضة وصمت باكستان المطبق، تبقى كابول ساحةً مفتوحة للاحتمالات، في مشهدٍ يعيد التذكير بأن الهدوء في أفغانستان هشّ، والسلام فيها مؤجل.